العدد 4352 - الأربعاء 06 أغسطس 2014م الموافق 10 شوال 1435هـ

أمةٌ متوحشة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وصلني من عددٍ من الأصدقاء والمجموعات قبل أيام، الفيديو الخاص بضرب مجموعةٍ من الأطفال في جمعية مصرية لرعاية الأيتام، ولم أشاهده إلا مساء أمس، ولم يخطر ببالي أن يحتوي على كل هذا الكم الفظيع من الإجرام.

مشهد الضحايا وهم يتعرّضون للضرب المبرّح كان فظيعاً، وزاده فظاعةً أنهم من الأطفال الصغار جداً. وحش بشري نُزعت الرحمة تماماً من قلبه، يسحب طفلاً طفلاً، ليضربه بالعصا الغليظة على يديه وقفاه بساديةٍ وعنف، والطفل الباكي يترّجاه ويستعطفه دون جدوى، والمحظوظ من المجموعة من أفلت من العصا دون أن تناله عدة ركلاتٍ تطيحه على بُعدِ عدة أقدام.

ما أوجع قلبي أن الأطفال كانوا دون الخامسة، وفي هذه السنّ الغضة، لا تتحمل عظام الطفل الهشّة ضربةً، فأيّ قلبٍ يسمح لصاحبه بجرّهم واحداً بعد الآخر، ليشبعهم ضرباً وركلاً؟ وأي عقد نفسيةٍ يعانيها هذا الشخص فيفرغها على رؤوس هؤلاء الأطفال؟

الأسوأ أن هذه المجموعة كانت من الأيتام، والأيتام هم الشريحة الأضعف والأكثر هشاشةً في المجتمع، ولذلك أولاهم الرسول الأكرم (ص) بعنايته، ورغّب بمزيد رعايتهم في وصاياه. وأطلق أكبر حملةٍ ترغيبيةٍ لتبنيهم حتى يبلغوا سن الرشد والاستقلال، في قولته التي نحفظها جميعاً: «أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتين». واليوم نكتشف فجأةً، أن الأيتام يلاقون الهوان في المؤسسات التي خُصّصت لرعايتهم، وعلى أيدي المؤتَمَنين عليهم، ونحن في القرن الحادي والعشرين.

هذه مجرد إشارة أخرى، على ما نعيشه من ازدواجيةٍ وانفصامٍ في الشخصية. لا تنقصنا المنابر والمواعظ، ولا المساجد والجوامع. وقد أضيفت إليها مئات الفضائيات الدينية، السنية والشيعية، خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن مؤشرنا الأخلاقي يسير إلى انحدار. مساجدنا عامرة، ولكن نفوسنا خربةٌ وخاليةٌ من الرحمة ونوابض الإيمان.

العام الماضي بثت «بي بي سي» (وليس قنواتنا العربية المختصة بإثارة الفتن والتحريض على المذاهب والشعوب الأخرى) برنامجاً خاصاً عن دار رعايةٍ مشابهةٍ في الأردن، يعاني نزلاؤها من العنف والضرب والاهانات، فأثار ضجةً كبرى لدى الرأي العام. والمسألة تتجاوز مصر والأردن، إلى بقية الأقطار العربية التي تعاني مؤسساتها من الإهمال، ومن غياب الرقابة الذي يتسبّب في مثل هذه الفضائح والجرائم والانتهاكات.

الفيديو البشع أثار الكثير من التعليقات وردود الفعل الغاضبة عبر العالم العربي، الذي ينوء اليوم تحت ثقل انتشار الحركات الإرهابية المتطرفة، التي تتبنّى القتل والذبح منهجاً في الحياة، ولا تملك مشروعاً ولا خطةً، غير نشر الفوضى والعنف، واستباحة الأموال والحرمات. جماعات خارجة على الدين والعصر، باتت تتفاخر بنشر جرائمها الفظيعة على شبكة «الانترنت»، من قطع رؤوسٍ وبترِ أطرافٍ وتمثيلٍ بجثث القتلى، ضرباً بكل الشرائع والمبادئ والأديان.

الشكر لمن أبدع تلك التكنولوجيا الحديثة، وصنّع تلك المنتجات سهلة الاستخدام التي ترصد انتهاكات البشر، والذي ساهم في إنهاء حقبة التعتيم والتكتم على الجرائم والجرائر التي تحط بكرامة البشر. والشكر لهذه الحقبة التي لم تعد تسمح لمجرمٍ أن يفلت بجريمته دون محاسبة أو ملاحقة، سواءً كان رجلاً متوحشاً يمارس ساديته ضد أطفال أيتام، أو سجّاناً يمارس حقده ضد معتقلين في أقبية الأنظمة المستبدة، أو نظام احتلال يمارس جبروته على مدنيين محاصرين في قطاع غزة هذه الأيام.

الشكر أخيراً لمن صوّر ذلك الفيديو خلسةً ونشره على «اليوتيوب»، ليفضح ما يجري خلف تلك الأسوار من إجرام، فهي خطوةٌ جريئةٌ لتصحيح الأوضاع، وكي لا نتحوّل إلى أمةٍ من الوحوش.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4352 - الأربعاء 06 أغسطس 2014م الموافق 10 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 10:39 ص

      العيب على المغفلين

      الذين مازالوا يصدقون ان الاطباء احتلوا المستشفى وهربوا الأسلحة وامتنعوا عن معالجة المرضى وتسببوا عمداً في قتل الجرحى الذين حاولوا في الحقيقة معالجتهم وأنقاذ حياتهم. هذا هو العيب. واحد الله عاطنه مخ بس يخليه في قوطي علشان يستغفله غيره مثل الأاطفال.

    • زائر 23 | 8:19 ص

      عيب عليكم

      لم يصل اليك فيديو تعذيب مريض سني على يد مجموعة ارهابية متطرفة وطائفية ؟ لماذا انت تشاهد ما تريد ان تشاهدة بنظرة طائفية ؟؟

    • زائر 27 زائر 23 | 9:16 ص

      الاطفال ايضا سنة

      الكاتب لم يقل مدير مركز ايتام سني يضرب اطفال شيعة. مقارنتك ليست في محلها.

    • زائر 22 | 7:23 ص

      اوروبا

      هل يحدث هذا باوروبا؟ و ان حدث هل يعاقب المذنبين و المسؤلين عن هذا الجرم؟ إذا أين الخلل؟

    • زائر 21 | 6:00 ص

      زائر 5

      الكاتب يتكلم عن تعذيب أيتام وانت اتقول إيران. .صدق فاضي ومو صاحي. ..مو ذابحتنه إلا طائفيتكم وجهلكم

    • زائر 20 | 5:58 ص

      لزائر 13

      الرحمة منزوعة من قلوب المسلمين لإن اسلامهم مفيك
      لزائر7 تنقصنا كثيرا المنابر والمواعظ البناءة الشيعية والسنية

    • زائر 19 | 5:34 ص

      نحمد الله ان تلك

      التكنولوجيا الحديثة لم ينتجها العرب او المسلمون والا فلو انتجتها هذه الامم لاستغلتها في التعذيب وتدمير الحضارات وقتل الانسان وما افعال عصابات القاعدة الوهابية الا اكبر دليل على ما نقول . كلنا يعرف كيف حرمت هذه الامة مختلف الاختراعات في مطلع القرن الماضي وحاربتها بل واعتبرتها بدع لا يجوز استخدامها منها التلفون والطباعة ووووو الخ
      علي جاسب . البصرة

    • زائر 18 | 4:42 ص

      تصحيح

      البي بي سي هي الأكثر دهاء وخبثآ في الهمز واللمز الطائفيين ولا أدل من إصرارها منذ عقود على وصف المعارضة البحرينة بالشيعية. إن بريطانيا وأدواتها الإستعمارية القديمة رسمية أو شبه رسمية لها من الخبرة بأمراض منطقنا ما يجعل من سمها أنجع.

    • زائر 17 | 3:13 ص

      مو تونا

      تاريخنا سادي ولا قوانين تمنع القوى من انتهاك الضعيف فالسلطه تفعل بنا ونحن في ما بيننا وهكذا...

    • زائر 16 | 3:13 ص

      مو تونا

      تاريخنا سادي ولا قوانين تمنع القوى من انتهاك الضعيف فالسلطه تفعل بنا ونحن في ما بيننا وهكذا...

    • زائر 15 | 2:59 ص

      دورة مفرغة

      هذه دورة مفرغة من العنف من الروضة وملجأ الأيتام الى الفضائيات التي تبث الكراهية والشيوخ وما يبثون من فتن يعتاشون عليها والانظمة الدكتاتورية التي توجه ذلك بالرموت كنترول.

    • زائر 14 | 2:47 ص

      المشتكى لله

      اللهم اجرني من ان اظلم او يظلمني احد

    • زائر 11 | 2:29 ص

      حين تنقلب الأمة على أعقابها تصبح هذه قيمها

      لقد اخبر الله عن انقلاب الأمّة الاسلامية على اعقابها وكان ذلك بمناسبة غزوة أحد وحيث ان الآيات القرآنية لها اسباب نزول لكن تعاليمها لا تقتصر على حادثة بعينها والا لأصبح الآيات القرآنية جامدة على اماكن واوقات النزول دون الالزام بالاخذ بها بعد ذلك.
      والآية التي انبأت عن انقلاب الأمة على اعقابها واضحة جدا حيث قالت انقلبتم وليس انقلب بعضكم وهذا يعني تغليب الفئة المنقلبة على اعقابها .والانقلاب على الأعقاب في كل شيء حتى الاخلاق والقيم وهذا هو الحاصل

    • زائر 10 | 2:24 ص

      الفكر الداعشي

      يدلس على رسول الاسلام عليه الصلاة والسلام ويقدمه على انه كان متوحشا قاطعا للرؤوس والقران يقول مخاطبا رسوله الكريم وانك لعلى خلق عظيم ما هذه الاستهانه بقيم السماء والكذب على الله ورسوله

    • زائر 9 | 2:16 ص

      هؤلاء نقمة

      لرسول ص جاء رحمة للعالمين وهؤلاء جاءوا نقمة على العالمين

    • زائر 8 | 2:14 ص

      العنف متأصل

      تذكرت وانا اشاهد المقطعن مانالنا من سادية مثل هذا المتوحش ..اذكر عندما كنا صغار في الابتدائي كان يدرسنا مدرس احول كان يطلب من ان نجيب على اسئلته بمجرد النظر الينا..والويل للطالب الذي لا يقوم ان كان هو المقصود آو الذي يجيب وهو غير مقصود بحسب نظرة هذا المدرس الأحول يتلقى عقاب مثل الذي شاهدناه في الفيديو

    • زائر 7 | 2:13 ص

      كن صادقا

      هذه مجرد إشارة أخرى، على ما نعيشه من ازدواجيةٍ وانفصامٍ في الشخصية. لا تنقصنا المنابر والمواعظ، ولا المساجد والجوامع. وقد أضيفت إليها مئات الفضائيات الدينية، السنية والشيعية، خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن مؤشرنا الأخلاقي يسير إلى انحدار. مساجدنا عامرة، ولكن نفوسنا خربةٌ وخاليةٌ من الرحمة ونوابض الإيمان.
      لماذا لم تكتب عن الطفل السوري في لبنات الذي عذب من قبل الطفل الشيعي عباس الذي انتشر بالتواصل الاجتماعي ام ........................

    • زائر 6 | 1:54 ص

      أمة ...

      هى أمة الأسلام الاسم بدون عنوان .أين نحن من نهج الله وسنة الرسول وأخلاقه العظيمه من بعد الرسول الى الأن هذا التاريخ يحدثك ماحدث وماسوف يحدث الى يوم يبعثون .

    • زائر 5 | 1:47 ص

      ماذا عن الإعدامات في ايران ؟

      ماذا عن الإعدامات في ايران لكل من يعارض ولاية الفقية باستخدام الرافعات لدرجة ان شركات صناعة الرافعة في اليابان أوقفت تصدير الرافعات لبلاد الفرس بسبب وحشية الإعدامات لماذا لا تتكلم عنها؟ ما حدث في مصر شيء يندى له الجبين و يجب القصاص من هذا الوحش و ابعاده عن المجتمع كي لا يكرر جريمته

    • زائر 28 زائر 5 | 9:24 ص

      هههههههه

      اشدخل؟!!!!!!!!
      عسى ما تتعرقلون قلتون ايران؟!!!
      واضح انها مسلببة عقدة للبعض
      عموما السعودية كل جمعة فيها اعدامات عادي عدكم ؟!!!

    • زائر 4 | 1:27 ص

      ليس من باب المصادفة!!!!!

      إن انتشار المد الداعشي في جميع أرجاء الوطن العربي وتزامنه مع انتشار يوتيوب دار الأيتام يختصر بكل وضوح دورة حياة الداعشي ففي تلك الدور وأمثالها نشأ الدواعش وتربوا ثم عادوا على المجتمع يقتلون فيه ويقطعون الرؤوس ويأكلون الأكباد حقدا ولا يشفي غيظهم مايفعلون
      إن مسؤولية المجتمع إزاء اليتيم إذا مافرط فيها ستنعكس سلبا على جميع أفراده فليلتفت كل منا لمسؤولياته الملقاة على كاهله حتى لايصيبه سوء التقصير فيها

    • زائر 3 | 12:52 ص

      كل الانحطاط في القيم تجده لدينا وكأن الإسلام جاء بهذه التعاليم

      لو أن الإسلام والرسول الأعظم أمر هذه الأمّة بأن يكونوا بهذه الأخلاق الفجّة لما حصل اكثر مما حصل. سبحان الله دين الرحمة ونبي الرحمة اصبح الآن وبالا على البشرية

    • زائر 2 | 12:22 ص

      انتهاك الحقوق

      مفردة انتهاك الحقوق هي الأكثر تداولا في البلاد العربية والإسلامية وخاصة في المؤسسات الرقابية كدار الأيتام او رعاية المشردين او المصحات النفسية والسجون
      ثقافة الانتهاكات شائعة في نقاط يعاني الأفراد فيها من ضعف اليد وقلة الحيلة لما ونحن بلاد الاسلام لم يعد الفكر إسلامي وإنما مسميات فقط

    • زائر 13 زائر 2 | 2:31 ص

      سؤال يؤرقني!

      لماذا الرحمة منزوعة من قلوب المسلمين خصوصا فيما بينهم؟؟؟!!!

اقرأ ايضاً