إن العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس هو الشكل الأكثر تطرفاً وانتشاراً من أشكال عدم المساواة التي تتعرض لها النساء والفتيات. وهو يمثل ظاهرة لا تحدها حدود جغرافية أو اجتماعية، اقتصادية أو ثقافية. وعلى نطاق العالم، تتعرض امرأة من بين كل ثلاث نساء للعنف الجنسي في وقت ما من حياتها، بدءًا بالاغتصاب والعنف داخل الأسرة وانتهاء بالمضايقة في العمل والتسلط على شبكة الإنترنت.
وفي هذه السنة وحدها، جرى اختطاف أكثر من 200 فتاة في نيجيريا؛ ورأينا نساءً عراقيات يدلين بشهادات تتضمن تفاصيل فظيعة عن تعرضهن للاغتصاب والاسترقاق الجنسي خلال النزاع؛ وتعرضت تلميذتان هنديتان للاغتصاب والقتل وتعليق جثتيهما على شجرة؛ وفي الولايات المتحدة، وقعت حالات حظيت باهتمام كبير وتعلقت بأحداث عنف جنسي في سياق فرق رياضية ومجمعات جامعية.
وتتعرّض النساء والفتيات للعنف في جميع البلدان والأحياء، إلا أن تلك الجرائم كثيراً ما لا يبلغ عنها وتظل طي الكتمان. ولابد لنا من أن نضع حداً لذلك الصمت. ولهذا السبب فإن اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ( 25 نوفمبر/ تشرين الثاني) يركّز هذه السنة على الجهد الشعبي المبذول من أجل التوعية والمسمى «إجعل حيك برتقالياً». والمقرر (فيه) إضاءة المنطقة المحيطة بالأمم المتحدة في نيويورك ومبنى الأمانة العامة ومبنى «إمباير استيت» بأضواء برتقالية اللون، وتنظيم العديد من المناسبات الأخرى في جميع أنحاء العالم وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقع على كلٍّ منا مسئولية منع العنف ضد النساء والفتيات ووضع حدٍ له، بدءًا بالتصدّي لثقافة التمييز التي تسمح لذلك العنف بأن يستمر. وعلينا أن نحطّم القوالب النمطية والمواقف السلبية بشأن نوع الجنس، وسنّ قوانين وتطبيقها لمنع التمييز والاستغلال ووضع حد لهما، وأن نقف في وجه السلوك المسيء متى ما رأيناه. ويتعين علينا أن ندين جميع أعمال العنف، وإرساء المساواة في عملنا وحياتنا المنزلية، وأن نغيّر التجارب اليومية التي تعيشها النساء والفتيات.
وفي السابق كان ينظر إلى حقوق المرأة بوصفها شأناً خاصاً بالمرأة، بيد أن الرجال والفتيان أخذوا يصبحون بأعداد متزايدة شركاء في الكفاح من أجل تمكين المرأة. وقبل شهرين، قمت بإطلاق حملة «الرجل من أجل المرأة»؛ وهي حركة تضامن عالمية من أجل المساواة بين الجنسين، تحشد نصف البشرية دعماً للنصف الآخر، لمصلحة الجميع.
ويتعيّن على كل فردٍ منا القيام بدور في ذلك المسعى، وأحثكم على القيام بدوركم. فإذا توحدنا في البيوت والمجتمعات المحلية والبلدان وعلى الصعيد الدولي، يمكننا أن نتحدى التمييز والإفلات من العقاب، وأن نضع حداً لأساليب التفكير والعادات التي تشجّع على العار العالمي المتمثل في العنف ضد النساء والفتيات، أو تتجاهله، أو تتسامح معه.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 4464 - الأربعاء 26 نوفمبر 2014م الموافق 03 صفر 1436هـ