لرمضان نكهة خاصة عند جميع المسلمين؛ فهو إضافةً إلى كون صيامه ركناً من أركان الإسلام، إلا أن حسناته متعددة وانعكاساتها على المسلمين بارزة، فالقرآن الكريم نزل في هذا الشهر، كما أن أعظم انتصارات المسلمين كانت فيه أيضاً، وهذا الواقع هو الذي يدفع المسلمين في شتى بقاع الأرض للعمل على تعديل كثير من سلوكهم إلى الأفضل، والاقتراب من منابع الخير والنهل منها.
ومن محاسن رمضان في البحرين أنه يجمع أهلها طيلة أيامه في مجالس تقيمها العوائل ويحضرها كل أطياف المجتمع على تنوع مذاهبهم وطبقاتهم الاجتماعية ومذاهبهم الفكرية، وقد حضرت عدداً منها في شهر رمضان الماضي، وسررت كثيراً بما رأيته فيها، وأحسب أن هذه المجالس ليس لها مثيل في كل دول الخليج، هذا فضلاً عن غيرها من الدول الأخرى.
وبمناسبة المجالس البحرينية قرأت قبل بضعة أيام أن جلالة ملك البحرين دعا بعض أفراد عائلته على طعام الإفطار، وتحدّث معهم عن أهمية رمضان في تلاحم الأسرة البحرينية كلها، ودعاهم للمحافظة على هذه العادة التي تجمع البحرينيين كلهم في هذا الشهر الكريم. وبهذه المناسبة الطيبة وأيضاً بمناسبة الشهر الكريم الذي يتميز بنوع من العبادة تقوم على الصبر وتحمل بعض المشاق، وتهتم بالتسامح مع كل الأقارب والأباعد، فضلاً عن أهل البلد الواحد، أتساءل: ألا يمكن لحكومة البحرين باعتبارها الحاضنة الكبرى للجميع، بالاضافة إلى كل عقلاء السنة والشيعة، أن يعيدوا النظر في طبيعة العلاقات بين مكونات مجتمعهم المتوترة في محاولة جادة لإعادتها إلى ما كانت عليه من حب وتلاحم وتعاون في كل شيء من أجل وطنهم جميعاً: البحرين؟
إن الأوضاع المؤلمة التي يمر بها عالمنا العربي خصوصاً وعالمنا الاسلامي عموماً، تجعل من أهم أولويات كل بلد عربي وخليجي أن يعيد النظر في وضعه الداخلي من كل الوجوه، ومن أهمها التلاحم الداخلي بين جميع مكونات الشعب، فقد علّمنا التاريخ قديمه وحديثه أن العدو لا يمكنه النفاذ إلى الداخل إلا إذا وجد من هذا الداخل من يقف إلى جانبه! كما علمنا التاريخ نفسه أن الظلم والقهر وغياب العدالة هي من يدفع البعض إلى الوقوف إلى جانب العدو الخارجي ظناً منه أنه سيكون أرحم به مما يصنعه به الحاكم الداخلي. وقد سمعت قبل أيام عراقياً يقول: إننا انضممنا إلى داعش لأننا وجدنا أنهم أرحم بنا من المالكي! فالرجل يعرف سوء داعش لكنه فقد العدل عند المالكي فانضم إلى العدو الأقل سوءًا كما يراه!
لا أقول هذا متهماً أحداً أنه قد يسيء إلى بلده بأي صورة كانت، لكنني أنبه إلى شيء يجب أن يكون حاضراً في ذهن صانع القرار الذي يجب أن يفترض الأسوأ خصوصاً في الظروف التي تمر بها البلاد العربية ومنها الخليجية خصوصاً، بعد أحداث العراق الأخيرة وقيام دولة الدواعش (الخلافة الاسلامية)، والآثار السلبية الرهيبة التي سنراها فيما لو تم تقسيم العراق على النحو الذي نراه حالياً، ثم سيتبعه تقسيم سورية، وهي أيضاً مؤهلة للتقسيم، وكل ذلك وربما غيره يجعل من مسألة العمل على التلاحم الداخلي أمراً لا مفر منه.
إن الذي أعتقده أن الخلاف في البحرين والذي امتد لأكثر من عامين، كان بالإمكان حسمه منذ بداية ظهوره، ولكن تأخير الحسم ثم التلاعب على الوتر الطائفي وبصورة غير مسبوقة، هو الذي أجّج نار الفتنة وباعد بين الأهل والأقارب والأصدقاء، وهو الذي قاد بعد ذلك إلى المزيد من الاتهامات التي يرمي بها كل فريق الفريق الآخر وكأنهم يعرفون بعضهم للوهلة الأولى! وفي هذا الخضم البائس تناسى القوم أن بينهم نسباً وصهراً، وأنهم عاشوا مئات السنين جنباً إلى جنب في محبة وأمن وأمان، وأن المثل في المحبة والتسامح كان يضرب بهم على مستوى دول الخليج كلها. فما الذي أضاع هذا كله وفي لحظات؟ ولماذا يقبل العقلاء من الطائفتين هذا الوضع المزري؟ ولماذا لا تسارع الدولة بكافة أجهزتها على تدارك الأخطاء ولملمة الجراح، وإعادة الوضع إلى أفضل مما كان عليه؟
لقد قلت مراراً وسبقني التاريخ إلى هذا القول: إن العدالة وحدها هي التي تحقق الأمن والاستقرار للجميع، وهي بالتالي التي تحقق القوة والتمكين للدولة وحكامها، وبغير العدالة لا يمكن تحقيق أي شيء إلا المزيد من الفرقة والشقاق! عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حكم بالعدل، ولما رآه رسول ملك الروم نائماً تحت شجرة من دون حرس قال كلمته التي نردّدها: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر»؛ وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) جلس عند قاضيه مع يهودي سرق درعه، ولما لم يجد القاضي بيّنة عند علي حكم بالدرع لليهودي! فذهل اليهودي من هذا الحكم وقال: «الدرع درع علي والقاضي قاضيه وهو أمير المؤمنين وأنا يهودي على غير دينهم ومع هذا يحكم بالدرع لي»، ثم قال: «أشهد أن هذا هو الدين الحق» ونطق بالشهادتين، واعترف للقاضي بأن الدرع لعلي! فما كان من أمير المؤمنين إلا أن أهداه درعه فرحاً بإسلامه.
هذا النوع من العدالة التي تتحقق لكل مواطني الدولة مهما تنوعت مذاهبهم أو أديانهم، هو الذي يقود إلى التلاحم بين المواطنين جميعاً، وهو الذي يحقق الأمن لهم جميعاً.
وفي شهر رمضان وبمناسبة الاجتماعات العائلية المتعددة والمتنوعة والتي يشارك فيها أفراد من العائلة الحاكمة والمسئولين في الدولة، أجدها فرصة لدعوة الجميع لإعادة النظر في ترميم ما فسد من العلاقات والبدء بعلاقات أخوية تحقق السعادة والأمن لكل البحرينيين لا فرق بين هذا أو ذاك.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4322 - الإثنين 07 يوليو 2014م الموافق 09 رمضان 1435هـ
شكرا على الانصاف
يظهر ان الذين علقوا لم يقرؤوا المقال كله وبصورة جيدة فالكاتب يطالب بالعدالة مع الجميع أي يطالب بالعدالة للشيعة بصورة واضحة وردد هذا في أكثر من موقع في المقال أما موضوع المالكي فقد اختلف الكثيرون حوله حتى مراجع الشيعه وعلمائهم وسياسييهم فحديثه عنه ليس طائفيا وانما هو رأي سياسي من حقه واما داعش فقد انتقدها كثيرا وبين خطرها فلماذا لاترون ذلك
شهيد العصر
كل المصائب التي حلت وتحل بالعراق هي من الممارسات الطائفية التي تقوم بها حكومة المالكي العميلة لامريكا نحن سنوينا نروح العراق في زمن النظام السابق ونجلس بالشهر ونزور العتبتات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظم وسامراء ولم يعترض لي احد في الشارع ويسئلني عن مدهبي وكنت اتجول في بغداد ودهبنا للسياحة في الموصل والسليمانية وكركوك واربيل وشربنا لبن مشهور في العراق يسمي لبن اربيل ولم تحدث لي اي مشكلة ادا كنت منصف قارن العراق في الوقت الحاضر فوضي قتل عدم استقرار ولايوجد امان وبدخول داعش صارت العراق مزبلة
لو وش تكتب يالهرفي
صورتك التي كانت في اذهاننا انك كاتب محايد انتهت ، من يوم انتهجت الطائفية في كتاباتك الأخيرة ، ولن تتغير ، تحياتنا ولكن لن تكون لك المصداقية شكرا .
الداعشين قريبين من وطنك
هما اقرب لك مننا وهل من التجىء من بني جلدتك لداعش ارحم كم نظامك؟؟
ام فقط ينطبق على المالكي ولا ينطبق على وطنك
---
إذا افتكينا منك ومن اشكالك إحنا بخير روح إكتب عن بلدك وخلنا في حالنا. أليس هذا تدخل في شئون الغير؟.
يقتربون من مجالسنا فيعتقلون خيرة شبابنا
هم يقتربون من مجالسنا عن طريق المداهمات اليومية والاعتقالات لخيرة شبابنا
يتبع . وهل
يقطعون الطريق ويتغنون بالقاعدة . حنا تنظيم اسمنا القاعدة نقطع الروس الخ . فهؤلاء في نظرك ونظر الإعلام الكاذب هم أصحاب حق ولهم حقوق وجرائمهم التي ترجموها بداعش الان هي نضال من اجل الحرية , هل تعرف ماذا كان سيكون مصير الزيدي لو كان في بلدك ؟ . لقد جعلوا من مطالب شعب البحرين مطالب طائفية وارهابية اما جرائم داعش في العراق فهي حقوق ونضال ضد دكتاتورية لا تساوي عشر بل 1% في ........
وهل
وهل تعرفون العدالة يا هرفي ؟ من اين ومتى ؟ العدالة عندك أيها الهرفي هي ان تنفرد طائفة بحكم بلد وتهمش الطائفة الأكبر وتجعل منها حدما و فقراء كما كان يفعل الطاغية المجرم صدام حسين , اما المالكي فهو الدكتاتور الذي يهمش النواصب الذين منهم رئيس الجمهورية و رئيس البرلمان ونوابهما واكثر من 13 وزيرا لطائفة لا تمثل الا 35% من الشعب العراقي باجماع العالم المالكي الذي تشهد على ديمقراطيته حذاء البعثي منتظر الزيدي وكلاب الإرهاب الذين كانوا يقطعون الطريق . يتبع علي جاسب