أسئلة عديدة تطرح حول عدد من الجمعيات السياسية، وفيما اذا كانت تغلب الهوية المذهبية أم الهوية الوطنية. قد يرى البعض، مثلاً، أن جمعية الوفاق، جمعية مذهبية على أساس أن أغلبية المنتمين إليها والمؤمنين بأهدافها ينتمون إلى مذهب معين، وبالتالي فإن أهدافها وجميع مشاريعها في خدمة أتباع هذا المذهب. الحديث ذاته ينطبق على جمعية المنبر الاسلامي وجمعية الأصالة. من جهة أخرى، قد يرى البعض الآخر أن الوفاق جمعية وطنية على أساس أن خطابها ومطالبها لا تنحصر بأتباع مذهب معين وهي تسعى لخدمة المواطنين باختلاف انتماءاتهم.
تسود المجتمعات هويات متعددة كالهوية الوطنية والمذهبية والدينية والقبلية والعائلية ومع تشكل المؤسسات السياسية أو الاجتماعية أو غيرها فإنها تتأثر بهذه الهويات. هناك ثقافات متعددة ترتبط بهويات متعددة ولذلك تختلف الهويات السائدة في دولة خليجية مثلاً، عن الهويات السائدة في دولة أوروبية. وقد تكون هناك هويات عابرة للثقافات ولكن هناك هويات مختلفة أيضاً، وذلك لارتباطها بثقافات مختلفة. حتى على المستوى الفردي يمكن الحديث عن هويات متعددة كأن يكون الشخص بحرينياً وخليجياً ومسلماً، وشيعياً أو سنياً، في آن واحد. هذه الهويات قد تتقدم وقد تتأخر بفعل مجموعة من العوامل ومنها التغيرات الخارجية الكبرى والتي تؤثر على هوية الفرد والجماعة والمجتمع. المسلمون في بريطانيا، على سبيل المثال، كانوا يعرفون على أساس هوياتهم العرقية الآسيوية والأفريقية وغيرها، ولكن مع صدور رواية «آيات شيطانية» لسلمان رشدي في الثمانينيات وصدور الفتوى ضده وخروج المسيرات المناهضة للصورة التي ظهرت للإسلام والنبي محمد (ص) في الرواية وإحراقها نتيجة لذلك، برزت الهوية الإسلامية بقوة للمسلمين وتقدمت على هوياتهم الأخرى في المجتمع البريطاني. لا يعني ذلك أن المسلمين حينها لم يعودوا آسيويين أو أفريقيين، هم لازالوا وسيظلون كذلك، ولكن هذه الهويات العرقية تأخرت بعد تقدم الهوية الإسلامية في تلك الفترة.
شهد المجتمع البحريني تجربتين مشابهتين مع الهويات وذلك في خمسينيات القرن الماضي وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران العام 1979. في البحرين خصوصاً قبل بداية نشوء الدولة الحديثة، كانت الهويات المذهبية والقبلية والعائلية متقدمة، ولكن بعد اكتشاف النفط العام 1932 وتطور مستوى الاهتمام بالتعليم، بدأ التواصل مع الحواضر العربية مثل القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، ووصلت البحرين مفاهيم تؤمن بالوحدة العربية والقومية والأفكار البعثية والشيوعية وغيرها. في تلك الفترة سادت هويات جديدة وتراجعت هويات كانت متقدمة في السابق. من جهة أخرى، ومع انتصار الثورة الإسلامية العام 1979، تقدّمت الهوية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي وفي البحرين. في كلا المرحلتين، ظهرت بعض التيارات والتكتلات السياسية التي تعبر عن هذه الهويات السائدة.
حين تسود الهوية المذهبية في المجتمع، فلا يكون مستغرباً أن تتشكل المؤسسات السياسية الممثلة له على هذا الأساس، ويكون التحدي هو تحدي إنتاج الخطاب الوطني. وفي ظل مجتمع تتسيّده هويات متعددة، فمن حق كل فئة أن تناصر المؤسسة السياسية التي ترى فيها القدرة على تحقيق تطلعاتها بما ينسجم ورؤيتها. التحدي الكبير الذي تواجهه المؤسسات السياسية هو تحدي إنتاج خطاب وطني يتجاوز الجانب المذهبي أو القبلي ليتبنى تطلعات الوطن بمختلف مكوناته المذهبية.
