العدد 457 - السبت 06 ديسمبر 2003م الموافق 11 شوال 1424هـ

الوسط - منصورة عبدالامير

JFK... نهاية حلم

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

تظل قضية اغتيال الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ أميركا الحديث، ويظل كينيدي الغائب الحاضر في أذهان الأميركان الذين فقدوا بمقتله جزءا من الحلم الأميركي إن لم يكن كله، فكنيدي بماله وما عليه سار في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق هذا الحلم بوضع حجر الأساس للدولة الكبرى التي تسعى إلى تطبيق مبادئ الديمقراطية والحرية ونشر مفاهيم الحب والسلام، وإن كان ذلك على الطريقة الأميركية. لكن من قتلوه أبوا ذلك وأرادوا لأميركا مستقبلا آخر يحكيه واقعها اليوم.

جون كينيدي راح ضحية أطماع صنّاع سياسة الولايات المتحدة الذين لم يرتضوا سيرته ولم تأت سياساته على هواهم، وسواء قُتل بمؤامرة أو من غير تآمر، فانه اغتيل على أية حال لتُغتال معه أحلام جيل كامل وأمة بأكملها، قُتل لتتحول سياسات هذه الدولة الى شبه النقيض لما فعله وما أقره فيما يتعلق بالكثير من القضايا.

قضية الاغتيال هذه أرقت أرملته الحزينة جاكلين التي عاشت بعيون ملؤها الألم والحزن حتى وفاتها في بداية التسعينات والتي حاولت الانتحار مرارا لتلحق بزوجها، وفي وقت أرقت قضية الاغتيال هذه الكثيرين ممن رفضوا الانخداع بأكاذيب الـ «سي اي ايه» الواهية، والذين شهدوا بأم عينهم مقتل جميع المبادئ التي لم يمهل القدر كينيدي ليحققها، فسعوا الى معرفة الحقيقة كاملة من غير نقصان. من بين هؤلاء جيم غاريسون، النائب العام في نيو أورليانز، بولاية لويزيانا، الذي حاول في العام 1969 وبكل ما أوتي من سلطة أن يتوصل الى الحقيقة كاملة ليعرف من ولماذا وكيف قتل كينيدي.

فيلم JFK يعرض رحلة غاريسون هذا في الوصول الى الحقيقة، ليكون الناتج أشبه بفيلم وثائقي تتخلل قصته الكثير من المشاهد التوثيقية المقدمة كأدلة من سجلات القضية. تحريات غاريسون كشفت وجود مؤامرة دنيئة راح ضحيتها الرئيس ومن بعده حلم الشعب الأميركي بأكمله، مؤامرة أطرافها هم جهاز المخابرات الأميركية والشرطة الفيدرالية، وشرطة مدينة دالاس وبعض الرؤوس الكبيرة في الدولة، أما التنفيذ فقد تركه غاريسون إلى المعارضين الكوبيين الذين اشتد حنقهم على كينيدي بعد فضيحة خليج الخنازير، وسواء كان غاريسون محقا أم لا، فانه أماط اللثام عن حقائق كثيرة تتعلق بالسياسات الأميركية في الداخل والخارج.

الفيلم طويل لكنه ممتع بما يحويه من حقائق تاريخية وبأداء ممثليه الرائع ابتداء من كيفن كوستنر ذي العينين الغامضتين، اللتين تمكنه دلالاتهما الحادة والعميقة من تقمص مختلف الأدوار والشخصيات. وطبعا لم يكن كوستنر الوحيد بل ان جميع الممثلين ككيفن بيكون وتومي لي جونز وغيرهما، برعوا جميعا في أداء أدوارهم وفي اجادتهم للكنة الستينات ما أنتج فيلما رائعا بكل المقاييس.

أما المخرج أوليفر ستون الذي عودنا دائما على التعرض للحقائق من دون أي تحيز كعادة مخرجي هوليوود، فقد عرض الكثير من التفاصيل في الفيلم اعتمادا على حوادث حقيقية. أوليفر جاء جريئا كالعادة في طرحه وكشفه للحقائق وهو الأمر الذي أثار غضب الكثير من النقاد والمهتمين بالشئون السياسية في هذا البلد، لا لشيء الا لأنهم وجدوا فيه تعرية لقذارة السياسة الأميركية حتى حين يتعلق الأمر بأميركا نفسها.

جميعهم اتهموا ستون الذي شارك زاكري سكلر في كتابة سيناريو القصة ونصها، بتشويه القصة الحقيقية لجيم غاريسون وبإقحامه للكثير من الشخصيات والتفاصيل التي لم يكن لها وجود في الواقع أو تلك التي لم تكن على صلة بالقضية. وسواء كان ذلك صحيحا أم لا، فإن ستون قدم فيلما ذا حبكة متماسكة، وان لم يخل الأمر من مبالغات هوليوود التي تأتي بقصد الإثارة وجذب المشاهدين، كما إنه أحسن اختيار ممثليه وأجاد، بل برع في تضمين المشاهد التاريخية لإثبات حجته.

فيلم JFK مختلف في نهجه وطرحه عن معظم أفلام هوليوود وهو فيلم يستحق المشاهدة وان أدى بالمشاهد إلى التعاطف مع الشعب الأميركي ضحية سياسات حكومته. يذكر ان الفيلم الذي أنتج في العام 1991 وعلى رغم كل الجدل الذي اثير حوله حتى اعتبره البعض اكثر افلام هذا المخرج المثير للجدل اثارة، فاز بجائزة الأوسكار للعام نفسه لأفضل تصوير سينمائي وأفضل مونتاج، كما رشح للحصول على جائزة أفضل ممثل في دور ثانوي، وأفضل اخراج وموسيقى وأفضل تقنيات صوتية وفنية وافضل نص.

أوليفر ستون، المثير للجدل، اثار الجدل بهذا الفيلم الذي لا يمكن نكران تميزه بأي حال من الأحوال

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 457 - السبت 06 ديسمبر 2003م الموافق 11 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً