من الوثائق التي نشرها مؤخراً موقعwww.qdl.qa بالتعاون مع المكتبة البريطانية، بعض المراسلات والمذكرات والأوراق الرسمية التي تتعلق بالقاعدة البحرية البريطانية في البحرين. بعض هذه الوثائق تتحدّث عن كيفية حصول البحرية البريطانية على أرض لها في منطقة أم الحصم، وعن سبب اختيار هذه المنطقة. كما تورد بعض المعلومات عن الحدود التي وضعتها البحرية البريطانية لتفصل بين المساحة المختصة بها وبين المواقع الخاصة بصيد الأسماك لبعض أصحاب «الحظور». بالإضافة إلى ذلك، تورد بعض الوثائق أسماء ومهام بعض العاملين في مقر البحرية البريطانية.
هذه الوثائق وردت في ملفين لهما علاقة مباشرة بالقاعدة البحرية البريطانية وهما: “File 3/22 II Naval Station at Bahrain» و«File 33/11 VII Naval Base at Jufair».
تذكر بعض هذه الوثائق أن الحكومة البريطانية استبدلت أرضاً تابعة لها في القضيبية بأرضٍ تابعةٍ للحكومة البحرينية في أم الحصم بمبلغ 3304 روبيات. جاء ذلك في وثيقة مكتوبة باللغة العربية ومؤرخة بتاريخ 1 فبراير 1944، وهي صادرة عن دائرة الطابو (وهي الجهة المسئولة عن تسجيل العقارات) التابعة لحكومة البحرين. ومما جاء فيها نصاً التالي «وجه تحرير هذه الوثيقة أن حكومة بريطانيا العظمى قد تناقلت في قطعة الأرض الكائنة في القضيبية من المنامة الآيلة إليها بموجب وثيقة الطابو رقم 407/1352 مع حكومة البحرين في قطعة الأرض الكائنة في أم الحصم من المنامة مع مبلغ ثلاثة آلاف وثلاثمائة وأربع روبيات تدفعها حكومة بريطانيا العظمى لحكومة البحرين. فبناءً على هذه المناقلة صارت قطعة الأرض الكائنة في القضيبية ملكاً لحكومة البحرين».
وقد أمضى على هذه الوثيقة المستشار تشارلز بليغريف عن حكومة البحرين، كما أمضى عليها المعتمد البريطاني في البحرين عن حكومة بريطانيا. وهناك وثيقةٌ أخرى أيضاً مؤرّخةٌ بتاريخ 3 فبراير 1944 ونصت في بدايتها على مثل ما كان في الوثيقة الأولى، إلا أنها نصّت على التالي: «بناءً على هذه المناقلة صارت قطعة الأرض المذكورة الكائنة في أم الحصم لحكومة بريطانيا العظمى».
أما عن سبب هذه «المناقلة» فقد جاء في مذكرة كتبها الوكيل السياسي في البحرين بتاريخ 15 أبريل 1944، ومما ورد فيها: «من أجل الفصل بين أجهزة الإرسال وأجهزة الاستقبال في القاعدة البحرية، نجد أنه من الضروري الحصول على قاعدة إرسال تكون بالقرب من الطرف الجنوبي لملعب الجولف. لذلك، وباتفاق مشترك بين البحرية الملكية والقوات الجوية الملكية وحكومة البحرين، تم استبدال قطعة أرض في القضيبية تعود ملكيتها للقوات الجوية الملكية بعقار في أم الحصم تعود ملكيته لحاكم البحرين».
من الوثائق المنشورة أيضاً رسالةٌ كتبها بعض ملاك الحظائر يعلنون فيها عدم اعتراضهم على وضع حدود فاصلة بين حظورهم لصيد الأسماك وبين المساحة المخصّصة للبحرية البريطانية. جاء في الرسالة ما يلي: «إن السيد أحمد السيد علوي بصفته رئيساً لدائرة الأوقاف الجعفرية التي لها حضرة الوقف المسمّاة الرقيقة، والحاج حسين بن علي ابن الحاج حسين ساكن المنامة بفريق المخارقة مالك حضرتي جريوه والمسمبر الواقعة جميعها بسطوة الجفير غرباً من فرضة الأسطول البريطاني، يعترفان أن ليس لديهما اعتراض في الحد الفاصل الذي سيضعه رئيس الأسطول البريطاني البحري في البحرين تمييزاً للحدود الفاصلة بين الفرضة المذكورة والحظور المذكورات سواء كان ذلك يوضع بأخشاب أو يبنى بأسطوانات، كما أنه ليس لهما حق في المطالبة بأي تعويض عن وضع هذا الحد المميز. ليكن معلوماً. تحريراً في 12 صفر 1357 و13 أبريل 1938». وقد شهد على هذا الاعتراف، كما جاء في نهاية الرسالة، محسن التاجر والسيد سعيد بن السيد خلف، وقد تم وضع هذه الحدود الفاصلة في شهر يوليو 1938.
