في خطوة جريئة وغير معهودة من قبل، تنشر المكتبة البريطانية ابتداءً من اليوم الأربعاء (22 أكتوبر/ تشرين الأول 2014) أرشيفاً عن تاريخ الخليج العربي، وسيكون الأرشيف مفتوحاً للجميع عبر بوابة إلكترونية، أطلق عليها «مكتبة قطر الرقمية»، وذلك لأن «مؤسسة قطر» هي التي موَّلت هذا المشروع الكبير والمكلف جداً، وسيكون مفتوحاً للجميع. وعلى أساس التفاهم بين الطرفين، فإن الوثائق التي ستنشر اليوم (نحو نصف مليون صفحة) ستكون متوافرة للجميع، ولن يكون هناك حجب للمعلومات التي ستعرض بالطريقة الأصلية التي حفظت بها، بينما سيوفر محرك البحث خدمة البحث عن الوثائق باللغتين العربية والإنجليزية.

هذا المشروع مهم جداً؛ لأنه سيمكّن الباحثين وطلاب المدارس والجامعات وكل مهتم بتاريخ الخليج من الاطلاع على كمية غير قليلة مما هو متوافر في المكتبة البريطانية، وهي مكتبة تحتوي على أكبر أرشيف في العالم عن منطقة الخليج العربي ودول المنطقة.

البوابة الإلكترونية ستوفر مدخلاً جاداً لتمكين «مجتمع المعرفة» خليجياً، إذ سيتمكن الخليجيون من الوصول إلى عدد غير قليل من الوثائق البريطانية، كما وردت بصورها الأصلية. ولأن هذا «المنجم المعرفي» يُعتبر الأهم بالنسبة إلى تاريخ الخليج، فإننا سندخل فعلاً مرحلة «المعرفة للجميع»، وليس فقط للمتخصصين، إضافة إلى أن الوثائق والسجلات والمخطوطات (بصورها الأصلية) تحمل في طياتها الكثير من المعلومات التي توضح تراث وتاريخ المنطقة، وهذا سيحسن فهم المنطقة، ويجعل تلك المصادر في يد الأجيال المقبلة التي دخلت «العولمة» في حياتها منذ فترة غير قصيرة، وآن الأوان لهذه العولمة أن تشمل التاريخ الممتد على مدى فترات حاسمة ومهمة جداً.

مجتمعات المعرفة لا تخشى العلم، وإنما تحتضنه وتستوعبه وتضعه في إطاره العقلاني، ومن ثم تتحرك إلى الأمام بمنظور استراتيجي، وهذا المنظور لا يمكن إلا أن ينطلق بالاعتماد على أكبر مجموعة من مصادر المعرفة في مختلف المجالات. وبالنسبة إلى التاريخ، فإنه لا غنى عن السجلات والوثائق المخزنة في أرشيف المكتبة البريطانية، والتي سيتوفر جزء استراتيجي منها عبر بوابة إلكترونية مفتوحة للجميع.