إن الذي يفهم أبسط قواعد الإسلام يدرك أن مصطلح «الاسلام السياسي» دخيل على ديننا وإسلامنا؛ فالإسلام كلٌ لا يتجزأ، فهو يضم في جنباته السياسة والاقتصاد وكافة العلوم الشرعية وغير الشرعية. كما أن رسولنا الكريم وخلفاءه من بعده كانوا هم قادة السياسة، فهم الحكام وهم أيضاً من يدير شئون البلاد ومصالح العباد. واستمر الحال على ذلك طيلة مئات السنوات التي كانت الدولة الإسلامية تتبنى الإسلام منهجاً لها وطريقاً لإدارة شعوبها.
ولم يعرف المسلمون مصطلح «الإسلام السياسي» بمفهومه السلبي للإسلام إلا في السنوات المتأخرة، وبسبب ظروف سياسية اقتضتها مصالح الغرب. وقد اتفقت مصالح الليبراليين العرب مع مصالح الغرب وأعداء الإسلام عموماً، فاجتمع هؤلاء على فكرة تشويه الإسلام وتشويه من يطالب أو يعمل على تمكينه من حياة المسلمين في بلادهم، بادعاء أن هؤلاء هم من دعاة الإسلام السياسي، وكأن هذا النوع من الإسلام - بزعمهم - لا يمت إلى الإسلام بصلة، وأن من الواجب محاربته والوقوف مع الغرب في حربه وحرب من ينادي به!
الحرب على ما يعرف بـ «الإسلام السياسي» بدأه الغربيون لأنهم يعرفون أن هذا النوع من الإسلام هو الذي ينازعهم الرئاسة في بلاد المسلمين، وهو الذي يقاوم مشاريعهم الاستعمارية والاقتصادية والإعلامية والثقافية، ولأنهم يريدون استغلال بلاد المسلمين بكل ما فيها، فقد وجدوا أن المسلمين الذين يفقهون دينهم هم الذين يقاومونهم، فلم يجدوا طريقاً لمقاومة ذلك إلا بمحاولة تشويه الإسلام أمام أبنائه، ليخلو لهم الجو الاستبدادي الاستعماري الذي يريدونه.
ومنذ احتلال العراق وأفغانستان، ومن ثم ما عُرف بـ «الربيع العربي»، برز مصطلح «الإسلام السياسى» بقوة، استخدمه الأميركان والغرب لتبرير جرائمهم، ثم تبعهم بعد ذلك كثير من الليبراليين العرب الذي هاجموا ولا زالوا، المسلمين الذين قاوموا المحتل أو الذين أرادوا إيجاد نوع من الحكم يتفق مع دينهم - ولا يتفق طبعاً مع مصالح الغرب - فاتهموهم بممارسة «الإسلام السياسي»، على اعتبار أن هذه الممارسة تخالف الإسلام. وفي جزئية كراهية الإسلام اتفق الليبراليون العرب مع الغربيين، فعملوا جميعاً على تشويه الإسلام ومن يعمل من أجله!
هذا النوع من دعاة الليبرالية خالفوا منهجهم الفكري الذي يدعون الإيمان به، وأصبحوا يمارسون العبودية المطلقة للغرب وأعوانه، وأصبحت أهواؤهم ومصالحهم وكراهيتهم للإسلام كله هي التي تقودهم لحرب الإسلام واختراع الأكاذيب لتبرير ذلك الهجوم القذر على الإسلام!
وقد رأينا كيف أن الليبراليين وقفوا مع المشروع الأميركي في قضايا تغيير المناهج الدراسية، بحسب المفهوم الأميركي وليس بحسب مصالح المسلمين. كما اتفقوا معهم على منهج تغيير الأنظمة بالقوة العسكرية وليس بالديمقراطية التي طالما طنطنوا بالدعاية لها! فأصبحت القوة هي الطريق إلى الديمقراطية، أما صناديق الاقتراع التي لا تحقق أهواءهم فهم من أشد دعاة الحرب عليها حتى لو قتل من أجل ذلك آلاف البشر.
الديمقراطية عند الغربيين مجرد لعبة يحققون بواسطتها أهدافهم السياسية، وهذا المفهوم الأعرج للديمقراطية تحدثت عنه) كيرك باتريك، مستشارة البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي السابق ريجان، وكانت أيضاً ممثلة بلدها في الأمم المتحدة، قالت: «إن الديمقراطية مجرد لعبة لتحقيق مصالح الغرب، وإن قيم الغرب وسياساته خاضعة للعبة المعايير المزدوجة».
