أفادت مصادر مقربة من مجلس الحكم المؤقت في العراق، ان الاتفاقات العراقية مع قوات التحالف عن الأمن ستتم بين سلطة التحالف ومجلس الحكم. وتشمل اتفاقات أمنية تغطي وضع قوات التحالف في العراق وتعطي مرونة واسعة «لإضفاء الأمن والامان للشعب العراقي»، وهي تعني بقاء هذه القوات في العراق، بشرط ان تكون الموافقة على الاتفاقات مكتملة في نهاية مارس/ آذار 2004، أي قبل البدء بإجراءات تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة.
وقالت المصادر إن القانون الأساسي المطلوب من المجلس إعداده، سيوضع بتنسيق مباشر مع سلطة التحالف، وستكون مسودة القانون الإطار الرسمي لإدارة عراقية انتقالية ذات سيادة.
وأوضحت هذه المصادر ان ابرز عناصر القانون الأساسي، ستكون وثيقة حقوق الإنسان، وتحوي حرية التعبير والقضاء والدين؛ وتنص على المساواة في الحقوق لجميع العراقيين بغض النظر عن الجنس أو المذهب أو العرق؛ وضمان الإجراءات القضائية، فضلا عن الترتيبات الفيدرالية للعراق؛ وتشمل ايضا صلاحيات المحافظات وفصل السلطات وتضيف ممارستها على المستويين المركزي والمحلي، وبيان استقلال السلطة القضائية وأسلوب المراجعات القضائية، وبيان تحكم السلطة المدنية السياسية بالقوات المسلحة العراقية وأجهزة الأمن. اللافت، ان هذا القانون لا يمكن تعديله بعد اقراره.
ويذكر ان الاتفاق الذي وقعه جلال الطالباني عن مجلس الحكم والحاكم المدني بول بريمر والمتضمن خطوات نقل السلطة والسيادة الى العراقيين، عين تاريخ انتهاء للقانون الأساسي، وجدول زمني لوضع مسودة الدستور العراقي الدائم من خلال جهاز منتخب مباشرة من قبل الشعب العراقي؛ والتصديق على الدستور الدائم؛ وإجراء انتخابات حسب الدستور الجديد. ووفقا لذلك الجدول الزمني فإن كتابة القانون الأساسي والموافقة عليه تستكمل بتاريخ 28 فبراير/ شباط 2004.
ويسود حاليا سجال سياسي بشأن اتفاق نقل السلطة الذي وقّع بين سلطة التحالف ومجلس الحكم في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، وعبرت بعض القوى السياسية العراقية في اطار هذا السجال عن امتعاضها من التعامل مع الوضع المستقبلي للبلد بهذه الصيغة، لان الموضوع سينتهي بفرض توجهات الأعضاء البارزين في مجلس الحكم على المستقبل السياسي للبلد.
وذلك في الوقت الذي أوضحت فيه مصادر قريبة من مجلس الحكم، أن عملية اختيار أعضاء البرلمان الجديد، ستحدد في القانون الأساسي من خلال مؤسـسات الهيكل الوطني ويبين الأسلوب الذي سيتم من خلاله انتقاء الأفراد لهذه المؤسـسات. واكدت هذه المصادر ان البرلمان الانتقالي سوف لن يكون توسعة لمجلس الحكم الحالي، ولن يكون لمجلس الحكم أي دور في اختيار اعضاء المجلس (الانتقالي) وسيتم حل مجلس الحكم الحالي عند إقامة الحكومة الانتقالية والاعتراف بها.
ولكن سيكون بإمكان أعضاء مجلس الحكم المشاركة في المجلس الانتقالي اذا تم بالأسلوب الشـفاف ذاته وبمشاركة ديمقراطية للجان الوطنية في المحافظات الثماني عشرة. وفي كل محافظة ستشرف سلطة الاحتلال على العملية (الانتخابية) من خلال «لجنة تنظيمية» يتم تشكيلها من العراقيين. هذه اللجنة التنظيمية ستضم خمسة أشخاص يعينهم مجلس الحكم وخمسة اشخاص يعينهم مجلس المحافظة وشخص يعينه المجلس المحلي في المدن الخمس الكبرى في كل المحافظات. والهدف من اللجنة التنظيمية هو الدعوة الى انشاء «لجنة اختيارية للمحافظة» تضم اعيان المحافظة بكامل اطيافها.
ولأجل ذلك ستلتمس الترشيحات من الاحزاب السياسية والمجالس المحلية والجمعيات المهنية والمدنية والكليات الجامعية والعشائر والمجموعات الدينية. ويجب ان يرقى المرشحون للمواصفات التي ينص عليها القانون الاسـاسي. وعند اختيار اعضاء اللجنة الاختيارية للمحافظة يجب ان يحصل المرشح على غالبية 11 من 15 في اللجنة المنظمة. كل لجنة اختيارية للمحافظة ستنتخب ممثليها عن المحافظة في المجلس الوطني الانتقالي حسب نسبة المحافظة لتعداد السكان في العراق. سيتم انتخاب المجلس الوطني الانتقالي بتاريخ لا يتجاوز 31 مايو/ ايار 2004.
ولكن هذه المسائل الإجرائية لم ترض الكثيرين من الشخصيات السياسية العراقية، باعتبار ان إقرار القانون من دون موافقة شعبية واسعة، سيجعل مهمة البرلمان الانتقالي اكثر من محدودة في التعامل مع مستجدات الواقع السياسي العراقي خلال الأشهر التالية لأنها ستكون محكومة بنصوص هذا القانون الإداري.
ومن جهة اخرى، سيجعل هذا القانون من اختيار أعضاء البرلمان واختيارهم وفقا للتوافق مع المفهوم الأميركي للاتفاقات المطلوبة فيما بعد عن الوجود العسكري الأميركي في العراق، فضلا عن تشكيل نواة لمفهوم الفيدرالية الذي مازال موضوع نقاش غير مغلق بين مختلف القوى السياسية في البلد
العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