لم يصل الوضع في البحرين إلى الصورة التي يأمل الناس ويتمنون، سواء على مستوى الحريات والشفافية، أو على الصعيد السياسي والعلاقات بين أطرف العمل المنظم. وعلى رغم ما يبدو خلافا مستشريا، فإن الناظر إلى الساحة يمكنه أن يلحظ أن الأمور تسير باتجاه الوصول إلى تسويات، أو شبه تسويات، لن ترضي الكل، لكنها ستسمح بالذهاب إلى الأمام، مؤقتا، على أن يستمر الجدل و(التحلطم)، من القطاعات المختلفة... هذا يقول إن العملية الديمقراطية تسير بطيئة، وآخر يقول إن الطرف الفلاني «لا يملأ عينه إلا التراب». إن مسار العمل يسير باتجاه التلاقي والتهدئة، ومؤشرات ذلك لا تبدو غائبة. فقد أعطت الحكومة أكثر من علامة على لسان جهات قريبة منها، (مثل جمعية ميثاق العمل الوطني)، على أنها يمكن أن تتفهم بعض مطالب المعارضة، وأن تصل إلى حلول بشأنها، بما في ذلك البحث في إمكان الوصول إلى حل ما لإشكالية المجلسين. كما أعطت المعارضة مؤشرات أكثر تقدما، بأنها مستعدة للذهاب كثيرا إلى الأمام، حين صرحت بأنها يمكن أن تقبل بإجراء التغييرات الدستورية من خلال البرلمان الحالي. وفي الواقع فإن هذا تحول نوعي في خطاب المعارضة، لا يبدو أن الحكومة أدركت انعكاساته...، ومعلوم أن الأقطاب التي عبرت عن ذلك واجهت ضغوطا من لوبي الدستوريين، وقوى مقاطعة، إذ اعتبر هذا التصريح «تفريط في الحقوق». هذا الجدل إيجابي، ويجب إتاحة فرصة أكبر لكل الآراء، حتى إذا بدت بعض القطاعات متخوفة من أن تكون الأجندات الخفية هي التي تشتغل، فذلك جزء من اللعبة... وهذا ما يجعل التحالف الرباعي، مثلا، يتخذ قرارا بتخفيض مستوى المشاركة في ندوة الصلاحيات الحقيقة للبرلمان التي سينظمها معهد NDI بالتعاون مع جمعية المنبر الإسلامي. يمكن للراصد أن يقارن بين الخطابات المختلفة المعارضة اليوم وقبل عام، وأن يلحظ بعض الفوارق
العدد 457 - السبت 06 ديسمبر 2003م الموافق 11 شوال 1424هـ