تتابعاً والمقالة السابقة، وعما دار بين الحكيم والشاب، وكيف أن العَوَز وضنك العيش تُسقط المبادئ والأهداف وتُضيع بهجة الحياة وتقلل لذة الاستمتاع بها، فكثرة المال تطغى ويستهتر البعض بها، ويَضيع كلاهما في زحمة الحياة، وتتشابك الرؤية مع بوصلة الحياة.
ولقد اختلفت آراء البعض مع الحكيم في الأسباب التي نشقى ونعيش من أجلها وفلسفتها، ولكن اتفق الجميع في ذلك التساؤل، وتبدو اللهفة واضحة لمحاولة التعرف والتقرب للإجابة على أسباب العَيش.
وعبَّر آخرون ممن أعطتهم الحياة الكثير، والذين أبدعوا في تلقي العلم والعطاء والاستقرار العائلي، بأنهم يشعرون في الكثير من الأحيان بأنهم تائهون وغير سُعداء، وبأن هنالك ما ينقصهم، وهم دائبو البحث عن ذلك الشيء الغامض، والذي يشعرون به في أحشائهم ولا قُدرة لهم لفهمه أو مُلامسته، وهو شيء هُلاميٌ وما يُشبه السراب، ويبتعد كل ما تقترب منه.
ويقول آخرون إنها الوحدة الشديدة التي يشعرون بها، حينما يحاولون التعرف على المزيد واقترابهم من ذلك التساؤل المُضني عن سبب وجودهم وحركتهم الدائبة، حتى ولو كانوا في حفلٍ صاخب، وقد يُصاحبهم اليأس والإحباط والتوتر وكأنها نهاية الدنيا، وهو ما حير العُلماء وممن وضعوا جهوداً جبارة لتفسير ذلك الشعور الغامض.
قال الحكيم إنني أُشبه التساؤل بدودة الأرض وغيرها من الكائنات، والتي تفني حياتها في الحركة الدؤوبة للعيش، وثم تموت في اللاشيء ولمجرد العيش فقط، هذا على الأقل من وجهة نظرنا أو ما نراه من فِعلها، ولكن هل هذا هو دورها فقط أم هنالك الكثير مما لا نعرفه من أثرها على الوجود وفائدتها، هي دودة على أي حال مع عُمرها القصير، ولكن هل نحن نُشبه هذه الدودة في الأداء بالنسبة لكل هذا الكون الشاسع اللُغز، وكيف نرى أنفسنا في العيش على هذه الأرض، ونحن نسعى لتأمين غذائنا ومعيشتنا، حينما ملأناها دماراً وتلوثاً واستغلالاً بشعاً لكل الضُعفاء فيها، ألسنا نحن دود الأرض ومن المدمرين لها؟ وهل نُدرك فائدتنا الحقيقية له.
ولكن يبقى ذلك التساؤل أيضاً حائراً لماذا يُسيطر اليأس علينا ونحن في قمة عطائنا وتألقنا، ولماذا يِخفت فرحنا ونحن نجني ثمار تعبنا وجهدنا؟ ويبقى الإنسان حزيناً مهموماً وكئيباً كلما تقدم به السن، فقيراً كان أم غنياً ويزداد تلاقيهما واقترابهما معاً عند تلك النهاية المحتومة، هل هي مُفاجأة الحياة والتي قاربت على الانتهاء من دون أن تُجيبنا على نتيجة كل ذلك الكفاح والنجاح أو الفشل إذا كان، ولماذا أتينا إلى هذا الكون، وما هو الغرض من هذه الرحلة الغريبة الكونية مع كل فرحها ومعاناتها؟ أم هو القدر له وقتٌ محدود ونهاية حتمية، وهل سنكمل المشوار في عالمٍ آخر وبمواصفاتٍ وبشكلٍ مختلف وتتابعاً لهذه الرحلة وأكثر دِقة كما تقول بعض الأديان، أم أنها ستتوقف وأنها الرحلة الوحيدة، والتي فيها اختبارنا وكفاءاتنا لتعمير الكون، وأن النتيجة لن نعرفها في عالمنا هذا، وبأنها لن تُجيبنا على تساؤلاتنا مع قرب النهاية، وكأن لسكوت الحكيم حكمة كانت لا نفقهها.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4488 - السبت 20 ديسمبر 2014م الموافق 28 صفر 1436هـ
لماذا الحيرة
يقول المولى عز و جل " وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون "
مقال جمييل
ان الله هو الكون كله والانظمه الرائعه وعلم الانسان مالم يعلم ولكن الانسان لازال غافلاً عن الكثير من مقومات الحياتيه كيف يعيش ويتمتع بالحياه ولايدرك ان الموت هو جزُ مكمل للحياة مقال جميل ورائع دكتوره
الإيمان باالله
السبب هو ضعف الارتباط بالله