على رغم الانتشار الواسع للمصارف الاسلامية في الساحة المحلية والاقليمية والدولية فإن الكثير من الناس مازالوا يجهلون هذه المصارف وآلية عملها وأدواتها الاستثمارية والفروق بينها وبين المصارف التقليدية بل وللأسف الشديد يعتبرونها مساوية تماما للمصارف التقليدية. وسنحاول من خلال مجموعة من المقالات أن نعرّف الناس بهذه المصارف وآلية عملها وأهم أدواتها الاستثمارية علنا نزيل عن بعض القراء الكرام ما استقر في عقولهم من مغالطات عن المصارف الاسلامية. وقبل أن نتحدث عن كيفية نشأة المصارف الاسلامية وتاريخها أحب أن أشير إلى نقطة مهمة قد لا يعلمها الكثير من القراء الكرام، وهي أن الربا حرم في جميع الديانات السماوية السابقة إلا أن الدين الاسلامي ظل هو الدين الوحيد المتمسك بتحريم الربا ولم يحلله أو يقره بأية صورة أو شكل من الاشكال ما يشكل مصدر فخر واعتزاز لهذا الدين وأهله. وهذا الكلام لسنا نقوله نحن المسلمون بل يقوله الغربيون أنفسهم إذ كتبت عدة رسائل دكتوراه عن هذا الموضوع في الجامعات الغربية.
وقد بدأ تاريخ المصارف الاسلامية مع مطلع الستينات من القرن العشرين بإطاره النظري إذ أعدت وكتبت الكثير من البحوث عن آلية تأسيس المصارف الاسلامية وشهدت السبعينات مرحلة تأسيس المصارف الاسلامية إذ تم تأسيس أول بنك اسلامي وهو بنك دبي الاسلامي في العام 1970 بينما كان عهد الثمانينات هو عهد اثبات المكانة والجدارة لهذه المصارف. أما عهد التسعينات فقد شهد الانطلاقة الدولية للمصارف الاسلامية إذ بلغ عددها مع نهاية العام 2000 (187) مصرفا منتشرا في أرجاء العالم وتدير أصولا يزيد حجمها على 200 مليار دولار.
وتعتبر مملكة البحرين المركز المالي العالمي للمصارف الاسلامية في العالم إذ تحتضن على أرضها حوالي 26 مؤسسة مالية اسلامية و6 شركات تكافل و38 صندوقا استثماريا اسلاميا. كما ساهمت المملكة في انشاء الكثير من الهيئات والمؤسسات الدولية الداعمة للصناعة المصرفية الاسلامية. ومنها على سبيل المثال هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الاسلامية ومركز إدارة السيولة والمجلس العالمي للمؤسسات المالية الاسلامية. وسنستعرض في المقال القادم بإذن الله أهم الأسس التي تقوم على أساسها المصارف الاسلامية بالاضافة الى بعض الفروقات بينها وبين المصارف التقليدية. * كاتب بحريني
العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