تبدو جمعية الوفاق قادرةً على تبني خطاب وطني يتجاوز المذهبية ويثبت قدرة الهوية الإسلامية على إنتاج الخطاب الوطني. ومن الممكن قراءة هوية الوفاق من زاويتين: زاوية التشكل وزاوية الخطاب. إذا كانت الهوية المذهبية هي التي تحكم شكل الوفاق، فإن الهوية الوطنية هي الحاكمة على خطابها. فليس كل تشكل مذهبي ينتج خطاباً مذهبياً، وليس كل تشكل وطني ينتج خطاباً وطنياً بالضرورة. قد تتشكل مؤسسة سياسية من هويات مذهبية متعددة، ولكن يكون خطابها خطاباً مذهبياً محضاً، وقد تتشكل المؤسسة السياسية من هوية مذهبية واحدة ولكن خطابها يبقى وطنياً. فالعبرة ليست في هوية التشكل، وإنّما في هوية الخطاب، خصوصاً مع تسيد الهوية المذهبية في المجتمع البحريني.
قد تكون هناك بعض أوجه التشابه بين النموذج الذي تقدمه جمعية الوفاق اليوم وبين نموذج عالم الدين البحريني السيد علي كمال الدين، أحد قادة هيئة الاتحاد الوطني في خمسينيات القرن الماضي. كان السيد كمال الدين أحد قادة الهيئة التي استطاعت أن تقود العمل السياسي الوطني في تلك الفترة وامتازت بقدرتها على ضم الشيعة والسنة تحت قيادة الهيئة. تشكلت قيادة هيئة الاتحاد الوطني، برئاسة عبد الرحمن الباكر، من ثمانية أعضاء: أربعة من الطائفة السنية وأربعة من الطائفة الشيعية، وكان كمال الدين أحدهم، وهو ينتمي لعائلة علمية بارزة، وقد درس في النجف الأشرف سنوات عديدة، وكان يمارس دوره الديني ويعتز بهويته الإسلامية والمذهبية، ومع ذلك لم يكن كل ذلك عائقاً له من الانضمام لهيئة الاتحاد الوطني ذات الخطاب الوطني، والمطالب السياسية الوطنية.
يقدم السيد كمال الدين نموذجاً فردياً في قدرة الهوية المذهبية على تبني الخطاب الوطني والاندماج فيه، بل وقيادته، وهذا ما يمكن أن تقدّمه جمعية الوفاق كنموذج مؤسسي. القيادات الإسلامية الفردية في فترة الخمسينيات والتي كان يمثلها شخص مثل كمال الدين، تحوّلت بعد مرور هذه الفترة الزمنية إلى مؤسسات اليوم.
إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"العدد 4418 - السبت 11 أكتوبر 2014م الموافق 17 ذي الحجة 1435هـ
كلام فاضي
كل الجمعيات الدينية دون استثناء سواء كانت سنية ام شيعية هي مسؤولة عن الشرخ الطائفي الحاصل في البلد و الحل هو منعها و إغلاقها جميعاً دون استثناء و فصل الدين بشكل تام عن الدولة
لا يوجد جمعية طائفية وطنية
لا يمكن ابداً ان تقنعني ان الوفاق التي تقوم على أساس طائفي تماماً مثل الأصالة و المنبر الإخواني هم جمعيات وطنية. الحل هو منع هذه الجمعيات الطائفية التي دمرت المجتمع و منع رجال الكهنوت من التدخل في السياسة و الشأن العام
تعليق
اختلف معك في البحرين فمقولة الوطن للجميع لا تنطبق وما يحصل في البحرين يثبت ذلك
متهم بالطائفية
من السقطات المعيبة المتكررة من القيادات السياسية والكتاب في الصحف ومختلف المنابر الذين كذبوا بالوحدة الوطنية والإسلامية بين الشيعة اعلى الله مقامهم الطائفية الاخرى وصدقوا الكذبة، وكثيرا ما يستشهدوا بالهيئة الوطنية على أنها دليل على وهم الوحدة، في حين ان مجرد النظر العابر في تشكيلها الذي يعتمد على عدد متساو من كل طائفة كاف لكشف هذا الوهم وتحويله لسراب، ارجوا مرة اخرى علك تستفيق من هذا الوهم وتفيق.
ربي هو خالقي
يبقى الوطن للجميع والدين لله(بسم الله الرحمن الرحيم)وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون(لا ليتناحرون ويقتتلون وينادون نحن سنة وشيعه اشكر ربك الله خلقك مسلمتعايش مع ابناء وطنك فغدا انت عنه مفارق ولن يقال لك يوم حسابك انت من اي بلد حولهم لدخول الجنة اعمالك تلحينه التي تخلو من الكره والبعض والحسد والقتل والاجرام بكافة انواعه نسال الله العفو يوم لقياه