للشهر الفضيل منزلة روحية ومعنوية خاصة لدى عامة المسلمين، فضلاً عن بركاته الإلهية ونورانه وخيراته الفيضية، فهو مجمع للناس على المحبة والخير وصفاء القلب والسريرة، وهو شهر التوبة والغفران والقرآن. شهرٌ فضّله الله عز وجل على باقي الشهور، ولشهر رمضان طعم خاص، وهو عنوان للتجمع العائلي، وصعب على كل أفراد الأسرة أن يمر دون وجود أحدهم، فالغياب موت، ومع الموت لا يصلح إلا الحزن والألم.
الاجتماع العائلي نعمة ورحمة تطال الصغير قبل الكبير، الغياب فيه مؤلم للحاضر والغائب معاً، فالأول ينغص بعيشه كلما تذكر غياب الحبيب، فهنا حضوره وجلساته، وهنا ضحكاته، وهذا طعامه الخاص، وتلك علاماته وحركاته. وفي الوقت ذاته مؤلمٌ للغائب لأنه يعيش الوحدة والغربة وفقدان الأحبة.
شهر رمضان لا تكتمل معالمه وجوّه الخاص إلا بجمع العائلة وخصوصاً على مائدة الإفطار التي يتفق المسلمون على توقيتها، إذ الكل ملتفٌ حول تلك المائدة، إلا المغيبون خلف السجون، خصوصاً من لا جرم له سوى أنه عبّر عن رأيه أو شارك في مسيرة يريد مزيداً من الحرية والإصلاح والتغيير. أقصى أمنياته حياةٌ لا يعكرها خوفٌ على معتقد أو رزق أو مستقبل ولد، ولا تشوبها مذلةٌ ولا مهانة، ولا يعتريها تضييق ولا تمييز.
فكم هو مؤلم وقاسٍ على أب سجين يصوم بدون أبنائه الذين يكبرون بأحاسيسهم قبل أجسامهم وهم بعيدون عنه. وكم هو محزنٌ أن يقتلع فتى غض لم ينبت شاربه من أحضان أمه ويصوم دون أن يناله من طعامها شيء وهو يغص بالمرارة كلما تذكر أن أمره هذا سيطول. وكم هو مفجعٌ لحد الموت أن تكون الأم سجينةً وكيف تقضي ليالي الشهر الفضيل وهي تتجرع الموت ألف مرة لأنها لا تعرف كيف يعيش أطفالها الصيام هذا الشهر؟ وكيف لأم أن تعد طعاماً لأسرتها وهي تتقطع ألماً بأن ابنها محروم من ذلك كله؟ فهي لا تجده بينهم ولا بين أصدقائه، ومن في مثل سنه يجوب الحي متنقلاً بين مجالس القرآن ومسامرة الأصدقاء، أو حتى يتصارع مع أخوته على قنوات التلفاز.
يوجد لدينا ثلاثة آلاف سجين سياسي، حسب المصادر الأهلية، وكلهم أصحاب وأبناء عوائل، ينظرون الفرج. فإن كان خطاب وزير الداخلية البحريني نحو مرحلة جديدة سماها «مرحلة تضميد الجراح»، فإن أول بوادرها هو حلّ مأساة المعتقلين وإعطاؤهم الحرية بإطلاق سراحهم؛ وإن كان الوزير ينظر إلى المستقبل بثقة، فإن المستقبل سيكون مهزوزاً إن ظل مثل هذا العدد قابعاً في السجن، صغارهم قبل كبارهم، تعيش معهم معاناة السجن وهم في أوطانهم، ويقاسي أهاليهم العذاب وهم يتنقلون لمتابعة ذويهم بين المحاكم والسجون، يترجون هذا وذاك، فإن كان الوزير يري أن «تحقيق التوافق الوطني هو لتحاشي الاصطفاف الطائفي، وأن يكون التعاطي مع القضايا المطروحة منطلقاً من حس وطني»، فلم هذا العدد من طائفة بعينها؟ وهل يتوقع الوزير أن ثلاثة آلاف سجين وعوائلهم سينخرطون في هذا التوافق وهم يشعرون بالغبن والإقصاء؟
نحن نتفق مع الوزير في أن يكون «شعار البحرين أولاً برنامج عمل وطني يعزز المناعة الوطنية ضد أسباب الاختلاف... والتركيز على استخدام وسائل التأثير السلمية، لأن في ذلك حماية لمصالحنا الوطنية في الحاضر والمستقبل»، لكن على ألا يستثني أحد من هذه المصلحة، ولا يعامل المواطن على أنه عدو يسجن ويعذب ويبعد، إذا كنا نريد استقرار هذا الوطن، ونتمنى أن لا ينتهي هذا الشهر الفضيل وهناك سجين صائم.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4317 - الأربعاء 02 يوليو 2014م الموافق 04 رمضان 1435هـ
الله كريم
حسبنا الله ونعم الوكيل
ام حسن
لمستي الجرح كل ليلة عند الفطور اقف امام صورتة واكلمه واتذكر مايفعله وعيني تفيض دموع مرات اقول ليه صحن السلطة خليت فيه زياده ليمون ومرات اقول المحلبيه دافيه حبيبي متى تجي تاكل ما وحشك طباخي ما اشتقت الى لمه الاهل حبيبي تعال عاد تعبت القلب واني كل ليله اناديك سنتين وهو غايب الله يصبرني على السنوات الباقيه