وعدنا في مقالنا السابق، أن نتناول الصلاحيات التشريعية، الدافعة والمُعَوِّقَة، لكل طرف في السلطة التشريعية، والتي هي الفيصل في مخرجات العملية التشريعية، بما يفيد توجيه الإرادة والقرار، سواءً باتجاه إصلاح وتطوير الممارسة الديمقراطية، وإحقاق الحقوق، بالتقاسم العادل للثروة، وبالمساواة وتكافؤ الفرص والتضامن الاجتماعي، وإشاعة الحرية والأمن والطمأنينة، وإرساء دعائم الكرامة الإنسانية، وتوفير فرص العمل والسكن والرعاية الصحية والعلاج، وترجمة نظام المؤسسات والقانون في الدولة المدنية الحديثة، أو بما يوجه الإرادة والقرار باتجاه استمرار توتير العلاقة بين الحكم والشعب، بما تسبب في أزمة البحرين منذ فبراير 2011 إلى اليوم، والتي جاءت على أثر عملية معالجة خاطئة استمرت من فبراير 2001 إلى فبراير 2011، وذلك لحل أزمة المرحلة سابقتها منذ أوائل السبعينيات إلى أواخر التسعينيات.
وهكذا دواليك من أزمة إلى أزمة، منذ الاستقلال، وبذات الدوافع والمعالجات والنتيجة، بما يعزّز العلاقة المتوترة، القائمة على معادلة امتلاك الحكم لوسائل القوة وأجهزتها بينه وبين الشعب، على اختلاف انتماءاته الاجتماعية والسياسية والمذهبية، بما وصل مؤخراً إلى توظيف غير المواطنين وأزمة السياسة التجنيسية.
فالعملية التشريعية في البحرين، أبعد ما تكون عن الديمقراطية، فهي تبدأ من العملية الانتخابية، لأعضاء مجلس النواب الأربعين، التي من المتوجب أن تكون «بطريق الانتخاب العام السري المباشر»، إلا أنها محكومة بالإرادة الحكومية في الوسيلة والنتيجة، فالحكومة هي من تُقَسِّم المجتمع (بشرياً وليس مناطقياً فقط) إلى دوائر انتخابية بأصغر ما تكون، مبنية على التنوع الطائفي والسياسي، لترسم خريطة مجتمعية سياسية، تعمّق الفرقة بين المكوّنات الشعبية، بما يتيح لها صياغة مخرجات العملية الانتخابية، على أساس ما نثرت من بذور الفرقة، يسقيها ماء آسن ملوث بفساد الإعلام، وما شجعت في المجتمع من بشر عضوض على المال والاستنفاع الخاص، ناهيك عن التحكم الحكومي في العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها، في ظل اللحاف الغليظ على المعلومات التعدادية وخصوصاً المتعلقة بقرارات الجنسية، إضافةً إلى تعليق حق الانتخاب لمنتسبي الأجهزة، بما تنص عليه القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن، بدلاً من ربط هذا بحقهم في التعاطي مع الشأن السياسي العام من عدمه بشكله المطلق، وذلك من خلال الدوائر العامة، التي يرتادها أيضاً حاملو الجنسية البحرينية المقيمون في دول الجوار.
ثم يأتي الالتئام التجزيئي للسلطة التشريعية، المكونة من مجلس الشورى (أربعون عضواً معيناً)، وذلك بإرادة خالصة للسلطة، ومجلس النواب (أربعون عضواً منتخباً)، وذلك أيضاً بتأثير مطلق للسلطة من خلال التحكم بالدوائر الانتخابية، الثابتة التخريج، لعدد معلوم من «الحكوميين»، وعدد لابد أقل ومعلوم من «الشعبيين».
لتبدأ العملية التشريعية باجتماع كل من المجلسين، كلاً على حدة بـ «حضور أكثر من نصف أعضائه، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين...»، بمعنى حضور 21 عضواً من أصل أربعين، وتصدر قراراتهم بموافقة 11 عضواً من كل مجلس، «وإذا لم يكتمل نصاب انعقاد المجلس مرتين متتاليتين، اعتبر اجتماع المجلس صحيحاً، على ألا يقل عدد الحاضرين عن ربع أعضاء المجلس»، بمعنى حضور 10 أعضاء لكل مجلس، وتصدر القرارات بموافقة 6 أعضاء. (م 80 من الدستور)، وكأن عضوية المجلسين عمل تطوعي، ولا يستهلكان من ميزانية الدولة تلك الملايين.
ثم يدخل المجلسان والحكومة ميدان المبارزات، بأن «يعرض رئيس الوزراء مشروعات القوانين على مجلس النواب...» الذي له أن يقبل أو يعدل أو يرفض، ثم يعرض المشروع على مجلس الشورى، الذي له أن يقبل أو يعدل أو يرفض المشروع، وله أيضاً أن يقبل أو يعدل أو يرفض قبول مجلس النواب أو تعديلاته أو رفضه، ودائماً وبدون نقاش «تعطى الأولوية في المناقشة دائماً لمشروعات القوانين والاقتراحات المقدمة من الحكومة» (م 81 من الدستور.
