العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ

الحقائق في صفحات الصحف الأولى ومضبطة 14 أكتوبر 2003

ردا على مجلس النواب

محمود السيد الدغيم comments [at] alwasatnews.com

-

لا يدري المرء من أين يبدأ مع الردود التي وردت من مجلس النواب، على المقال الذي كتب يوم الخميس الماضي في عمود «نقطة حوار» تحت عنوان «السماهيجي ملام» وكم يتمنى المرء ألا يرد من الأساس على ردود اتخذت من السباب والشتيمة وسيلة استقواء واستظهار لحقائق يراد لها أن تنتزع من أفئدة وضمائر الناس بالقوة، وأنى لذلك أن يكون، والحقيقة واضحة وضوح الشمس. راجع عدد «الوسط» بتاريخ الاثنين 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003، (ص 13).

نعم. وجب الرد، لا تحديا لإرادة المجلس الذي رفض التعقيب على سبابه وشتائمه مستقويا مرة أخرى بالقانون، من دون أن يحسن حتى إجادة هذا الدور كما سيتضح في مجمل الرد، إذ لا يمكن وضع السباب والشتائم مع القانون في كفتي ميزان، وإلا فقد فسد الميزان ومال ميلة ظالمة. والرد من باب توضيح حقائق خافية على الجميع، ولكي لا يكون القانون الذي نحترم فيه ما يحترم فينا من حقوقنا وكرامتنا، وسيلة ابتزاز سياسي، وتكميم الأفواه، ممن يفترض فيه (مجلس النواب) أن يكون صرح الحرية والديمقراطية في هذا البلد.

أولا: قال مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بالإنابة في مجلس النواب غازي عبدالمحسن، وهو من تولى مسئولية الرد بالإنابة أيضا عن رئيس المجلس خليفة الظهراني، على مقال «السماهيجي ملام»، في رده «إن رئيس مجلس النواب لم يعتب على النائبين فريد غازي وجاسم عبدالعال لنقضهما كلام السماهيجي، وبالتالي يكون ما أورده الصحافي محض خيال وأكاذيب دائما ما يحترف ترديدها»، انتهى الرد.

خلفية الكلام جاءت بعد نقض كلا النائبين المذكورين كلام النائب علي السماهيجي، في قوله إن «لجنة التجنيس» راجعت 700 ملف للمجنسين، ولم تجد فيها تجاوزات، في حين كان رد النائبين ان الوقت مازال مبكرا على إثبات عدم حصول تجاوزات في التجنيس، وان عدد الملفات التي تمت مراجعتها لم يصل إلى 700 ملف.

وهنا نورد ما قالته الصحافة المحلية بخصوص عتب الظهراني على النائبين، ويمكن إرسال نسخة منه إلى الزميل عبدالمحسن إن لم يطلع عليها، لتصحيح معلوماته ومن كلفه بالرد. جاء في زميلة محلية يومية على صفحتها الأولى، يوم الأحد قبل الماضي، بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 «وكان تصريح النائبين عبدالعال وغازي الذي شككا فيه بتصريح السماهيجي المنشور في «الأيام» الأول من أمس قد أثار ضجة وبلبلة في الوسط النيابي، إذ أفادت مصادر من المجلس (لا نعلمها نحن، والعهدة على الراوي) أن رئيس المجلس لام النائبين عبدالعال وغازي على تشكيكهما في تصريح رئيس لجنة التحقيق النائب السماهيجي» انتهى كلام الصحيفة.

نترك الآن للزميل عبدالمحسن، بصفته مكلفا بالرد ممن أوكله بذلك، وهو إعلامي قدير، أن يجيب إن كان ما ذكر في المقال محض خيال وأكاذيب نحترف ترديدها أم شيئا آخر؟ ومن المسئول عن الكذبة إن كانت كذبة فعلا؟ أما إذا كانت غير ذلك، وهو الأصح بحسب تأكيد النائب عبدالعال نفسه، فالسؤال: لماذا اللوم؟ هل هي وصاية عرفناها في مواطن كثيرة من رئيس المجلس؟ أم حفاظا على هيبة المجلس وصدقيته جراء تكذيب النواب كلام بعضهم بعضا؟ أم حرصا على مسار التحقيق؟

ثانيا: جاء في رد مجلس النواب على لسان عبدالمحسن «إن ما ذكره الصحافي فيما يتعلق بأن رئيس مجلس النواب ونائبه رفضا التمديد للجنة التجنيس لأربعة أشهر، واكتفيا بشهرين، وكانا يريدان قصرها على شهر واحد، لا يعدو أيضا أن يكون خبرا كاذبا لا يمت إلى الحقيقة بصلة على الإطلاق، كما أنه يبين مدى جهل هذا الصحافي المذكور بأحكام الدستور والقانون» إذ أورد الرد كيفية قبول تمديد لجنة التجنيس، راجع عدد «الوسط» بتاريخ الاثنين 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003، (ص 13).

وأشار إلى أن مد المهلة للجان التحقيق البرلمانية تنحصر في مجلس النواب فقط، وليس مكتب المجلس ولا رئيسه، كما أنه لا يمنع اللجنة من طلب التمديد مرة أخرى بعد انتهاء مدة الشهرين، شريطة ألا يتجاوز ذلك أربعة أشهر بعد الأربعة الأشهر الأولى.

وللرد على هذا الكلام، يمكن الإشارة إلى مجموعة نقاط حساسة، ستكشف عن خفايا لا يعرفها الكثيرون.

أولا: هل يمكن للزميل عبدالمحسن أن يحضر للصحافة مضبطة جلسة هيئة المكتب بتاريخ 14/10/2003م لمعرفة ما إذا كان التمديد (في مضبطة هيئة المكتب، وليس ما خرجت به هيئة المكتب من قرار) لشهرين أو لشهر فقط؟

النائب جاسم عبدالعال، وهو أحد أعضاء هيئة المكتب، ومن طلب التمديد للجنة التجنيس، ذكر أنه طلب التمديد لأربعة أشهر، وفوجئ أن مضبطة الجلسة تحتوي على التمديد لشهر واحد فقط، فقال لهيئة المكتب إن شهرا واحدا لا يكفي، وبعد النقاش، قرر المجلس الموافقة على شهرين، وقد كان الاجتماع الذي أقر فيه التمديد لشهر واحد بغياب النائب الأول عبدالهادي مرهون، وهو اجتماع سابق على اجتماع 14 أكتوبر/ تشرين الثاني 2003م، ما يحصر قصر المدة على شهر واحد في الرئيس ونائبه الثاني، وخصوصا أن المضبطة كانت جاهزة، ولم تتم مناقشتها، وإنما تفاجأ النواب على حد تعبير عبدالعال بها، وبحسب أنباء من داخل المكتب، فإن قصر المدة على شهر واحد جاء برغبة الرئيس ونائبه الثاني.

ثانيا: نورد هنا نص مضبطة اجتماع هيئة المكتب في تاريخ 14 أكتوبر 2003 والتي تمت فيها الموافقة على التمديد لشهرين بعد الرغبة في شهر واحد، والنص كالآتي «واستفسر سعادة النائب جاسم حسن عبدالعال عن سبب موافقة مكتب المجلس في الاجتماع السابق على التمديد لمدة شهر واحد فقط للجنة التحقيق في التجنيس، مشيرا إلى أن اللجنة بحاجة إلى وقت أكثر لإنجاز أعمالها، مقترحا التمديد لمدة أربعة أشهر، وقد أوضح سعادة السيد عادل المعاودة، النائب الثاني لرئيس المجلس (رئيس الاجتماع السابق) بأن المكتب ارتأى التمديد لمدة شهر واحد لأن طلب التمديد لم يكن مسببا بشكل واضح، ولم يتضمن إنجازات حتى الآن». انتهى نص المضبطة، ونترك للإخوة في المجلس التعليق.

ثالثا: نشرت «الوسط» في عددها الصادر بتاريخ 26/10/2003، خبرا في الصفحة الأولى تحت عنوان «تمديد أعمال لجنة التجنيس شهرين» جاء فيه «اكتفى مكتب مجلس النواب بإعطاء لجنة التجنيس شهرين آخرين بدلا من أربعة أشهر طلبتها، على رغم أن رئيس المجلس خليفة الظهراني ونائبه الثاني عادل المعاودة لم يكونا يريدان إعطاء اللجنة أكثر من شهر واحد، إذ ستطرح الموافقة على التمديد لمدة شهرين للتصويت في الجلسة المقبلة للمجلس».

والسؤال: أين هيئة المكتب وأعضاء المجلس النيابي عن هذا الخبر؟ ألم يشاهدوه منشورا على صفحات «الوسط» أيضا، بل وفي صفحتها الأولى؟ فلم لم تكذب الخبر؟ عفوا... تصحح الخبر حتى لا نؤسس إلى تكذيبنا أو تكذيب الآخرين من دون دليل.

رابعا: لم يكن محور المقال قائما على التراتبية القانونية التي ذكرت في سياق الرد، ولم يكن كاتب المقال جاهلا بها، وبالتالي لا حاجة لنصب القانون مشنقة للآخرين، وتذكريهم بأنهم جهلاء به، لأن مضمون المقال انصب على معالجة إشكالية قصر المدة على شهرين أو شهر واحد في ظل تلكؤ لجنة التجنيس عن إنجاز مهماتها، وتضارب أقوال أعضائها فيما يتعلق بما تم إنجازه، وهنا يمكن الوقوف على هذا الملف منذ بداية تشكيل اللجنة، وإيراد حقائق يجهل بها الكثيرون.

1- لماذا وضع انسحاب النائبين عبدالهادي مرهون وعبدالنبي سلمان شرطا لتشكيل لجنة التجنيس، بعد أن كانا صاحبي الاقتراح؟ وما هي المعايير التي اختير بها أعضاء اللجنة؟ وهل تمت تسميتهم من قبل رئيس المجلس أم هيئة المكتب أم من قبل المجلس نفسه؟ وماذا يعني قانونيا أن يوضع انسحاب أفراد من لجنة اقترحاها شرطا لتشكيلها؟ وماذا يترجى من لجنة أولها اشتراط غير قانوني، وإنما سياسي، وسياسي محض، فضلا عن الاشتراطات الأخرى التي هي بمثابة القيود؟ والسؤال الأخطر: لماذا قبل النائبان بهذا الاشتراط من الأساس بعد معرفتهما أن اللجنة ستكون كسيحة، وستفرز أسماء لا تؤمن بوجود هذه المشكلة؟

2- تم تشكيل لجنة التجنيس مع نهاية انعقاد الدور الأول، في وقت قرر النواب فيه أن يخرجوا في رحلة استجمام خارج البحرين بعد عناء الدور الأول، وهو السبب الرئيسي في تعطيل عمل اللجنة، لأن غالبية الأعضاء خارج البحرين، في حين أن لجنة التجنيس منعقدة قانونيا، وعداد الأيام والأشهر يحسب عليها، وخصوصا مع بروز قضية الـ (10 آلاف دينار) التي منحت للنواب، والتي لم يتبرع بها أحد على الصناديق الخيرية كما وعدوا، ما أضفى بعدا أخلاقيا عميقا يتسم بعدم المبالاة على سلوك النواب تجاه قضية مصيرية مثل قضية التجنيس، وكان من المفترض على أعضاء اللجنة ان يختاروا بين أمرين، الأول أن يمارسوا حقهم الطبيعي في أخذ عطلة بعد عناء طويل على أن يتم تجميد عمل اللجنة إلى حين عودتهم، أو أن يضحوا ويقبلوا بالمهمة التي كلفوا بها من قبل المجلس، والا فأن ترك هذه المهمة والسفر مع وجود لجنة التجنيس قائمة سيتسبب بلا شك في عدم قدرتهم على الانجاز.

والسؤال: من وراء هذا الخلل الأخلاقي الخطير تجاه الناس وقضاياهم... مقدمو الاقتراح الذين أرادوا تشكيل اللجنة بأي ثمن، خوفا من رفضها في المستقبل؟ أم من تمت تسميتهم للعمل في هذه اللجنة، ولم يمارسوا أدنى دور رقابي على السلطة التنفيذية، بل تذرعوا بأنها لا تستجيب؟ في حين أن هذا الملف الخطير الذي هو مورد جدل كبير، وتعول السلطة التنفيذية في تبرئة ساحتها من تجاوزات إزاءه على لجنة التجنيس، كان يستحق التضحية ممن تمت تسميتهم لهذه اللجنة، بأن يكونوا محل المسئولية التاريخية التي أنيطت بهم، حتى لو كانت النتائج دون المطلوب، إلا أنهم فشلوا في الاختبار جميعا.

3- بعد أن عاد الجميع من عطلهم، وبدأ التئام المجلس والتهيئة لدور الانعقاد الثاني، وردت الأخبار إلى الصحافة أن لجنة التجنيس تحركت على محاور إدارة الجنسية والجوازات تطالبها بالملفات، وكذلك جهاز المعلومات المركزي، وغيرها من مؤسسات الدولة، فتفاجأ الجميع بأن مدة لجنة التجنيس قد انتهت من دون كتابة حتى تقرير، أو إبداء تصور أولي، ما يجعل اللجنة في حرج، ويضع أمامها مهمة ابتدائية كان المفترض أن تكون لجنة التجنيس قطعت شوطا كبيرا فيها، إلا أنها قدمت طلب التمديد وهي في حكم المبتدئ في العمل لا المنجز فيه شيئا، فمن يتحمل هذه النتيجة؟

4- بدأ عمل اللجنة بأن هيأت لها إدارة الجنسية مقرا دائما في إدارتها، ليكون بإمكانها متابعة ملفات المجنسين، وقد حسم المجلس التمديد للجنة بإعطائها شهرين فقط على رغم حاجتها الى أكثر من ذلك، وفجأة خرج علينا النائب علي السماهيجي ليعلن أن اللجنة راجعت 700 ملف من دون حصول تجاوزات، في وقت أعلن فيه أعضاء اللجنة أن الملفات غير مستوفية البيانات، وأنها لا تساعد على كشف أي تجاوز، وقد نقض النائبان جاسم عبدالعال وفريد غازي كلام السماهيجي، وأكدا أن الرقم لم يتجاوز 700 ملف، ومازال الوقت مبكرا لإثبات عدم حصول تجاوزات.

ما لم يعرفه الناس، أن النائب جاسم عبدالعال أكد «أنه وفق المدة المحددة للجنة، لا يمكن إيجاد ثغرة قانونية في ظل عدم تعاون المسئولين في إدارة الجوازات». وما لا يعرفه الناس أيضا، أن النائب نفسه أكد أن غالبية أعضاء اللجنة لا يحضرون لإدارة الجنسية لمعاينة الملفات، وأنه أصبح وحيدا وكأنه صاحب القضية الأوحد، والنواب الآخرون لا دخل لهم بما كلفوا به. وما لم يعرفه الناس أخيرا: أن النائب نفسه ذكر أن غالبية أعضاء اللجنة لم يراجعوا الملفات التي بحوزتهم إلى الآن.

والسؤال: كيف وصل عدد الملفات المراجعة إلى 700 ملف في ظل ما ذكر من حقائق؟ وكيف يمكن التعويل على اللجنة ما دام هذا حال أعضائها؟ وهل يمكن لها أن تحسم الجدل بشأن من يتحرك بيننا بلحمه ودمه على حد تعبير النائب فريد غازي، ولم نتعرف على هويته بعد، أهل حصل عليها وفق القانون أم لا؟ هذه أسئلة نرجو أن يجيب عليها رئيس المجلس وأعضاء اللجنة والنواب بشجاعة.

5- هل يمكن بعد ذلك أن تكون التراتبية القانونية التي ذكرها رد مجلس النواب مبرئة للذمة أمام الحقائق المذكورة، التي تنبئ بعجز خطير في مواجهة هذا الملف، وتكاسل غير مبرر في توضيح ولو صورة أولوية عنه، بل وإعلان براءة الطرف الرسمي من دون إكمال المهمة؟ وهل يفرق شيء أن تكون المدة شهرا أو شهرين أو حتى أربعة أشهر أمام هذا الوقائع الضخمة والأسئلة الكبيرة؟

والسؤال: هل سيمدد مكتب المجلس للجنة التجنيس مرة أخرى، وقد نوى قبل ذلك التمديد لشهر واحد فقط، وهو يعلم بظروف أعضائه قبل غيره؟ معللا عدم التمديد لمدد أكبر بأن الأعضاء لم يسببوا عدم إنجازهم في هذا الملف، مع معرفته التامة بأن غالبية الأعضاء في سفر، فكيف يفهم موقف عدم التمديد؟ وكيف يفهم وجود اللجنة من الأساس مع عدم وجود الأعضاء للعمل فيها؟

خامسا: إذا كان مجلس النواب يريد الاحتكام إلى القانون، وتعريف الجهلاء به، فالسؤال: هل أعضاء المجلس النيابي يطبقون القانون؟ وماذا عن استثناءات رئيس المجلس لبعض المواضيع من مناقشتها داخل المجلس، مع إدراجها على جدول الأعمال، أو وجود رغبة من بعض النواب بمناقشتها، وما قضية نانسي عجرم وتداعياتها الخطيرة بعيدة عنا؟ فهل خضعت فعلا للتراتبية القانونية المذكورة في الرد؟ أم تجاوزت ذلك إلى التصرفات الشخصية للمسئولين الكبار الذين يعول عليهم الكثير في حفظ القانون والأنظمة في البلد؟

سادسا: يشير بيان النواب إلى أن التمديد للجنة التجنيس متروك للمجلس النيابي وليس هيئة المكتب، في حين أن هيئة المكتب نفسها، قررت أن تعطي اللجنة شهرين فقط بعد أن طلبت أربعة أشهر، وبالتالي فقد تدخلت في صناعة القرار، والسؤال: كيف يتناسب هذا التدخل من هيئة المكتب، مع ما جاء في البيان من أن قرار التمديد بيد المجلس وليس بيد الرئيس أو هيئة المكتب؟ ولم هذه الكوابح من الرئيس أو هيئة المكتب للمقترحات ما دامت ستعرض على المجلس النيابي؟

جاء في بيان النواب أخيرا «أرجو نشر هذا الكتاب في أقرب وقت من (دون تعقيب) في صحيفة «الوسط» على النحو المبين في المادة (218) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، التي تنص على أن «على الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام تحري الدقة في نقل وتلخيص جلسات المجلس، ويحق لكل عضو أن يطلب من رئيس المجلس تصحيح الأخطاء بكتاب يرسله الرئيس إلى الصحيفة أو وسيلة الإعلام التي حرفت الوقائع، وعليها أن تنشر الكتاب أو تعلنه في أقرب وقت دون تعقيب، ولا يمنع هذا من إقامة الدعوى العمومية».

وفي الرد على هذا المستوى الراقي من تعليمنا نحن الصحافيين أساليب الديمقراطية من صرح الديمقراطية في البلد، يمكن أن نضع ست نقاط رئيسية على ما جاء في خاتمة الرد.

الأولى: من الواضح جدا أن كاتب الرد لا يفرق بين المقال والخبر الصحافي، فالرد جاء على مقال صحافي اعتمد حقائق ذكرتها ونشرتها الصحافة في صفحاتها الأولى، من دون أن يصححها أو يخطئها أو يكذبها إن شاء مجلس النواب، وبالتالي فالمقال «ماشي في السليم» ما لم يرد على المادة الخبرية الأولى كما رد على هذا المقال، وبناؤه على صحة المعلومات قائم على عدم تكذيبها، في حين أن المادة (218) لا تتعلق بالمقالات، وإنما بنقل وقائع جلسات المجلس أي (المادة الخبرية)، وهذا ما لم يفعله المقال، وبالتالي فهذه المادة لا تنسحب عليه. يرجى الالتفات لهذا اللبس القانوني، فالكل يلتبس عليه القانون إذا لم يعرف التعاطي معه، أو كان متسرعا في توظيفه ضد الآخرين.

الثانية: في حال كانت هذه المادة منطبقة على ما جاء في المقال، فمجرد استخدام الألفاظ النابية والتعريض بالناس بهذا الأسلوب، يجعل من حق الرد أمر مشروعا لأي إنسان يمتلك أدنى كرامة، ولا يتساوى السباب والشتائم مع القانون، ولكن السؤال: كيف يلزم قانون متعلق بمجلس النواب وبلائحته الداخلية التي تنظم أموره، قطاعات أخرى لها ما ينظم أمورها ويلزمها بذلك؟ يرجى مراجعة هذا اللبس القانوني أيضا.

الثالثة: ماذا تعني كلمة «من دون تعقيب» لمن يتتبع سياق المقال؟ إنها تعني بكل وضوح أن استخدام الكلمة مع وجود خلل قانوني في توظيفها، أن الطرف الآخر يخشى الرد، ولهذا استقوى بالقانون ليرهب به الآخرين، ولتبقى كلماته النابية التي أصدرها في حق الآخرين مساحة إدانة وترهيب معا لا يمكن صدها أو ردها أبدا.

الرابعة: إذا تم افتراض أن على الصحيفة تصحيح الخطأ من دون اعتراض ولا تعقيب، فقد تم اشتراط ذلك بأن يرسل أحد الأعضاء كتابا إلى رئاسة المجلس يطالبه بتصحيح الخطأ، والسؤال: لماذا لم يرد اسم العضو الذي طالب بتصحيح الخطأ الذي وقع فيه الصحافي في الرد، لتكون حجة من كتبه وفق المادة (218) التي ساقها أسلم وأوقع، مع عدم التسليم بانطباقها على الصحافيين، وعدم التسليم بدستوريتها أيضا، أم أنه قد اتخذ القرار على وجه السرعة كالعادة من دون مشاورة أحد، ولا علم أحد بهذا الموقف؟ هذا لبس قانوني وأخلاقي أيضا، يراد له أن يصحح.

الخامسة: إذا افترضنا جدلا أن ما نشر من حقائق في الصحافة المحلية عن لوم الظهراني للنائبين، والرغبة في التمديد للجنة التجنيس لشهر واحد، أمور لا يعرف بها الرئيس وأعضاء مجلسه، فهل ذلك يخلي مسئولياتهم مما أكده النواب أنفسهم بثبوت هذه الحقائق، في قبال التكذيب لها؟ ماذا يعني هذا الموقف وقد ثبت عدد من النواب هذه الحقائق حتى مع عدم علم الرئيس أو الأعضاء بما كتبته الصحافة؟ هذه في حد ذاتها مصيبة كبرى، أن تتحرك الساحة من تحت أقدام النواب بأقاويل باطلة عليهم بحسب زعمهم، ولا يردون على هذه الأكاذيب إلا بعد أيام، ثم يتم توجيهها لشخص بعينه من دون بقية الأطراف، ألا يعني ذلك أن في هذا الموقف شيئا من الاستهداف، وخصوصا أن بعض العبارات مثل «تعمد الإساءة» و«احتراف الكذب» توحي بذلك؟

السادسة والأخيرة: وفق ما جاء من رد ورد مضاد، ووفق هذه الوقائع التي أوردها كلا الطرفين، فإن المرء على استعداد بكل فخر واعتزاز وثقة وطمأنينة للتقدم إلى المحاكمة، ولا تهم بعد ذلك أساليب الاستقواء بالقانون أيا كان مصدرها. ما على مجلس النواب إلا أن يحزم أمره وخياره في هذا الموقف، ويقيم «الدعوى العمومية»، فهذا حق متبادل يحق لمجلس النواب أن يفعله كما يحق لغيره

العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً