«أتمنى أن يفوز بنوبل للآداب هذه المرة كاتبٌ لا نعرفه كي يلتفت إليه المترجمون العرب ويترجمون أعماله فنقرأه ونتعرف عليه»!
كانت هذه أمنية شاعرٍ صديقٍ قبيل إعلان النتائج، وأخالها أمنية كثيرين باعتبارها باباً للتعرف على جديدٍ لا نعرف بوجوده قبل سماع اسمه فائزاً، وهو ما يحيل إليه أيضاً اهتمام مجاميع كبيرة من القرّاء بكاتبٍ بعينه كان لفترةٍ طويلةٍ مبهماً عربيّاً لعدم وجود ترجماتٍ عربيةٍ لما يكتب، وانتشار «موضة» قراءة كتب بعينها في فترةٍ ما عندما يُعرف كاتبٌ يتميز أسلوبه بالرشاقة والجمال والجدية.
وبالعودة إلى أمنية الصديق أعلاه، فإننا نجد أن الترجمات العربية للكتب المكتوبة بلغاتٍ أخرى ضئيلةً جدّاً، والمشتغلون عليها قليلون، ومازال كثيرٌ منهم يتذمرون من عدم وجود الدعم الماديّ والمعنويّ المناسب إليهم، ولا أعني هنا العاملين في مكاتب الترجمة، أو في دور النشر والتوزيع بدوامٍ كاملٍ، بل أعني أولئك الذين أتخذوا من الترجمة هوايةً يزاولونها، واهتماماً بالثقافة أوجد لهم باب رزقٍ إضافيّاً وباب عملٍ وباب نشرٍ من شأنه أن يخرج ما يترجمون إلى النور ويصل إلى الجمهور المتعطش للتعرف على ثقافة الآخر باختلاف موطنه ولغته وهويته، إضافة إلى من اتخذها صنعةً وحرفةً ليس له سواها مصدراً لرزقه فتفرّغ في بيته لها؛ لما يحتاج إليه هذا العمل من وقتٍ وجهدٍ لن يتوافر له لو كان على رأس عملٍ آخر، لكنها مع ذلك بالكاد تغنيه السؤال وخصوصاً مع رغبة دور النشر هي الأخرى في الربح الماديّ، ومع عدم وجود دعمٍ رسميٍّ لمثل هذه المشاريع إلا فيما ندر.
هذا الدعم الرسميّ مطلوبٌ في كل الدول، وهذه المشاريع لا يمكنها أن تزدهر وتينع وتثمر إلا مع وجوده، ولو أننا نعرف أن الترجمات التي ستنتج من هذا الدعم لن تتجاوز خطوط الرقابة الكثيرة في دولنا العربية، إلا أنه مازال مطلوباً لإثراء المكتبة العربية في هذا الجانب، وهو ما نراه جليّاً في كثيرٍ من مؤسسات الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال التي تتبنى ترجمة ونشر الكتب لإيصالها إلى القرّاء، وهو ما كان موجوداً بشكلٍ جميلٍ لدينا في البحرين أيضاً في فترةٍ من فترات ازدهار الاهتمام الرسمي بالنشر والترجمة.
مع وجود دور النشر الكثيرة في مختلف الدول العربية، ومع وجود المهتمين بالترجمة من الأدباء العرب ممن يبحثون عن فرصةٍ لممارسة اهتماماتهم من دون خوفٍ من انعدام الدعم الماديّ والمعنويّ، ومع وجود قارئٍ نهمٍ يبحث عن كل جديدٍ في عالم الكتب – حتى وإن قل عدده – لابد من إيجاد وسائل لسدِّ هذه الثغرة وتلبية هذا النهم لدى هذا النوع من القراء العرب، وهو ما سينتج بالطبع كتاباً جدداً وباحثين جدداً يرغبون في قراءة وكتابة ونقد مختلف الكتب ومختلف الثقافات.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4417 - الجمعة 10 أكتوبر 2014م الموافق 16 ذي الحجة 1435هـ