العدد 455 - الخميس 04 ديسمبر 2003م الموافق 09 شوال 1424هـ

قيم وأعراف خاصة بالعرب

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

منذ فجر التاريخ حتى وقتنا الحالي نرى المرأة في غالبية بيئات مجتمعاتنا العربية مشكلة بل ومصنفة وفقا لأهواء هذه البيئة أو تلك... ويجد بعض المحللين والدارسين لأوضاع المجتمعات العربية والمرأة تحديدا ان ذلك نتيجة نوع من الاضطهاد النوعي والقانوني والعرفي إزاء المرأة عموما.

المرأة ببساطة كانت لاتزال ضحية النظام «الأبوي» المروج والمفعل للقيم الذكورية التي تجعل من المرأة أدنى وضعا ومكانة من الرجل الذي لا يعترف بها على الدوام ككيان يمثل نصف المجتمع وأساسه البيولوجي.

وعلى رغم خروج المرأة إلى سوق العمل وتلقيها العلم حتى المراحل الجامعية العليا وتقلدها بعضا من المراكز القيادية والرئاسية في كلا القطاعين العام والخاص فإن المجتمعات العربية لاتزال تروج صورتين متناقضتين عنها؛ فهي في الوقت الذي تقلدت المراكز القيادية نجد تهميشا لصورتها اجتماعيا وخير دليل على ذلك نظرة الرجل العربي إلى المرأة التي ترشح نفسها في الانتخابات النيابية وسعيها إلى الانخراط في العمل السياسي على المستويين الأهلي والرسمي.

قد يكون الجانب الرسمي تجاوز بعضا من هذه الأمور لإعطاء صورة متناسبة للدولة الحديثة أمام العالم الخارجي غير ان الأفكار السائدة والمتفشية على مستوى الأوساط الشعبية لاتزال تروج صورا وأفكارا خاطئة عن المرأة في حال ارادت ان تلعب دورا سياسيا يؤهلها للخوض في معترك الحياة السياسية والبرلمانية وقد تكون هناك بعض النماذج الحية التي لاتزال ماثلة أمام أعيننا في بعض المجتمعات الخليجية.

وبسبب هذه الأفكار والصورة الخاطئة للمرأة العربية تتحول المرأة مع مرور الوقت إلى صورة أخرى بل وجنس آخر، وهو يخلق تصورا سلبيا في نفسها... فتفقد ثقتها بنفسها وتتقوقع أكثر في مجتمعاتها المنغلقة ظنا منها ان ذلك هو الصواب، بينما الواقع يقول ان ذلك يقودها إلى أن تقف عاجزة أمام تحقيق ذاتها ومنافستها الرجل في شتى المجالات.

وهنا نتساءل: لماذا لم تصل المرأة العربية إلى مركز الرئاسة السياسية حتى اليوم على رغم تبوُّء مثيلاتها من النساء المسلمات المناصب العليا في آسيا كما في اندونيسيا مع ميغاواتي وسابقا في باكستان مع بنازير بوتو ورئيسات بنغلاديش من الشيخة حسينة إلى خالدة ضياء؟

لم يعرف التاريخ بحق الا ثلاث ملكات عربيات هن أسماء وأروى من السلالة الشيعية الاسماعيلية في اليمن وشجرة الدر في عهد المماليك.

فهناك دراسات عدة عن عدد النساء العربيات ممن تقلدن مراكز الحكم فقد ذكرت المؤرخة التركية بدرية أوجوك في كتابها «النساء الحاكمات في التاريخ»، وحتى كتاب «السلطانات المنسيات» للكاتبة والباحثة المغربية فاطمة المرنيسي انه تم الكشف عن ست عشرة امرأة آسيوية وتركية ومنغولية وإيرانية واندونيسية ومن جزر المالديف الواقعة في المحيط الهندي... ومع ذلك فلم تذكر أو تعطِ اي اسم عربي.

وقد ترجع اسباب ذلك الى العقلية العربية السائدة تجاه المرأة وهذه العقلية ليست لها جذور مستمدة من الفكر الاسلامي ومبادئه بل انها وللأسف مستمدة من العلاقات الأبوية التي تقوم على أساس القرابة والعصبية القبلية والطائفية التي اتخذت شكلا تقليديا لا عقلانيا من جهة وقوع المرأة تحت ضغوطات أخرى... وخلقت في نهاية المطاف سلوكين مختلفين ومتعارضين مهما حاولت التوفيق بينهما هما: الموقف المتزمت الذي يحجز ويحرم المرأة من حقوقها بينما الموقف الآخر المستمد من الحضارة وعناصر المدنية حاول ويحاول اخراج المرأة من قوقعتها الى الحياة وفتح المجال لها في التعليم والعمل الى حق الاقتراع والمشاركة السياسية.

إن المرأة العربية اليوم لم تزل ينقصها الكثير عن مثيلاتها المسلمات فإن الانحطاط في تقدمها ما هو الا بسبب القيم الذكورية والنظام الأبوي المثبت بقوة في جذور مجتمعاتنا العربية

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 455 - الخميس 04 ديسمبر 2003م الموافق 09 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً