تثير الانتخابات النيابية المقبلة في دورتها الرابعة والمتوقع إجراؤها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 جدلاً حامياً وواسعاً في البلاد ومواقف متضاربة، ففي الوقت الذي ترمي فيه الدولة كل ثقلها لإجراء وإنجاح هذه الانتخابات إلى حد الضغط على المعارضين لإجراء هذه الانتخابات، وفي الوقت الذي تتحمس فيه جمعيات وشخصيات الموالاة لهذه الانتخابات إلى حد تصريح الناطق باسمها بأنهم سيترشحون في الدوائر المحسوبة تاريخيّاً على المعارضة، وقد بلغ الأمر أن صدرت فتاوى دينية تعتبر التصويت في الانتخابات واجباً دينيّاً، وأن من يمتنع عن ذلك مأثوم، بل طالب أحد المستشارين بإلزام الناخبين بالإدلاء بأصواتهم، تحت طائلة العقوبة من قبل الدولة.
وفي المقابل فإن المعارضة ممثلة بالجمعيات الوطنية الديمقراطية الخمس، أعلنت موقفها القاطع بمقاطعة الانتخابات إلا إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة مع الحكومة، وتشمل إعادة توزيع الدوائر الانتخابية لتحقيق مبدأ تساوي أصوات الناخبين، وضمانات أخرى بنزاهة الانتخابات، وصلاحيات كاملة للمجلس النيابي، ومثل هذه التسوية غير متوقعة، لذلك فالمقاطعة حاصلة.
لقد أصدرت الجمعية البحرينية للشفافية بياناً بتاريخ (3 أغسطس/ آب 2014) تعلن فيه أن الجمعية بصدد البدء بالإعداد والتجهيز لمراقبة انتخابات العام 2014 النيابية والبلدية، وبدأت الجمعية فعليّاً برصد ومراقبة الصحافة المحلية وتصريحات الكتل السياسية، كما أعلنت خطوات لهذا الاستعداد.
لكن الجمعية لم تقل إنها ستراقب الانتخابات النيابية والبلدية حتماً بأي ثمن، لأن هناك شروطاً لمراقبة فاعلة وشاملة من قبل الجمعية أو أية جهة مراقبة أخرى، تمكن الجمعية من القيام بمهام الرقابة بحسب معايير موضوعية دولية معترف بها، والجمعية قد اكتسبت خبرة ممتازة في مراقبة الانتخابات في مملكة البحرين وعدد من الدول العربية طوال السنوات العشر الماضية، تمكنها من تقييم الأمور بحكمة.
ولقد سبق للجمعية البحرينية للشفافية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، أن راقبتا انتخابات الدورتين الانتخابيتين للعامين 2002 و2006 وأصدرتا تقارير بذلك، كما راقبت الجمعية البحرينية للشفافية انتخابات العام 2010. وكانت الجمعية على استعداد لمراقبة الانتخابات التكميلية في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 لو توافرت الشروط الضرورية لمراقبة فاعلة، لكن الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات لم توفر هذه الشروط، ومنها تمويل صندوق التنمية لكلفة المراقبة وهي كبيرة، وتوفير قوائم الناخبين والمرشحين. وعلى الرغم من ذلك، قامت الجمعية برصد الانتخابات من خارج مقار الاقتراع، وأصدرت تقريراً بذلك.
إن الجمعية البحرينية للشفافية في قرارها بمراقبة الانتخابات وبغض النظر عن انتماءات أعضائها السياسية، تنطلق من أن المراقبة هي القاعدة، وعدم المراقبة هو الاستثناء، ليس للانتخابات في البحرين فقط، بل في الدول العربية الأخرى التي شاركت أو امتنعت الجمعية عن مراقبتها. وهي تنطلق في ذلك من واجب مهني ووطني، فهي بحكم وظيفتها ودورها ومسئوليتها، تسهم في كشف الحقيقة وتنوير شعب البحرين والحكومة والقوى السياسية والمجتمعية بطبيعة الانتخابات ومجرياتها، ومدى شفافيتها ونزاهتها وعدالتها.
لذلك فإن الجمعية ستعمل على الاستعداد لمراقبة الانتخابات، بانتظار القرار في الوقت المناسب، وهذا يعتمد بالأساس على استجابة السلطة المعنية بالانتخاب لتوفير متطلبات مراقبة فاعلة ونزيهة وشاملة، ليس فقط للجمعية، بل لكل المنظمات البحرينية والعربية والدولية الراغبة في ذلك. إذ إن صدقية أية انتخابات في الدول المستجدة على الانتخابات والراغبة في توجه ديمقراطي، تتمثل في مراقبة هذه المنظمات الوطنية والأجنبية، وهو ما قامت به عدة دول عربية، وهو ليس بدعة.
والآن إذا أتينا إلى قضية مهمة وهي النظام الانتخابي، وتوزيع الدوائر، وآلية إجراء الانتخابات والتحقق من النتائج، فجميعها قضايا مهمة مثار جدل، بل ونزاعات في معظم الدول العربية والبلدان النامية، وأدت أحياناً إلى التشكيك بجدوى الانتخابات وجدوى البرلمانات الناتجة عنها، كما حدث في مصر في عهد مبارك، وتونس في عهد زين العابدين بن علي وغيرهما. بل إن ما تشهده ليبيا من تكرار الانتخابات وإبطال المجالس السابقة، وما تشهده أفغانستان حالياً، من إعادة فرز جميع أصوات الناخبين واحتمال إبطال الانتخابات، وغير ذلك من الوقائع، دليل على أن مجرد إجراء انتخابات وإقامة برلمانات ليس دليلاً على الديمقراطية والتحول الديمقراطي.
وبالنسبة إلى مملكة البحرين، فإن القوانين المنظمة للانتخابات والدوائر الانتخابية والسلطة التشريعية، كلها صادرة بمراسيم أميرية سابقة لإجراء أول انتخابات نيابية وبلدية في 2002، وليست من وضع مجلس تمثيلي يعبر فعلاً عن إرادة الشعب والناخبين، لذلك من الطبيعي ومنذ إجراء أول انتخابات في 2002 حتى اليوم أن تواجه العملية برمتها وما يترتب عليها، والبرلمان المنبثق عنها، باعتراضات جدية ليس فقط من قبل المعارضة بل من قبل العديد من منظمات المجتمع المدني، ومنها الجمعية البحرينية للشفافية، والتي طرحت رؤيتها تكراراً حول الإصلاحات الضرورية المطلوبة في نظام الدوائر والانتخابات والرقابة عليها.
وبالنسبة إلى مراقبة الانتخابات فإن قانون تنظيم الانتخابات والاستفتاءات لا ينص على مشاركة منظمات المجتمع المدني المعنية بمراقبتها، وما يتم الآن هو بقرار من اللجنة العليا لمراقبة الانتخابات والاستفتاءات برئاسة وزير العدل حاليّاً، ويمكن منح هذا الحق أو حجبه. كما أن صندوق التنمية، الذي تشرف عليه وزارة التنمية، قد امتنع عن تمويل مراقبة الجمعية لانتخابات 2010 ومشروعها لمراقبة الانتخابات التكميلية للعام 2011، في إجراءٍ لإعاقة مراقبة الجمعية للانتخابات، على رغم طلب اللجنة العليا، لكن الجمعية اعتمدت على المتطوعين أولاً، وعلى إمكانياتها المادية المحدودة، لمراقبة انتخابات 2010، ورصد الانتخابات التكميلية للعام 2011.
إن كشف عيوب النظام الانتخابي ونظام الدوائر ومراقبة الانتخابات وما يترتب عليها ووضعية وصلاحيات مجلس النواب، وضرورة إصلاح كل ذلك وغيره، ليس مطلباً وطنيّاً بحرينيّاً فقط، بل هو ما توصلت إليه منظمات دولية مختصة، بعد قيامها بمهام بحثية، والإقامة في البحرين شهوراً، وضمن ترتيبات مع حكومة البحرين. وبعد جلسات استماع ونقاش لكل الأطراف المعنية من حكومة وجمعيات سياسية ومجتمعية، ومنها الجمعية البحرينية للشفافية، واختصاصيين وأكاديميين.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر نادي مدريد حيث كانت البحرين ضمن ست دول عربية، هي المغرب وتونس ومصر والأردن والسعودية، التي شملها مشروع النادي تحت عنوان «تعزيز الحوار والخطاب الديمقراطي من خلال حرية التنظيم السياسي والمدني في منطقة جنوب المتوسط والشرق الأوسط»، والذي استمر لأكثر من عامين من فبراير/ شباط 2007 حتى 2009، شملت زيارة وفود النادي للبحرين ثلاث مرات من قبل رؤساء وزراء سابقين ومنتخبين ديمقراطيّاً، وإداريين وباحثين من قبل معهد «فرايد»، وكذلك اجتماعات مشتركة للمنخرطين في العملية في البحر الميت بالأردن وبرشلونة وقرطبة في إسبانيا، وزيارة تعليمية لهولندا. وقد نشر كل ذلك في كتاب من قبل نادي مدريد. وقد خلص نادي مدريد إلى استخلاصات وتوصيات لكل بلد من البلدان الستة، وبالنسبة إلى البحرين فقد قدمت إلى صاحب الجلالة ملك البلاد في اجتماع وفد النادي معه أثناء زيارتهم خلال 14 و15 فبراير 2009 وهي:
- الحاجة الماسة إلى حوار مستدام ومنهج لبناء الثقة بين الحكومة والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.
- هناك حاجة ماسة إلى تعديل بعض القوانين المقيدة للحريات العامة، كقانون الجمعيات الأهلية والجمعيات السياسية والتجمعات وقانون حماية المجتمع من الإرهاب وقانون الصحافة والنشر. وإن تعديلها يتطلب حواراً ديمقراطيّاً بناء يستند إلى روح ونصوص الدستور ومبادئ ميثاق العمل الوطني والمواثيق الدولية.
- ضرورة وجود ميثاق شرف للعمل الإعلامي والصحافي يأخذ في الاعتبار حماية الحريات الفردية والعامة، ومصلحة المجتمع، وينظم العلاقة ما بين حق الصحافي في الحصول على المعلومات ومسئوليته في نشرها.
- على الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني أن تعمل على تعزيز قدراتها المؤسسية، وبناء كوادرها المهنية وتطوير برامجها التنفيذية التي تمكنها من تحقيق أهدافها التي أسست من أجلها.
- يجب أن تلتزم الجمعيات السياسية ببنود ومواد قانون الجمعيات السياسية، وأن تعمل على أسس وطنية تنبذ الطائفية بجميع أشكالها.
- ضرورة تطوير القضاء وضمان نزاهته وعدالته واستقلاليته، وعدم تدخل أي من السلطات في قراراته، وإحالة كل التظلمات والمنازعات المتعلقة بعمل الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني إلى السلطة القضائية للبت فيها بعيداً عن تدخل السلطة التنفيذية.
هذا نموذجٌ من توصيات لمنظمات وطنية وصديقة للبحرين.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4354 - الجمعة 08 أغسطس 2014م الموافق 12 شوال 1435هـ
حتى الان الغلبة لدى السلطة نظام الحكم الحكومة فعلية الانتخابات ستجرى بمن حضر
هي عض الأصابع من يصرخ اولا امكانية الدولة مسخرة لإنجاح الانتخابات لمجلس مهمش لآيهش ولا يكش وبمن حضر المقاطعة حق لنا ولا نرغب بالمشاركة نجاح خطواتنا هو عدم إنجاح اي مرشح في دوائر المعارضة بالتزكية الثانية من يقول بانه يمثل دوائر المعارضة عليه ان يتحمل تبعيات قراره وهو الضغط عليه بطرق سلمية ومنها الاعتصامات امام بيته في حالة تفكيره اصدار او الموافقة على تقييد حرية المواطن وجب تغيير الكثير من استرتجيات المواطنين مع نواب دوائر المعارضة كي لايفتكرونها نزهة وجاه وفلوس وانما تعب مكلف عليهم