بُثَّ في إحدى الإذاعات سؤال على الهواء مباشرة بوصفه مسابقة تقدمها الإذاعة لمستمعيها، وكانت هناك جائزة قيمة للإجابة عن السؤال الذي كان كالآتي:
«هنالك منطادٌ يحمل 4 علماء في تخصصات مختلفة: عالم فيزياء، وعالم كيمياء، وعالم فلك، وعالم أحياء. وفجأة ومن دون سابق إنذارٍ، بدأ المنطاد يترنح، وواجهتهم مشكلة كبيرة وأصبح يلزمهم رمي أحد العلماء لكي يتحايلوا على المشكلة وينجوا بأنفسهم بسبب الوزن الزائد، والسؤال هو: أي من العلماء الموجودين على ظهر المنطاد يجب رميه للتخلص من هذه المشكلة في نظركم؟»
تلقت الإذاعة اتصالاتٍ كثيرةً جداً للفوز بالجائزة المخصصة لهذا السؤال، وكان مع كل إجابة تحليلٌ علميٌّ لسبب اختيار العالم الذي سوف يتم رميه من بين العلماء الأربعة الموجودين على ظهر المنطاد، لكن المفاجأة كانت هي أن الجائزة صارت من نصيب طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، إذ ببساطة أجابت: نرمي أثقلهم وزنا!
هذه الطفلة استخدمت بساطتها وعفويتها في حل مشكلة ترى أن من الواجب حلها بأسرع وقت ومن غير تنظير، وهو ما نحتاجه في حياتنا في كثير من المواقف والعثرات التي تتطلب تدخلاً سريعاً وبسيطاً كي ننقذ أمراً كبيراً ومهما.
فنحن لا نحتاج إلى كثير من التحليلات والخوض في التفاصيل كي نتوصل إلى حلول لمشكلاتنا، بل نحتاج حسماً يجنبنا تكرار حيثيات المشكلة وتكرار تفاصيلها والخوض في الجوانب المتعلقة بها وتوسيع دائرتها، وبالتالي ضياع الوقت من بين أيدينا وتفاقمها؛ ففي كثير من الأحيان يكون الحل أمامنا واضحاً لمن هو خارج دائرة العقدة، ولبساطته لا نلتفت إليه لأننا اعتدنا التعقيد والدوران حول المشكلة وكأنها مركز الكون.
هناك بعض الأمور وبعض المواقف التي تحتاج إلى جهد كبير لتجاوزها مما لا شك فيه، وتحتاج لمعرفة بعض الأمور المتصلة بها وخصوصًا تلك التي تراكمت وأخذت وقتا طويلاً، ولكن هل كل مشكلة معقدة وكبيرة تحتاج حلا معقداً؟
الحياة جميلة حين تكون بسيطة خالية من التعقيد، وهو ما يتذكره أهالينا الذين عاشوا فتراتهم الذهبية ببساطة وبأيسر الأمور، وكانوا برغم عدم تعلمهم وعدم اطلاعهم على كل هذه النظريات والعلوم الحديثة قادرين على حل مشكلاتهم التي كانت تبدو لهم كبيرة في بعض أحيان بكل تأكيد. حلوا مشكلاتهم بحلول بسيطة لا تحتاج لكل هذا التعقيد الذي أسرنا أنفسنا بداخله.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