مواعيد البشر ليست كآجالهم. الأولى هم مَنْ يختارونها، أما الثانية، فيختارها الله لهم. لكن، قد تكون المواعيد «قيمة زمنية» مهمة جداً في ظروف الآجال، إذا ما كانت تتحكم في طبيعة الحياة التي يعيشها البشر، سواء أكانت مواعيد لتعقيد أو وضع حلول سياسية/ اقتصادية/ اجتماعية. والتجارب علمتنا أن ذلك يحدث لنا وباستمرار.
من ذلك المنطلق، فإني أضع يوم العشرين من يوليو الجاري واحداً من أدق وأخطر المواعيد التي تسالَم عليها العالَم، والذي يُمكن له أن يتحكم في حياة كثيرين. إنه الموعد النهائي لإبرام اتفاق شامل وطويل الأمد بين إيران والدول 5 + 1 بشأن برنامجها النووي. صحيح أن المهلة يمكن تمديدها لستة أشهر أخرى، لكن ماذا لو وصلوا إلى النقطة ذاتها.
عندما يفشل الطرفان في الموعد المضروب فإنهما سيلجآن حتماً إلى ما يساهم في تقليل فرص كل طرف في أن يضع «ورقة» على الطاولة. وهذا الأمر سيتطلب أن يؤلم الطرفان «بعضهما» كي يستجديا «بعضهما» لاحقاً لتخفيف الألم كلٌ في كعب أخيُلِه. ولكي تتحقق تلك المعادلة، فإن الحتمي هو أن تُزهَقَ أرواحٌ وتُدمَى قلوب.
الغربيون سيلجأون إلى العقوبات ضد إيران. وهو ما يُهدّد ما بين ستة وسبعة ملايين إيراني مصابون بالتصلُّب اللوحي والسرطان والفشل الكلوي في أن يتلقوا علاجات مباشرة ومتقدمة، كون العقوبات ستضرب النظام المالي الإيراني، وبالتالي ستتباطأ عملية استيراد المعدات الطبية والدوائية وجعل أسعارها خاضعة للسوق السوداء ذات الكلفة العالية.
طبعاً دون أن نغفل لجوء الغرب (على الأقل الجانب الأميركي) إلى عمليات في الداخل الإيراني أو على الحدود كما أعلن وفعل ذلك بوش الإبن «علناً» قبل بضع سنوات عندما أصدر الكونغرس الأميركي مشروع قانون يُقرّ بموجبه «تخصيص مبلغ 400 مليون دولار لممارسة أنشطة استخباراتية وسريّة داخل الأراضي الإيرانية». هكذا أُعلِنَ صراحة.
الإيرانيون بدورهم سيلجأون إلى إشعال الحرائق أمام أرجل الغربيين بإقلاق أمنهم وسياستهم واقتصادهم في غير موضع من العالم، عبر إقامة تحالفات فرعية غير مرئية أسفل الرداء. وهو مشهد لن يكون ذا كلفة متواضعة مادياً وبشرياً للأميركيين، الذين خبروا هذه الحرب وذاقوا طعمها في العراق وأفغانستان، وكادوا أن يُجرِّبوها في سورية لكنهم أحجَموا وتردّدوا ففلتوا.
القضايا كلها مترابطة كما هي الجغرافيا. الأزمة الأوكرانية تؤثر في الأزمة السورية. والأزمة في مصر تؤثر على الوضع في الخليج. والأوضاع الأمنية في الصومال تؤثر على كينيا. وعلاقة الصين باليابان تؤثر على الكوريتين. وأحياناً يصبح الأمر عكسياً كما هو الحال في سورية حينما جعلت العالم كله في أزمة أمنية هي الأخطر خلال نصف قرن.
منذ الثاني من يوليو الجاري والمفاوضون الإيرانيون والغربيون والروس والصينيون موجودون في النمسا، محاولين تذليل العقبات. الموضوع معقد وصعب، لأن الطرفين يتفاوضان على كل شيء. نعم كل شيء وبلا استثناء. ولأنهما يريدان من الاتفاق أن يُصبح دائماً فهذا يعني أن التفاوض يجري على النص وطبيعة تمدده على المصالح والتنازلات بينهما.
قبل أيام صرح أحد أعضاء الفريق الإيراني المفاوض بأن المحادثات لازالت تجري على إلغاء «التوضيحات الموجودة بين قوسين» في النصوص المتبادلة بين الجانبين. لنا أن نتخيل أن ثلاثة اجتماعات ضمّت مساعدي وزيري الخارجية الإيراني والأميركي فضلاً عن مساعدة كاثرين آشتون مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لازالت تناقش أقواساً.
المفاوض الإيراني مفاوضٌ صعب وعنيد، بل ومن أصعب المفاوضين. هذه ليست شهادتي فيهم بل شهادة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق محمد البرادعي. كما أن الإيراني هو طرف أمام أطراف، لذا فهو يسعى إلى التماسك دائماً والنظرة بعين الريبة أمام أطراف تتفق عليه في غالبها على أقل تقدير إذا ما استثنينا الصين وروسيا.
وما يزيد الأمر صعوبة، هو أن البرنامج النووي الإيراني قد انتقل في هذه المرحلة من جانبه الفني إلى شقه السياسي وهو الأصعب، كون السياسة تنطوي على صياغة مصالح ومنافع ومناطق نفوذ متبادلة. نعم، يمكن للجانب الفني أن يضغط كونه يتعلق بالتخصيب وأجهزة الطرد المركزي كماً ونوعاً، لكن الأصل هو في المسائل السياسية.
قبل أيام، أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي بأن «إيران بحاجة إلى زيادة» أجهزة الطرد المركزي من نوع آي آر - 1» حتى 190 ألف وحدة فصل». كانت «الدول المفاوضة بدأت تساوم على 500 وحدة فصل، ثم 1000 وحدة لتخصيب اليورانيوم» حتى بدأ الحديث عن «قبول 10 آلاف وحدة» هكذا قال خامنئي. إنه تلازم تقني/ سياسي.
أقل من عشرة أيام هي المتبقية عن موعد إتمام الاتفاق الشامل. لا أحد يعلم كيف ستسير الأمور. فالمنطقة متضخمة بالأزمات التي للطرفين نفوذ قوي فيها، لكنه نفوذ متقاطع وصِدامي، وهو ما يجعل أمر التسوية فيها ضرورياً لكنه صعب. ومع توالى الأزمات تلو الأخرى يتشكل جدار سميك من غياب الثقة بين الجانبين يصعب اختراقه.
لكن، وهو الأهم، أن الأزمات الحادة عادة ما تستبطن بوادر حلها كون المفاضلة بين الحل واستمرار الأزمة تبقى هي المتحكمة. من هنا، قد تُخفي اللقاءات بشأن تلك الأزمات ما يُمكن أن يُشكل حوافز للتأثير على القضية الأكبر ما بين الغرب وإيران، والتي يظهر في قمة جبلها البرنامج النووي، إلاَّ أن أشياء كثيرة قد لا تظهر لنا هي الأكثر حساسية للطرفين.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4326 - الجمعة 11 يوليو 2014م الموافق 13 رمضان 1435هـ
حبايب
الامريكان والايرانين حبايب وكل هدة خزعبلات الامريكان يوم شافوا العراق يمتلك اسلحة دمارشامل وضرب العدو العدوالصهيوني بالصواريخ 45 صاروخ تم الاتفاق مع العدو الصهيوني باسقاطة في 2003 بينما الايرانين كل يوم يصنعون صواريخ ونووي عندهم لم نسمع عن امريكا ان ضربت ايران لانها تعرف العلاقات تحت الطاولة معها وبالمناسبة ان الانجاز الدي حققتة ايران كان بفضل خرائط التصنيع العسكري العراقي الدي تسلمتة ايران من احمد شلبي الدي سرقهم من وزارة الدفاع العراقية بعد الغزو الامريكي للعراق لاننا لم نسمع عن ايران صنعت شي
الملف النووى
الحمد الله انك اعترفت ان ايران سوف تشعل النطقة و سوف يكون حطب هذى النار هم من الشيعة المساكين الخاضعين تحت رحمه المعممين
نتمنى حل القضية لانها ستنعكس سلبا على الأنظمة الشمولية في المنطقة
لن تحل حتى نهاية هذا الشهر سيتم التمديد وبعدها ستحل القضية النووية وتنعكس سلبا على الدول الشمولية الغير ديمقراطية المصدرة للفتاوي والمال والسلاح للاقتتال الطائفي التي ستصاب في مقتل وبيننا الزمن
متابع
ماذا سيحدث لو فشلوا في التوصل لاتفاق ؟