تورد بعض الوثائق أيضاً قوائم بأسماء ومهام العاملين في البحرية البريطانية في البحرين في العام 1939. ففي رسالة بعثها إلى الوكيل السياسي في البحرين، يذكر قائد القاعدة البحرية البريطانية أسماء 24 فرداً يعملون فيها مع ذكر مهمة كل فرد منهم. من هذه الأسماء: حسين أمين (عامل إشارة)، إسماعيل يوسف (ربان)، شيخ عبد الرحمن، شيخ يوسف شمس الدين، شيخ نور الدين، شيخ حسين محيي الدين، (هؤلاء الأربعة يعملون بالمواقد)، عزيز الرحمن، أمين خان، غلوم حيدر (نواطير).
من اللافت أن قائد القاعدة البحرية كان قد أرسل ثلاث قوائم بأسماء ومهام العاملين معه إلى الوكيل السياسي في غضون ستة أشهر، مع تغير بسيط في الأسماء. فعلى رغم إرساله للقائمة الأولى في يناير 1939، إلا أنه أرسل قائمةً أخرى في مايو، ثم في يوليو من العام نفسه. وكان لافتاً أيضاً أن قائد القاعدة البحرية كان قد ذكر في إحدى رسائله أن النواطير الذين كانوا يعملون لحراسة القاعدة تقدّموا باستقالةٍ جماعيةٍ، إلا أنه لم يذكر السبب وراء ذلك. ونتيجة لذلك، كان يرغب في أن يتولى الشرطة مسئولية حراسة القاعدة البحرية.
تشير هذه الوثائق والرسائل المتبادلة بين المسئولين البريطانيين إلى النفوذ البريطاني الكبير في البحرين في تلك الفترة. فبالإضافة إلى دور المستشار البريطاني، كان هناك الوكيل السياسي في البحرين، إلى جانب قائد القاعدة البحرية البريطانية. هذا النفوذ البريطاني في البحرين يبدو جلياً في التعاطي مع بعض القضايا التي تمس بيع وشراء الأراضي، كما حصل مع مبادلة أرض القضيبية بأرض أم الحصم. عقد «المبادلة» الذي تم كان بإمضاء بريطانيين اثنين: المستشار البريطاني والوكيل البريطاني؛ المستشار ممثلاً لحكومة البحرين، والوكيل ممثلاً لحكومة بريطانيا.
في إحدى الرسائل التي بعثها الوكيل السياسي في البحرين إلى قائد البحرية البريطانية في البحرين، بتاريخ 11 يوليو 1939، بخصوص رغبة قائد البحرية بأن يتولى شرطة البحرين مهمة حراسة القاعدة البحرية بدل «النواطير» الذين تقدّموا باستقالاتهم، كما مرّ ذكره، كتب الوكيل البريطاني: «أقترح قبل أن تتخذ القرار في هذا الشأن أن نناقش الأمر أنا وأنت والمستشار». حين توضع في إطارها العام، قد توجز العبارة الأخيرة «أنا وأنت والمستشار» مستوى النفوذ البريطاني في البحرين في تلك الفترة، ومن كان يناقش القضايا، ومن يتخذ القرارات.
إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"العدد 4481 - السبت 13 ديسمبر 2014م الموافق 20 صفر 1436هـ
عالم يتحرّر من الاستعمار وعالم مدمن استعمار
الغريب انه ومع تطور الشعوب والامم فإنها تتخلص من كل ما يجعلها شعوبا خاضعة لإمرة بلد آخر . الا في البحرين بلد العجائب بعد ان قاوم شعبها الاستعمار وقام بطرده منها ،الآن بدعوى صريحة وبلا خجل يدعون الاستعمار للعودة مرّة اخرى ونقول ان شعبا قال للاستعمار اخرج لن يقبل به مرّة اخرى
ومن الذي طلب منهم المغادرة
ها نحن برضانا نرجعهم لمكانهم الاول فهم مرحب بهم وهم اصحاب الفضل فهل ننساهم لا والله فأهلا وسهلا برجوعكم الميمون ايتها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس