ويبقى الحسين صداه يتجدّد بقوة كل عام. يبقى بعدد أنفاس محبيه في كل زمان ومكان. يبقى الحسين أكثر مما رأينا، أكثر مما سمعناه، أكثر مما قرأناه، كل ذكرى تقربنا من الحسين أكثر، نفهمه أكثر ونتعلم منه أكثر، لنكتشف أننا نجهله أكثر. هو الحسين فكلما كبرنا كبر معنا إنساناً وخلقاً وفضلاً، لذا فإننا لا نحيي ذكراه بقدر ما هي تحيينا، لذا فالحسين باقٍ... وبإنسانيته سيبقى.
لم يكن الإمام الحسين عليه السلام إنسان العنف في حركته، ولكنه واجه العنف بإنسانيته. ولم يكن منطلق الحسين الانتقام لكي يكون قاسياً حتى على مستوى الكلمة، ولا يعني لجوؤه إلى السلم تجنباً للمواجهة بقدر ما هي استراتيجية، وليس خياراً، لذا فإن شعار «يا لثارات الحسين» ليست مناداةً بالقتل لآخرين، إنّما هي مناداة استنهاض ليكون محبوه خصماً لمن يشيع الظلم ويقتل العدل، فالحسين مبدأ وقضية... قبل أن يكون شخصاً.
بإسقاطه واقع وليس شخوص... سيبقى. لم يكن الحسين مجرد ثائر يريد أن يسقط شخصاً، لكنه يريد أن يسقط واقعاً، واقعاً غير منصف، واقعاً لا يليق بأمة كتب لها أن تكون خير أمة. فليس من العدل أن تستباح حريتها وكرامتها، لذا أراد أن يسقط واقعاً منحرفاً حتى لا يكون جزءً من نسيجها إن صمت.
بقمة تضحياته... سيبقى. فكربلاء ليست حدثاً تاريخياً عابراً، إنما هي خط فاصل، ونهاية مؤلمة قاسية مرتبطة بعظم المهمة، وقمة التضحية أن تصحّح المسار بدمك وأهلك.
الإمام الحسين (ع) لم يترك لنا مجالاً في أن يشعر أحد منا أن معاناته أكبر، وأن ألمه أقسى، وأن فقده أصعب، فالتضحية مهما علت لا تقارن ولا تسمو بما قدّمه الحسين.
مفاهيمه... ثقافة ستبقى. «هوّنَ علي أنه بعين الله» و»كونوا أحراراً في دنياكم»، و«إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي». نصوص مختزلة في وجدان الحدث الحسيني تتجدّد تجلياتها كلما مرت الذكرى. ثقافة مفاهيم متنوعة المضامين، هي ليست ذات لون وصبغة معينة، فالقارئ لمفاهيم كربلاء يقف على مجموعة من المفاهيم منها ما تزوّده بمفاهيم العزة والكرامة وعدم الاستسلام للذل والهوان، ومفاهيم تجسد نهاية خضوع العبد لله وتفانيه فيه؛ ومفاهيم تنظم السلوك العام للإنسان. فالحياة في فهم الحسين هي حياة الدين والقيم، وأن الأمم تحيا عندما يحيا العدل، ويفلح الحق، ويموت الظلم ويخيب الباطل.
خياره الموت... فبقى إحياؤه أبدياً. الإمام الحسين (ع) إمام بكل ما يتسع له كلمة الإمامة في أبعادها الثقافية والسياسية والاجتماعية. فكل ما لدى الحسين هو الإسلام، اختار الموت وحيداً بقلة ناصريه في صحراء مترامية الأطراف، ظن أعداؤه بأنه سيفنى جسداً وذكرى، لكنه بموقفه واختياره للموت بقى في إحياء أبدي عجيب. مات من قرون، لكنه الوحيد الذي يمتلك القدرة على استقطاب جماهيريّ قلَّ نظيرها، فهو كان ولايزال قادراً على استنهاض الأمَّة وتعبئتها، ودفعها نحو الحركة والثَّورة والتغيير.
ويبقى الحسين، كما قال الشاعر:
كذب الموتُ فالحسينُ مخلّد
كلما أخلق الزمانُ تجدّد.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ
سيدي ومولانا
السلام عليك يا ابا عبد الله
عبد علي البصري
نبي الله يعقوب لم يكن جزوعا عندما بكى على يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن , وإنمما لفراق النور اللهي وكذلك عندما قتل الحمزه صاح النبي محمد قائلا كل القتلى لهم من يبكي عليهم الا عمي الحمزه ؟؟!! يعني ما يكفي بكاء رسول الله وأهل بيته على حمزه ؟! لماذا يأمر المسلمين بالبكاء على حمزه وما هوالا لانه سيد الشهداء وأبو الشهداء فالبكاء عليه محمود ..
غريب الرياض
سلام الله على الحسين ثار الله و ابن ثأره و الوتر الموتور