تمثل أقسام ودوائر طب الطوارىء في المستشفيات القلب النابض للخدمة التشخيصية والعلاجية في جميع مرافق الرعاية الصحية الثانوية والثلاثية، فمن خلال تلك الأقسام يجد المريض طريقه للعلاج، خاصة إن كان في حاجة إلى تطبيب في المستشفى كتنويم داخلي أو رعاية طبية من خلال وحدات العناية الطبية والجراحية اليومية.
لذا تتميز الطبيعة اليومية في أقسام الطوارىء بالعدد الكبير من المرضى على مدار الساعة، مما قد لا تقدر معه مصادر الرعاية من كوادر طبية وصحية مساعدة وغيرها القيام بواجبها في إسعاف المرضى وإنقاذ حياتهم، حيث لا ننسى هنا أن هناك خصوصية جوهرية فى مغزى وفلسفة تقديم الرعاية الطبية العاجلة والمستعجلة، من ذلك أن ممارسة طب الطوارىء هنا تعطى الأولوية في العلاج لأي مريض تستدعي حالته، بعد التصنيف الطبي والمعاينة الآنية والمبدئية من قبل الكوادر الطبية والتمريضية المؤهلة، التدخل العاجل والمعاينة والعلاج الذي لا يستحمل التأخير، وليست الأولوية لما عدا ذلك من حالات مرضية لا يدخل فيها عامل الوقت والتدخل الآني عاملاً فاعلاً وفاصلاً في إنقاذ الحياة أو الحد من تدهور الحالة المرضية ومن ثمة تعريض المريض إلى مضاعفات قد كان بالإمكان تلافيها أو التقليل من وطأتها.
إن معرفة واستيعاب هذا المبدأ والخصوصية هو الأساس الذي يجب أن تنطلق منه جميع مبادرات وحملات التوعية والإرشاد بالاستخدام الأمثل لموارد تقديم الرعاية الطبية العاجلة في المستشفيات، وخاصة أقسام الطوارىء التي باتت تعاني الأمرين في سبيل تقديم رسالتها الإنسانية على الوجه الأكمل ووفق أرقى معايير تقديم الخدمة العلاجية، ولنا هنا أن نتصور حجم الجهود والإمكانات الجسدية والذهنية والنفسية المطلوبة في جميع الكوادر الطبية والصحية والإسعافية التي يعهد إليها القيام بمسئولية تشغيل وإدارة أقسام الطوارىء، حيث إن ما يتوقعه المريض وما تفرضه أدنى معايير الجودة والمصداقية في توفير الرعاية الطبية الطارئة هو من الأهمية بمكان ويستوجب معه الممارسة المهنية العالية في واحد من أعصب الأوقات فى الحياة عندما يتعلق الأمر بين حياة أو موت مريض وزيادة على ذلك محدودية الوقت وربما انعدام التأريخ المرضي وأساس الشكوى لدى المريض الذي ربما لا يقدر حتى على التعاطي مع الطبيب وقتها بينما هو في أمس الحاجة للتدخل والإسعاف.
تزخر أقسام الطوارىء كافة كغيرها من بيئات العمل، المهنية منها على وجه التحديد، بالكثير من المعضلات والعوائق في سبيل أداء مهامها، من بين ذلك معضلة الازدحام والكم الكبير من المرضى في أي وقت من الأوقات، وهي ظاهرة عالمية ذهبت ولاتزال آليات البحث العلمي المعنية بممارسات طب الطوارى على المدى البعيد في سبيل تحليل ودراسة الأثر على تقديم وكفاءة الخدمة الطبية المتوقعة، ونحن هنا نرى ونقول إن من ضمن الاستراتيجيات الواعدة في محاكاة والتقليل قدر الإمكان من أثر هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على رعاية وجودة وسلامة المريض، هي خلق البيئة المجتمعية الواعدة التي تنتهج الفلسفة والغاية السامية من ممارسات طب الطوارئ والتي جوهرها إسعاف وإنقاذ حياة إنسان، وأن المساهمة الواعية في والاستخدام الذكي لمصادر توفير الرعاية الطبية والصحية العاجلة في المستشفيات ومرافق العلاج هي الفيصل والأساس في نجاح كل الجهود الرامية إلى الارتقاء بالخدمة الصحية عامة وخدمات الطوارىء الطبية على وجه الخصوص.
إن مجتمعنا لديه من الوعى والإدراك القدر الكافي الذي لا يحتاج إلى أكثر من التوجيه المستمر وتعزيز أسس ومبادىء المشاركة بين دور تقديم الرعاية الصحية العامة والخاصة من جهة وما تستهدفه من مجتمعات من جهة أخرى.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"العدد 4416 - الخميس 09 أكتوبر 2014م الموافق 15 ذي الحجة 1435هـ
التوعية بما هو طارئ
اولا شكرا للوسط و الدكتور محمد على هذا المقال.
ثانيا قد يحتاج المجتمع للتثقيف بما هو طارئ و ما هو حالات مرضية قد تعالج في المراكز الصحية و الرعاية الاولية، كي ننهظ و نحسن من جودة خدمات الطوارئ.
الكثير من من يترددون على الطوارئ من الممكن علاجهم في المراكز الصحية.
و هذا العدد الكبير من الحالات البسيطة يسبب ضغط على قسم الطوارئ و يسبب انحدار الجودة و تأخر الخدمات المقدمة من هذا القسم.