والمفكر الغربي روبرت كانمان قال في كتابه «الديمقراطية والمعايير المزدوجة» إن «الجميع في الغرب يتفق على أنه من الخطر دعم الديمقراطية بجميع صورها في العالم الإسلامي، والسبب أنهم يقولون: إن التعامل مع الحكومات الفاشية أسهل بكثير من التعامل مع الحكومات الإسلامية». وقريب من هذا القول ذكره الفرنسي الخبير بشئون الإسلام السياسي أوليفيه روا، حين قال: «عندما يكون على الغرب الاختيار بين العلمانية والديمقراطية فهو يختار العلمانية دائماً، وعندما تكون العلمانية في كفة والديمقراطية في كفة أخرى، كما في الجزائر وتركيا، فالغرب يختار دائماً العلمانية لا الديمقراطية. الغرب يفضّل النظام التسلطي الدكتاتوري على وصول الإسلاميين للسلطة».
إن الذي يزعج الغرب ليس هو الإسلام السياسي كما يقولون، وإنّما هو الإسلام بحد ذاته، وهذا الواقع أكده الخبير الأميركي المعروف صومائيل هنتنغتون الذي قال: «إن المشكلة بالنسبة للغرب ليست الإسلاميين المتطرفين وإنما الإسلام ككل».
ونحن نفهم من الواقع الذي نراه أنهم يعادون الإسلام الصحيح الكامل الذي يقبل على الآخرة كما يقبل على الدنيا، ولكنهم يتعايشون ويشجعون الإسلام الخامل الذي يدعي الإقبال على العبادة فقط! ولهذا فهم يشجعون على التصوف وبكل طرقه، فهم لا يهمهم كثرة المصلين أو كثرة قارئي القرآن ومن في حكمهم، خصوصاً إذا كان هؤلاء يقتصرون على العبادة فقط ويتركون قيادة بلادهم واقتصادها في أيدي الغربيين والأميركان، وهكذا ثقافتها وسائر قضاياها الأخرى.
الليبراليون العرب ومن منطلق كراهيتهم للإسلام كله، يرددون كالببغاوات أن الإسلاميين يريدون الوصول إلى الحكم؛ وأن الإسلام السياسي هو الذي يسيء إلى المسلمين! وأعجب من هذا المنطق الغبي الذي خجل الغرب منه -ظاهرياً على الأقل- فما المانع في أن يصل الإسلاميون إلى الحكم إذا كان وصولهم إليه بحسب المعايير التي وضعتها بلادهم؟ لماذا يحقّ لكل حزب ولكل مذهب أو دين الوصول إلى الحكم ويحرم ذلك على المسلمين؟
لقد أثبت الواقع أن معظم الليبراليين عرّوا أنفسهم وأثبتوا أنهم لا يؤمنون بما يقولون، فصفّقوا لكل من وصل إلى الحكم من غير الإسلاميين، وأيضاً لكل من انقلب على الديمقراطية وصادر حرية الشعوب واختيارها، ولكن مبادئهم الزائفة ضاقت عن قبول الإسلاميين بأية صورة كانت، فآثروا الاصطفاف إلى جانب الغرب في عدائه للإسلام وللمسلمين، وإذا كان الغربيون ينظرون إلى مصالحهم بعيداً عن مصالح المسلمين أو دينهم، وإذا كان فعلهم هذا يشكل جزءًا من مساوئهم، فإن فريقاً من الليبراليين العرب أكثر منهم سوءًا لأنهم نصبوا العداء لدينهم وأمتهم وقبلوا أن يكونوا مطايا للغرب وأهدافه.
الشيء المطمئن أن أكاذيب الغرب ومعهم الأميركان وأبواقهم الليبراليين العرب، أصبحوا مكشوفين، وهذا سيجعل العرب يتعاملون معهم بصورة مغايرة حتى وإن كانت بطيئة.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4483 - الإثنين 15 ديسمبر 2014م الموافق 22 صفر 1436هـ
متدينون العرب أكبر حلفاء الغرب و إسرائيل
ألستم أنتم يا متدينون العرب من تحالف مع إسرائيل ضد الرئيس العلماني الشريف جمال عبد الناصر ؟ ألستم أنتم من يحارب الرئيس العلماني القومي الشريف بشار الأسد بالتحالف مع إسرائيل ضده ؟ أنتم لا تريدون من الاسلام إلا الحصول على تأسيس الدولة الدينية التي تعطيكم كراسي الحكم على طبق من ذهب لأنكم تعلمون أن الديموقراطية لن تأتي بمن يفقهون شيء من إدارة الحكم المدني الرشيد و المتسامح.
نحن ضدكم أيها المتدينون العرب و سنبقى ننادي بالديموقراطية إلى النفس الأخير.
خوش
اكاذيب الغرب و الاامريكان تنطوى على اولاا الحكام العرب الذين يهتكون و ماوزالو يهتكون فى شعوبهم تهتز وتترتجف الحكومات العربيه لصدور اى قرارا ضد اى حكومه او انتقاد من اى منظمه دوليه فى كافه المجالاات
الكاتب
هل نحن المخطئون لتمكينهم من ذلك هم?
لكي
نضع الحروف في مكانها نحن الملامين اذا ماقلته صحيح
ان
اذا ماتبين وقلته هو الصواب فنحن المخطئون وليس هم فاللوم يقع علينا لاعليهم ولو لم نكن سهلين لما تمكنوا منه
لو
لو ما احنا سهلين ماصار الاصار
6
انت بعد اصبحت مكشووف
عطنا
اذكر لنا مآسي المسلمين قبل انتقاد غيرهم فالاحوج لك اظهار مدى بؤس ماوصل اليه مايسمون انفسهم مسلمين ليعرف كل من ينتمى لهم اجرامهم على مر العصور وحتى يومنا هذا فالشواهد جما لكن من يغطي وجهه وينظر لغيره فهو اكيد ليس برجل.فالاقربون اولى بمعروفك
خلط الدين بالسياسة
خلط الدين بالسياسة يؤدي لدمار و خراب البلدان الحل هو العلمانية و ليس الثيوقراطية المتخلفه
إذن....لتطور مجتمعاتنا يجب علينا احترام وتوافق كل من يختلف معنا....فمن حلم بتطبيق ما أكل عليه الدهر وشرب من أمور غبرت ودبرت وولت لن تعاد....فالدين ليس جامدا بل هو مطياع بتغير الزمان وأساسه لن يحيد عن قبول الآخر مهما اختلفنا معه.
إذن للنهوض من خيبتنا التي لن تنتهي كما يبدو وخصوصا نشر الكره بيننا بزرع الطائفية لشرذمتنا وتقطيع اوصالنا يجب ان نفصل فيما بين الدين والدولة... وحتى تتضح الصورة لك انظر الى أسباب تكوين اسرائيل...خلقوا دولة بخلفية دينية،فاليهودي اليمني والعراقي والبولندي أصبحوا في دولة لم تكن قط دولتهم...اما نحن كمسلمين لا نريد كما تريد داعش وازلامها خلق دولة تماثل اسرائيل فتبيد بذلك كل من يخالفها وتعطي مبررا لوجودها.
إذن لا نلومن الا أنفسنا في تردي وضعنا المزري،فلا يجب وضع اللوم على الليبرالي العلماني أو مخططات الخارج في سبب هزالنا...الدين هو طريقة حياة يحترم فيها كل من يختلف معها شريطة أن لا يتم إخضاع رغبات غلاة الدين بإستخدام معاني الدين السمحة سببا للتسلط على كل من يخالفه.
مقال يحتاج لطبيب نفساني يحلل مكامن العلل 1
لا نلوم الا أنفسنا لأننا سمحنا للغريب قبل القريب للتحكم في مسارات حياتنا،فشرذمنا نحن بأنفسنا الدين حينما خلقنا طوائف وملل وسمحنا لولاة أمر أن يبيعوا كل شئ ليجلسوا أبد الدهر على كرسي كرس فقط لأن يخلفوا لمصلحتهم هم وجماعتهم.....لا بل زدنا غينا حينما حلل فسقة الدين بطاعة ولي الأمر طاعة عمياء.
انه الوهن والضعف العربي
وسبب ذلك هو التشبش بكراسي الحكم وعليه تتم الاستعانة بالقوات الغربية لحماية الأنظمة وهو مايحدث حاليا