وإذا وافق مجلس النواب على مشروع قانون، ولم يوافق عليه مجلس الشورى، يعيده إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، (م82 من الدستور)، ولكن إذا وافق مجلس النواب على مشروع قانون أتاه من مجلس الشورى، سواء قبله مجلس الشورى بأصل مشروعه، أو عدله أو أضاف عليه أو ألغى منه، «...يحيله رئيس مجلس النواب ... إلى رئيس مجلس الوزراء لرفعه إلى الملك» (م 83 من الدستور)، مع ملاحظة التعارض الدستوري لهذه المادة مع (م32-ب من الدستور «السلطة التشريعية يتولاها الملك والمجلس الوطني، ويتولى الملك السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء (برئيسه) والوزراء»، فما شأن رئاسة مجلس الوزراء بالعملية التشريعية، من حيث أولاً صياغة مشاريع القوانين، ومن حيث ثانياً الإحالة إليه مشروع القانون بعد إقراره من السلطة التشريعية، فإن كانت الأولى تحتمل التكييف الدستوري، فإن الثانية مستحيلة، ولا ننسى أن المادتين 83 و86 من الدستور أشارتا إلى رفع رئيس الوزراء للقوانين المقرة من قبل السلطة التشريعية، إلى الملك من دون تحديد سقف للوقت، وهنا ترتسم علامة استفهام كبيرة، وللملاحظة فإن المادة 86 تغني عن نص ورد مكرراً في المادة 83.
ولكن إذا رفض مجلس النواب أي تعديل أجراه مجلس الشورى، وأصر على قراره قبل تعديلات مجلس الشورى، فيعاد مشروع القانون إلى مجلس الشورى لإعادة النظر فيه، ولمجلس الشورى أن يقبل قرار النواب أو يصر على قراره السابق. (م84 من الدستور)، لنصل إلى مرحلة عقد جلسة للمجلس الوطني الجامع لأعضاء المجلسين، «...لبحث المواد المختلف عليها، ويشترط لقبول المشروع (القانون)، أن يصدر قرار المجلس الوطني بأغلبية الأعضاء الحاضرين، وعندما يرفض المشروع بهذه الصورة، لا يقدم إلى المجلس الوطني في الدورة ذاتها» (م85 من الدستور)، فيتوجب هنا ملاحظة أنه لو توافق مجلس النواب ومجلس الشورى لاحقاً وأثناء فترة ذات دور الانعقاد، فيحق لهم إقرار ذات القانون، فالمادة هنا تمنع فقط تقديم مشروع القانون المختلف عليه إلى المجلس الوطني فقط، وليس أي من المجلسين. ولنا متابعة للموضوع.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4414 - الثلثاء 07 أكتوبر 2014م الموافق 13 ذي الحجة 1435هـ
محب الوطن. 1855
مساء الخير أستاذنا الموقر كل ماتت فضل به ينور نا لاكن هل هذه الجمعيات المختلفه مذهبية تعمل شيء في البرلمان بل بتزيد الطين بله لأنه حتى مع نفس المكون لا تلتقي فكيف تحل مشاكل الشعب هذه ما يرجى منه إلا الخراب
محب الوطن. 1515
مساء الخير أستاذنا الكبير يعقوب سيادي الموقر كل ما تكرمت به صحيح 100 في 100 والله يعطيك العافيه لاكن هل الجمعيات المذهبية اذا دخلت البرلمان تعمل شيء للشعب بل بتزيد الطين بله ما عدها إلا لهوا ش مع بعض هذا خلاف تاريخي لايمكن حله وضاعت فلوس ك يصابر
سأكون أولهم
سأكون اول المطالبين بأن تكون البحرين دائرة انتخابية واحدة بشرط ان يتم إلغاء جميع الجمعيات السياسة الطائفية السنية و الشيعية و منع رجال الدين من التدخل في الشأن العام اما في ظل الأوضاع الحالية فمستحيل اقبل بتغير النظام الانتخابي
كفرنا بانتخاباتهم وديمقراطيتهم وليس لنا طريق الا النضال المتواصل
حتى نلقى الله وهو راض عنا فالنضال طريقنا حتى يقضي الله امرا كان مفعولا والا فلا امل في ديمقراطية من مثل هذه الانظمة التي يستحيل ان تلد مولودا غير معاق
لا أمل
الذي خبث لا يخرج الا نكدا. ديمقراطية المكرمات لم و لن تغير الوضع. يجب أن تأسس الديمقراطية على اساس تعاقدي و الا لا أمل.
لن انتخب احدا
المستفيد هو النواب اما المواطن سيبقى فقير معدم ولاعزاء له
ما في فايدة
خضخضة لبن بدون زبدة ، هذا هو الحال
انها عملية انتخابية مقلوبة
مئات آلاف يذهبون للتصويت لتحسين أوضاع أربعون نائبا لان وظيفتهم هي تمرير ما تريده الحكومة فعليه فهي لاتنساهم عند ذلك هم ينسون ناخبيهم ......موضوعك جميل أيها الشريف