العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ

عندما يكبر الخراب

محمد آل حيدر comments [at] alwasatnews.com

-

أتذكر وأنا طالب في جامعة القاهرة في مطلع الستينات تم توقيف المدير العام للجمعيات التعاونية أيام جمال عبدالناصر وكانت الجمعية التعاونية دولة داخل دولة، وكان من بين صلاحياتها توزيع اللحوم الطازجة.

المهم أن أخانا المدير العام للجمعية التعاونية تم القبض عليه لتجاوزاته ولما تم الضغط عليه أعلنها صراحة (كانت الجمعية عزبة وأنا صاحبها)، وهذا يذكرني بمقدمة قصة قصيرة لمجموعة مجرية لمؤلفها ألكسندرو ساهايا تحت عنوان (إعدام في الربيع) في فترة اعتقال مدير الجمعية التعاونية يقول في مقدمتها «إذا كان النظام آلة يقودها سائق حسب هواه وتكون الأوامر كالقواطع المرهقة العمياء، فما أضيع المنطق، وما أتفه القيم، وما أيسر الجرائم باسم القانون».

فعندما تكون أية مؤسسة يقودها سائق حسب هواه من دون حساب أو رقيب هذا يعني ان الاموال فعلا سايبة.

هذه أمثلة تكاد تضع المجتمع البحريني كله أمام المساءلة.

المعروف أن المواطن البحريني يعتز به وطنه ويضرب به المثل في الاستقامة، فهل صحيح انحدر إلى هذا المستوى من الرداءة في غفلة من الزمن ومن المحاسبة؟

الأغرب من كل هذا وذاك أن الذين عادة ما يأتون إلى مجالس الإدارة سواء في الأوقاف الجعفرية أو السنية هم من مشايخ الدين فهل هؤلاء أيضا لهم سهم في الكعكة المسروقة أو المنهوبة من قوت الفقراء؟

إن ما يلفت النظر إننا كنا دائما نلقي بجام غضبنا على المؤسسات الرسمية والحكومية على أن المسئولين يتلاعبون بالمال العام وكنا دائما نطالب الدولة بوضع حد لهم ونصرخ دائما من قمة رأسنا مؤكدين أن هناك فسادا إداريا وماليا بل وأخلاقيا يجب الانتهاء من ملفاته لأنه رأس الداء، فهل المؤسسات الشعبية التي يجب أن تكون أكثر نقاء وخصوصا إذا كان عدد أعضاء مجلس الإدارة تسعة أو عشرة أشخاص فهل ضمائرهم كلها في إجازة ولا أحد يعترض على ما جرى وما يجري؟

وأعتقد أن إحساس الناس بأن هناك تلاعبا في الأوقاف وأموال القاصرين وراء الانحسار الذي حدث في المرحلة الأخيرة في عملية الوقف التي كادت تبلغ درجة الجمود، ولا أعتقد أن الناس تغيرت أطباعهم وصاروا أكثر بخلا بعد أن اتسع ثراؤهم لكن شعورهم بأن المبالغ ضائعة وبأن هناك عشرات المساجد والمآتم مهملة ولا يتم إصلاحها وراء هذا الانحسار تماما مثل شعور البعض بأن المبالغ التي ترسل لدعم الشعب الفلسطيني لن تصلهم.

ولو أن الأوقاف أرادت حقيقة شيعية كانت أو سنية إقامة دور لرعاية الفقراء والأيتام وإقامة حتى مدارس لهم وإقامة مشروعات مؤثرة يشعر بقيمتها الراغبون في عمل الخير لوجدت الوضع مختلفا. فليس أمامنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل

العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً