قبل أيام من مشاركة منتخبنا الوطني الأول في خليجي 22 بالشقيقة السعودية نحتاج لأن نتذكر تلك السنوات العجاف «44 سنة» عندما كان يشارك ولا يحقق سوى مراكز شرفية وصفت حينها بالانجازات، وربما هي قلة من المرات التي نجح من خلالها «الأحمر» في الظهور بمستوى مشرف وتحقيق نتائج «نصف» إيجابية، ولكنه في نهاية المطاف يكتفي بالمراكز الشرفية التي لم تغن ولم تسمن من جوع، إذ إن مشاركاتنا في الغالب كانت تنتهي بخروج مر يتبعه إحباط وتنتهي بتحطم آمال الجماهير البحرينية.

انتصارات الكرة البحرينية كانت شحيحة على رغم أن الآمال كانت كبيرة، والكرة البحرينية عاشت واقعاً عانت منه طوال العقود الماضية، وكان ضيق ذات اليد يقف حاجزًا أمام تحقيق انجاز عريض يرضى المحبين والعاشقين.

وجاءت الألفية الجديدة لتحمل في طياتها الكثير وإشعاع من الضوء لبزوغ فجر جديد للكرة البحرينية، إذ لم يرفع لاعبو هذا الجيل «الراية البيضاء» على رغم معاناتهم، ولم يستسلموا فقد تمسكوا بخيوط الأمل، فكانت الانتفاضة والتصميم هي الشعارات التي تم رفعها من أجل تحقيق حلم طال انتظاره، وفعلا نجحت الكرة البحرينية بجهود شخصية محضة بتحقيق نتائج لافتة وبارزة جعلت الجماهير تتعلق ببصيص أمل في رؤية منتخب بلادها يحقق الآمال والأمنيات التي تسعى إليها مختلف الشرائح والجهات في وطننا.

لعل أبرز تلك النتائج المشرفة للمنتخب الأول هي الوصول على أعتاب المونديال العالمي مرتين متتاليتين 2005 و2009 من خلال مباريات الملحق مع كل من ترينيداد وتوباغو في المرة الأولى، ونيوزيلندا في المرة الثانية، ولكن الإخفاق كان سيدالموقف في كلتا المرتين، ومن ضمن النتائج الإيجابية التي حققها المنتخب أيضا وصوله للمربع الذهبي في نهائيات آسيا 2004 وخروجه الحزين واكتفائه بالمركز الرابع، وأخيرا «وصافة» الخليج مرة أضيفت للمرتين السابقتين.

المحصلة النهائية لكل ما تقدم أن الكرة البحرينية عاشت طفرة كبيرة في العقد الأخير بفضل جهود شخصية قامت على خطوات وتحركات وقتية، وعلى رغم كل الوعود بتحسين الجوانب التنظيمية والإدارية إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث لتبدأ عملية التراجع والعودة من جديد لدائرة اختلال التوازن.

السنوات الأخيرة أيضا شهدت طفرة أخرى من خلال تحقيق المنتخب لأول انجازين رسميين في مشاركاته الخارجية وهما ذهبيتي دورتي الألعاب الرياضية الخليجية والعربية على رغم أنهما خارج مظلة «الفيفا»، ومعهما عادت «الروح» من جديد للكرة البحرينية وخصوصا إذا أضفنا إليهما ما حققه الفريق الكروي الأول بنادي المحرق من تحقيقه لبطولتين في غضون 4 سنوات بالتتويج للمرة الأولى في تاريخ الكرة البحرينية بلقبين خارجيين هما كأس الاتحاد الآسيوي 2008، والأندية الخليجية 2012، ولا ننسى أيضا ما حققه المنتخب الأولمبي بحصوله على لقب بطولة المنتخبات الخليجية في هذه الفئة العام الماضي.

لا يمكن نسب ما تحقق من «طفرة» خلال العقد الأخير إلى التخطيط بأي حال من الأحوال، فهناك جوانب مفقودة كثيرة وشواهد بارزة وواضحة تؤكد أن ما يحدث في كرة القدم البحرينية ما هو إلا طفرات ناتجة عن اجتهادات هنا وهناك من جهات تعمل بإمكانات وقدرات محدودة.

والتخطيط منهج إنساني للعمل يستهدف اتخاذ إجراءات في الحاضر ليجني ثمارها في المستقبل، ونظرا للحاجة إليه فإن جميع الأمم تبنت التخطيط، وأخذت بالعمل به باعتباره عملية أساسية لا غنى عنها لتحقيق أهداف التنمية، ويعتبر التخطيط أول عنصر من عناصر الإدارة، والتخطيط هو مجموعة التدابير المعتمدة والموجهة بالقرارات والإجراءات العلمية لاستشراق المستقبل، وتحقيق أهدافه، ولتحقيق هدفا ما على الجانب الإداري أن يرسم سياسات ويتخذ إجراءات ويضع موازنات وبرامج عمل يسير عليها لتحقيق الهدف المعلن.