تصفحت بغبطة الإصدار الرابع لكتاب ملامح (وجوه من المنامة 2) الذي أصدرته جمعية العاصمة للثقافة الاسلامية. الكتاب حفل بتوثيق صوري ووثائقي مدهش لسبعة وتسعين شخصية من وجوه المنامة وأعيانها، وهو إنجاز ثقافي يستحق الإشادة والتنويه، ليس لكونه ضم بين دفتيه جزءاً من روح المنامة وعبق تاريخها الفسيفسائي الجميل، بل لأن هذه الفكرة المبدعة برقت في أذهان نخبة من شباب المنامة وتحمسوا لها وعملوا من أجل تحقيقها، وصارت حقيقة كسبت احترام المهتمين بتاريخ هذه المدينة العريقة ومحبيها.
ليس أحدٌ منا إلا وله مع المنامة ذكرى وذكريات، المنامة ليست لأهلها فقط، إنها لنا، لي ولك ولهم ولكم، وهي وإن كانت اليوم تعاني الغربة لأن من يقطنها لا تعرفهم جيداً، فهم يتكلمون الأوردية والانجليزية والفلبينية. لقد تخطفتها العمالة الأجنبية وعبثت بها أيدي الزمان.
صحيح أن الوجود الآسيوي قديم في المنامة، لكن لم تكن المنامة مدينة حكراً على الوافدين إلا في السنوات الأخيرة، فأكثر أهلها هجروها هرباً من الاختناق، وبحثاً عن «جيرة وطنية» تتكلم لغة الضاد. هجروها وهم محقون طبعاً، إلى حيث الاتساع المريح، اتساع الشوارع ورحابة البيوت التي لا تشبه علب السردين في أزقة ضيقة تهلك فيها النسمة العابرة.
ملامح إذاً سيرة مستعادة لماضٍ جميل، وحاضر يوشك أن لا يكون، ورغم جمالية وروعة هذا العمل البديع، إلا أن لي مؤاخذات عليه، لا تقلل أبداً من أهمية هذا السجل الوثائقي الممتع.
أولى الملاحظات هو غياب شخصية المرأة المنامية؛ كيف يمكن توثيق تاريخ مدينة المنامة دون نسائها؟ المنامة كانت من أول المدن السباقة إلى منح المرأة فرص الحضور في الحياة العامة، فهي العاصمة، المدينة التي سبقت مناطق وقرى البحرين في الكثير من الجوانب الخدمية بحكم موقعها التجاري والثقافي في البلد، ونساء المنامة عرفن التعليم مبكراً وعشن جواً مدنياً أقرب إلى الانفتاح والحداثة التي لم تعرفها المناطق والقرى الأخرى إلا متأخرة، والمعروف أن من بين نساء المنامة من بلغن مكانة متقدمة في المناصب الحكومية ونجحن في شغل مواقع قيادية في القطاع الخاص، وسجلن حضوراً اجتماعياً لافتاً ولعبن أدواراً في غاية الأهمية، وبالتالي هن أولى بالمساحة المخصصة في هذا الـ «غاليري» من الكثير من الشخصيات الواردة في الكتاب، والتي أعتقد أنها شخصيات هامشية في مجرى التاريخ العام للعاصمة، ومساهماتها في المجتمع المنامي متواضعة إن لم تكن منعدمة.
شخصياً لستُ منزعجاً من وجود شخصيات لا أرى لوجودها في الكتاب أهمية، لكن كنت أتمنى أن لا تغيب المرأة المنامية من عمل خُصّص عن تاريخ مدينتها.
المأخذ الثاني، هو غياب المعايير الواضحة في اختيار الشخصيات، فمن هي الشخصية المنامية بالضبط؟ وأين تبدأ حدود المنامة وأين تنتهي؟ هذا ما لا يجيب عنه الكتاب بدقة. ويشعر المتصفح للكتاب أن معدّي الكتاب كانوا تواقين لإخراجه بصورةٍ تجنح إلى المبالغة في تصوير المنامة كواحة غنية برجال المال والأعمال والسياسيين ورجال الدين، والمنامة كذلك بلا ريب، فهي مدينة عظيمة ويحق لها أن تفخر برجالاتها، لكن الكتاب في ظني لا يقدّم صورةً أمينةً عن شخصيات المنامة وأعيانها، فمن يتزوج من نساء المنامة لا يكون شخصية مناميةً، وهذه مفارقة أخرى ترتبط بالغياب الماكر للمرأة في الكتاب، ومن أقام أشهراً في إحدى أزقتها لا يعد من أهلها، ومن يفتح دكاناً فيها لا يحمل صكّ الانتماء لمجتمعها.
المنامة كانت ولاتزال فضاءً اجتماعياً مفتوحاً، وأتصور أن عدداً من الشخصيات التي وردت أسماؤها في الكتاب لا تنطبق عليها الشروط المفترضة والمعلنة في العمل، على أنني ممن يرى أن توثيق الشخصيات التي قدمت للمنامة الكثير، ممن لازالت على قيد الحياة، أفضل بكثير من توثيق شخصيات خاملة الذكر، ضامرة التأثير أو عديمته، وكان الموت وحده هو أبرز مؤهلاتها للوصول إلى صفحات الكتاب! هذا برأيي أفضل بكثير من اللجوء إلى شحن الكتاب وحشوه بشخصيات لا تربطها بالمنامة إلا ذكريات عابرة مرت سريعاً دون أثر أو تأثير.
حسناً فعل مُعدّو الكتاب حين ألحقوا شخصية الشيخ عبدالحسين الحلي (ت 1956) قاضي محكمة التمييز الشرعي بالكتاب، واعتبروه من أهل المنامة، وهو منهم، فالرجل عاش ما يزيد على العشرين عاماً بين ظهرانيهم، وكانت له أدوار ثقافية واجتماعية مشهودة، منها دوره في تأسيس أول حوزة علمية بالمعنى المعروف اليوم في القرن العشرين، فقد انطلقت مساعي الشيخ الحلي العلمية الأولى من مسجد الخواجة الذي أسّسه الخواجه إبراهيم كاتب السلطة العام 1600م مكاناً لعقد الدروس وإقامة الحلقات. وكان من أبرز أساتذة هذه المدرسة الشيخ محمد علي آل حميدان (ت 1955) والملا أحمد زانة (ت 1976) والشيخ عبدالحسين آل طفل (ت 1996).
ولم ينحصر انعقاد دروس الشيخ الحلي في مسجد الخواجة، فقد كانت تتنقل لبعض الدور والمآتم القريبة من المسجد، لكن مسجد الخواجة كان المقر الأساسي الذي احتضنت باحته أغلب دروس الشيخ وجلساته العلمية.
ومدينة المنامة عاصمة البحرين، برزت بهذا الاسم في القرن الخامس عشر الميلادي، غير أنه لا توجد في المنامة مبان قديمة، وإن وجدت فقد تم تجديدها مرات عدة وذلك لرداءة المواد المستخدمة في البناء، ومن أقدم تلك الأماكن المعروفة هو مسجد الخواجة وسط المنامة، الذي ذكره الشاعر أبو جعفر الخطي (ت 618م) في ديوانه.
أرى أن المشروع الذي تبنته وعملت عليه «جمعية العاصمة للثقافة الإسلامية» والنخبة الشبابية الواعدة التي نهضت بهذه المهمة الرائعة، هو جهد موفق ويصب في خدمة التاريخ والتراث البحريني، ونترقب المزيد من الإصدارات النوعية المتميزة.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4343 - الإثنين 28 يوليو 2014م الموافق 01 شوال 1435هـ
مخارقيه
عشت في وسط المخارقه من السبعينات ولي ذكريات جميله واخرى حزينه ايضا واحب ملامح البحرينيين من اهل المنامه العيد والكركاعون والمحرم طعمه غير في المنامه
الناس هجرت المنامة و المحرق
الناس هجرت المنامة و المحرق بسبب ضيق المساحة و قدم البيوت فاليوم لا يمكن لك ان تعيش في بيت لا يوجد به موقف للسيارات مثلا و أزقة المنامة و المحرق لا يمكن لها ان تستوعب السيارات ابدا
لو لا وجود المآتم في المنامة لكانت في خبر كان
مراكز أبحاث تدير التغيير في البحرين هندسة إسكانية او تجنيس بشري وأقول المنامة في خطر ونحمد الله بان كثرة المآتم في المنامة القديمة والا لتمت هندستها
صدقت
والله المنامه تفشل جدام الخليجين بس اروح المنامه كاني في بنقلادش مسافروكل المطلوبين من الهنودفي المنامه ياحكومه شوفي حل حق هاالمشكله مسكينه المنامه