لا تزال العودة المدرسية تمثّل الحدث الأهمّ في الحياة الاجتماعية لكلّ الأسر في شتّى دول العالم؛ حيث يتغيّر بموعد حلولها نسق مختلف الأزمنة الأخرى في الحياة اليومية نظراً لتأثير الزمن المدرسيّ في كافة أشكال الحياة بالنسبة إلى العائلة والمجتمع عموماً، سواء في أوقات ما قبل المدرسة أو ما بعدها.
وإذْ تُعتبر العطلةُ الصيفية والعودة إلى المدرسة في نظر الكثير من الأخصائيين النفسانيين أمريْن مختلفين في حياة المتعلم إنْ لم يكونا حدثيْن متناقضين؛ فإنّ التفكير في جسر الفجوة بينهما صار يحتل المركز من المناقشات في مجال علم نفس الطفل؛ إذْ تعني العودة إلى المدرسة بحسب الدكتورة فرح تميم الأخصائية في علم نفس الطفل «الخروج من أجواء الاستجمام والحرية النسبية إلى أجواء الانضباط وتحمّل المسئولية وضرورة العمل بجدّ للنجاح»، وهو ما يؤكد خطورة هذا الحدث المَفصَليّ المهمّ في حياة أبنائنا الطلاب.
وفي جميع الأحوال يبقى يوم العودة المدرسية يوماً مميزاً لا في حياة الطالب فحسب، وإنما في حياة وليّ الأمر والأم خصوصاً، إلى جانب المعلم والمدير وكافة الإطار التربوي والعناصر الاجتماعية التي تسهر على خدمة العملية التعليمية وإنجاحها. وبهذه المناسبة حريّ بنا أن نتقدّم لكافة الإطار التربوي وللطلاب خصوصاً، بأجمل ما في العبارات من كلمات تهنئةً لهم بالعودة المدرسية، جعلها الله مباركةً على الجميع، مكللةً بالنجاح والتوفيق.
ولعلّ خلوّ اليوم الدراسيّ الأول من المشاكل والاضطرابات من المعايير المعتبرة على حسن التنظيم وخطوة في درب إنجاح العام الدراسيّ في كثير من مدارسنا في العالم العربيّ، لكن للأسف لايزال هذا اليوم لا يحظى بالقيمة التي يستحقها في الحياة الاجتماعية، وحتى في التقاليد والأعراف المدرسية في العديد من الدول العربية مقارنةً بنظيراتها من الدول الغربية خصوصاً. فقد لفت انتباهي في عديد من المواقع الالكترونية صورٌ لليوم الدراسي الأول في بعض الدول حيث رصدت إحدى الصحف الأجنبية يوم العودة المدرسية للعام الدراسي الحالي 2014/2015 عبر شبكة مراسليها في كذا دولة، من مشرق الأرض ومغربها، وفي الأثناء تداعت إلى خاطري صور من أيام العودة المدرسية ببعض الدول العربية قديماً وحديثاً.
وما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد بدءًا، اختلاف مواعيد انطلاق العام الدراسي، لكن يبقى مطلع شهر سبتمبر/ سبتمبر، الموعد الغالب لافتتاح العام الدراسي في معظم الدول. غير أنّ ما يلفت الانتباه حقاً هو أن بعض الدول تعطي لهذا اليوم طابعاً احتفالياً كرنفالياً؛ حيث تجاوزت بتقاليدها العريقة في مجال التعليم صعوبات البدايات ومشاكل التسجيل والنقل وتوزيع الكتب التي يُهدَر فيها جهد وزمن مدرسي في بعض دولنا العربية، وصار من تقاليد هذه الدول الغربية إحياء اليوم الأوّل من كلّ سنة دراسية بحفل بهيج يرتدي فيه الطلاب والطالبات من الملابس أجملها، ومن الزينة أحلاها وأبهجها، حتى لكأن العودة المدرسية عيدٌ ينتظرونه بفارغ الصبر، وذلك ما تلحظه بيُسرٍ في احتفالات طلاب أوكرانيا مثلاً بالعودة المدرسية في تقليد سنوي عريق، يؤكد وعياً تربوياً واجتماعياً بضرورة كسر الحاجز النفسي مع هذا الموعد المهم من حياة المتعلم.
أمّا في روسيا فيُعرف اليوم الدراسيّ الأول بيوم المعرفة، وفيه يتحلّى الأطفال بأبهى الحلل، وعلى جانبي مدخل المدرسة يقف أولياء الأمور والطلاب القدامى والمعلمون، في حين يصطفّ طلاب الصف الأول بالمدرسة ويدخلونها حاملين الورود وسط تشجيع الجميع بالتصفيق والتحية وكأنهم أبطالٌ فازوا في المسابقات الرياضية أو مشاهير من الفنانين المتألقين. وبمثل هذا التقليد الجميل يتحوّل اليوم الأول من كابوس، كما هو عند العديد من أولادنا، إلى احتفالٍ تنشرح له الصدور وتطمئن له النفوس وتتهيّأ به القلوب قبل العقول لسنة دراسية جديدة.
بين هذا وذاك تحضرني صورٌ من مشاهد العودة المدرسية في ربوع وطننا العربي الحبيب؛ فألتاع بدءًا لأن بعض أطفالنا في غزة قد هدّمت مدارسهم؛ وكثير من أطفالنا في سورية قد لا تحويهم مدارس الملاجئ في بلدان الجوار؛ وأطفال من ليبيا يبحثون عن ملاذهم في تونس أو غيرها من الدول لبدء عامهم الدراسي، وغير ذلك كثير...
وأمّا من استقرّ بهم الحال في أوطانهم، فلا تمثّل العودة المدرسية في حياتهم وحياة معظم عائلاتهم إلا فترة عصيبة لضيق ذات اليد عند البعض، نظراً لارتفاع أسعار مستلزمات العودة المدرسية، ما يجعل العودة هاجساً مادياً قد يضطر بعض الآباء إلى حرمان بعض أولاده من الدراسة. وأمّا المدارس فلا ترى في ذلك اليوم سوى يوماً صعباً ينتظر الجميع نهايته قبل بدايته: فمن مشاكل الخلط في الجداول والتضارب في الصفوف، إلى مشاكل النقل بين المدارس، إلى مشاكل توزيع الكتب دون أن ننسى بعض مظاهر الهروب أو التسرب الوقتي من المدرسة؛ ذلك أنه لا شيء مميزاً يشدّ الطالب في أول يوم من عامه الدراسي سوى صفوف مغلقة، ومعلم يأمر ويتأمّر، ومشرف يتنمّر وصديق يتذمّر.
فماذا لو نجرّب سنةً واحدةً، وفي بعض المدارس فقط ونجعل اليوم الأول يوماً احتفالياً كرنفالياً؟
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4385 - الإثنين 08 سبتمبر 2014م الموافق 14 ذي القعدة 1435هـ
شكرا أستاذ سليم ما تقصر
حريّ بنا أن نتقدّم لكافة الإطار التربوي وللطلاب خصوصاً، بأجمل ما في العبارات من كلمات تهنئةً لهم بالعودة المدرسية، جعلها الله مباركةً على الجميع، مكللةً بالنجاح والتوفيق
العودة الكابوس
يا رب نرجو تحسين ظروف العودة لأولادنا
إنّها العودة المدرسيّة
والله يا ريت يفكرون زي ما انت تفكر
ممتاز
شكرا على المقال الرائع
وهؤلاء من لهم وماذا فعلنا من أجلهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بعض أطفالنا في غزة قد هدّمت مدارسهم؛ وكثير من أطفالنا في سورية قد لا تحويهم مدارس الملاجئ في بلدان الجوار؛ وأطفال من ليبيا يبحثون عن ملاذهم في تونس أو غيرها من الدول لبدء عامهم الدراسي،
فكرة ممتازة
هذه فكرة ممتازة واقتراح جميل.ليتنا نتعلم الدروس من الغير لتتحول مدارسنا الى اماكن جاذبة.
ومن يسمعك يا أخي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فماذا لو نجرّب سنةً واحدةً، وفي بعض المدارس فقط ونجعل اليوم الأول يوماً احتفالياً كرنفالياً؟
كلامك
عددددل
اول يوم بالنسبة لناعذااااااااااااااااااااااب
عذااااااااااب
والسبة ماكو تنظيم
ولا اكو استعداد من الوزير للغفير