دعيت مرةً لإلقاء كلمة مختصرة تمهيدية في لقاء سيتحدث فيه معلم وقائد روحي قادم من الهند. شبهت في حديثي الإنسان المتطلع للوصول إلى الصفاء الروحي والسمو الأخلاقي الإنساني الرفيع بالشخص الذي يريد الصعود إلى قمة جبل شديد العلو، عمودي مستقيم، غير منحنٍ والطريق إلى قمته ليس متدرجاً. وعليه فالمتسلق يجب أن يدرك أنه لا يستطيع أن يرخي عضلاته المتعبة ليستريح، ولا يستطيع أن يضمد يده الدامية ليعاود الصعود، لأنه إن فعل ذلك فسيتزحلق من المستوى الذي وصل إليه إلى قاع الجبل، أي إلى النقطة التي بدأ منها رحلة صعوده. إنها رحلة تحتاج إلى عزيمة وعناد وتحمل الكثير من الآلام.
في اعتقادي، أن ذلك التشبيه ينطبق على من يريدون تسُّلق جبال الثورات والحراكات التغييرية الكبرى من أجل الوصول إلى قممها، حيث العدالة والحرية والمساواة والإخاء والكرامة الإنسانية.
رحلة الوصول إلى قمم التحولات المجتمعية الكبرى تتماثل مع رحلة الصعود الروحي والأخلاقي. أي تراخٍ في الطريق إلى كليهما يعني الانحدار والسقوط المفجع الحامل لأخطار حياتية مؤكدة.
مناسبة هذه المقدمة هو اللغط، المفتعل منه والمبرر، الذي يملأ أرجاء الوطن العربي، حول ما حصل إبان السنوات الأربع الماضية من ثورات وحراكات قامت بها بعفوية جماهير الشعوب العربية، وحول ما آلت إليه تلك الحراكات بسبب نجاح بعض قوى الخارج والداخل في حرفها عن مسارها أو إدخالها في دهاليز خلط الأوراق أو تسلم قيادتها في المرحلة الانتقالية ممن ليس بالكفؤ للنضال من أجل أهدافها.
الرد المطلوب على ذلك اللغط هو عدم التوقف عن التسلق نحو القمم المراد الوصول إليها، إذ إن ذلك سيعني الانزلاق مرةً أخرى نحو قيعان التسلط والاستبداد والإذلال والعيش في وحل التهميش، وإنما الاستمرار في الصعود حتى ولو كان الصعود بطيئاً وموجعاً في درب سيطول. ما عاد مقبولاً النظر إلى الهاوية التي تعج بالدجاج المنكس الرأس الذي يكتفي بالبحث عن دود الأرض، إنما المطلوب تركيز الأنظار نحو القمم حيث تحلّق النسور في فضاءات نور وهواء العزة والمجد والحرية.
لنذكر أنفسنا بأننا أمة، أوصلها من أولها عبر القرون إلى أوضاع سياسية بائسة، إلى اقتصاد ريعي لا يستطيع الانطلاق نحو تنمية إنسانية شاملة مستمرة، إلى تمزق قبلي على حساب اللحمة الوطنية الجامعة، إلى سجالات وسخافات فقهية نقلت دين الإسلام إلى متاهات الطائفية والصراعات مع الأديان الأخرى، إلى الوقوف عند باب العلم والتكنولوجيا كأمة مستجدية تعيش على الفتات، إلى ممارسة ثقافة العلاقات الأبوية البطريركية المهيمنة مع الأطفال والنساء والتلاميذ والعمال والموظفين وسائر زملاء مسيرة الحياة.
لنذكر أنفسنا بأن أمةً تعيش أوضاعاً متخلفة، شاملة كل مناحي الحياة، لن تستطيع النهوض من خلال عملية ترقيع هنا أو من خلال إصلاحات آنية جزئية هناك. وهي أمةٌ لن تسمح لها ظروفها البالغة السوء ترف استراحة المحارب كما تفعل بعض قيادات ثورات وحراكات الربيع العربي.
نقول ذلك لأن الأمة ستواجه كارثة تاريخية لو وجدت نفسها مجبرةً على الانزلاق نحو هاوية المربع الأول الذي ظننا منذ أربع سنوات أن الأمة قد غادرته من دون رجعة .
قد يبدو الكلام عن هذا المنطق، المنطق الذي يحكم صعود وهبوط الأمم أثناء محاولاتها إجراء تغييرات كبرى في مسيرة حياتها، وكأنه صرخة يائسة وعابثة في الأجواء المأساوية التي تغلف الأرض العربية في هذه اللحظة التي تعيشها الأمة. لكن هذا التحفظ والخوف لا محل لهما، ذلك أن ازدياد آلام وجراح الأمة وإحساس الكثيرين بالضياع يجب أن يدفعا شباب ثورات وحراكات الربيع العربي، ومن ورائهم الأمة بأجمعها، لتركيز الأنظار والأفئدة على ما ينتظرنا في القمة، وبالتالي ممارسة الصعود حتى ولو كان ضئيلاً وتدريجياً بسبب الأجواء العاصفة التي تحيط بنا، وذلك بدلاً من التفتيش عن منطقة آمنة عند أقدام الجبل لنمارس الانزلاق الآمن نحوها .
مثلما أن مسيرة صعود جبل السمو الروحي والأخلاقي قد تنهار أو تتوقف بسبب ضعف الإنسان تجاه رذيلة واحدة لم يستطع تجنبها، أو بسبب استرخاء عزمه أمام غواية هائلة لم يستطع مقاومتها... فإن الأمر نفسه ينطبق على مسيرات الثورات والحراكات الكبرى.
هذه أيضاً يجب أن تقاوم إغراءات الرذيلة النضالية ووهج الغوايات المزيف في الساحة السياسية. ستختلف الإغراءات والغوايات في مختلف الأقطار العربية وتحت ظروف متباينة، لكن النتيجة ستكون واحدة: دخول قوى الحراكات والثورات في جدل المماحكات الكلامية العابثة وتأجيل موعد الصعود إلى القمم الحضارية الإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 4458 - الخميس 20 نوفمبر 2014م الموافق 27 محرم 1436هـ
نحتاج للثورة الثقافية
اليوم الجميع يتحدثون عن المواطنة و لكنهم في الحقيقة لا يؤمنون بها و لا بالدولة الحديثة بل يؤمنون بالدولة الدينية و الدولة القبلية، دعونا نتحدث بصراحة و نضع النقاط على الحروف من أجل الوطن ! أليس من المنافي للعقل أن تدعي الجماعات الدينية من الاخوان المسلمين و القاعدة و ولاية الفقيه أنهم يؤمنون بالمواطنة بينما قراراتهم الخاصة بالوطن تأتي عن طريق الفتوى من خارج الحدود ؟ أين وطنيتهم التي يزعمون ؟ الجميع ينكر إيمانه بالنظرية الدينية في الحكم و لكنهم عملياً ملتزمون بها، لهذا نقول الاصلاح الثقافي أولاً.
دكتور
ثوار البحرين لا يستطيعون أداره كفتيريا فوضعو أنفسهم في موقف صعب فهم يطالبون بالدمقراطيه ولا يستطيعون تقير أمينهم العام ونائبه دعواتك لهم في صلاتك ليوفقهم الله
.........
لا تستهين كيد الضعيف لربما .. تموت الافاعي من سموم العقارب
قل خيرا او اكرمنا بصمتك
فاقد الشيء لا يعطيه
آمال وتمنيات ومتسلقين وانتهازيين يريدون الصعود بالناس فهيهات هيهات ففاقد الشيء لا يعطيه وكفاهم ضحكا وافتراء
نعم لأن هناك دول تتصدر الدول العربية وتقودها للانحدار
بعض الدول تملك قدرات هائلة وبدل ان تستخدم هذه القدرات في التنمية والتطور تقوم باستخدامها في اشعال الحروب الطائفية وشراء الذمم وافشاء الفكر التكفيري الجاهل وبذلك يتحقّق التخلّف للشعوب العربية حتى تمكنوا من شراء بعض الثورات وهنا تكون الطامة الكبرى حين يتم شراء ثورات الشعوب
شكرًا دكتور
وكلامك منطقي وأعتقد أن المعارضة البحرينية بموقفها القوي من الانتخابات ترجمة عملية لما ذكرت، ولا يوحي أحد أن المشاركة في برلمان يعطي الشرعية للاستبداد بدون أي جدوى في التغيير هي صعود للقمة بل هو السقوط نفسه بعد طول أمد التضحيات.
القادم
دكتورنا .. أعتقد بأن هناك دائما وضع " قائم " متأزم وهناك وضع " قادم " لا ينتظر أحدا و يفوق واقعه غالبا حتى خيال " السلطات " التي أعماها غرورها بل وكذلك " المعارضات " .
لذلك فان " القادم " لم يتم حسن التعامل معه في كل بلدان الثورات ماعدا " تونس " لطبيعة شعبها و النخب التي أدارت الوضع " القادم " .
عموما كلما طال الوضع " القائم " متأزما فان انفجاره يكون أشد وعلى الجميع .
لاأمل من الشعوب العربية
العرب متخلفين ولو قاموا بعشرين ثورة سيرجعون لتخلفهم المعهود
انه المال السياسي القدر
لقد حرف بوصلة الثورات العربية المال السياسي القدر الذي فكك أوصال دول من دول تبخل وتجوع شعوبها لتصرفه على تحطيم دول والسبب غلق أبواب المطالبات المستحقة عليها بالمشاركة الشعبية لدي مواطنيها