العدد 4312 - الجمعة 27 يونيو 2014م الموافق 28 شعبان 1435هـ

قاسم: سلسلة القوانين المتسرعة لا تبقي شيئاً من الحرمة للشعب ولا متنفساً للتعبير

الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عيسى قاسم

رأى إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (27 يونيو/ حزيران 2014) أن سلسلة القوانين «المتسرعة» لا تبقي شيئاً من «الحرمة للشعب».

وقال قاسم: «ثمة مفارقة غريبةٌ منكرة يتّسم بها موقف السلطة لا يمكن أن يسترها إعلامٌ مضلل ولا دعاية واسعة، تتمثل هذه المفارقة في أوضاعٍ عملية ظالمة متصاعدة ومتكثّرة، منها هذه الأحكام الكارثية على رموز الشعب وقادته، ومختلف فئاته، وفي سلسلة من القوانين المتسرّعة الجائرة، التي لا تبقي شيئاً من الحرمة لهذا الشعب، ولا متنفَّساً للتعبير، وتمكِّن من إطلاق يد السلطة في مصائر الناس كيف تشتهي ومتى تريد، ومصادرة أصل حق المواطنة متى شاءت وممّن تريد»،

وأوضح أن «هذه المفارقة الشنيعة الفاضحة والتناقض السافر، تتمثل في هذا كله ما يسد الباب تماماً أمام مشاركة المعارضة فيما يقال عنه بأنه تجربة برلمانية قادمة من جهة، ومن جهة أخرى فيما تبديه السلطة نفسها على مستوى الإعلام... والدعاية... من رغبة في مشاركة المعارضة في هذه التجربة، وما أكثر المفارقات والتهافتات والتناقض بين أقوال السلطة وممارساتها».

وفي سياق آخر من خطبته، تساءل قاسم «دعوةٌ جادّة أو هازلة؟» في إشارة منه إلى دعوة وزارة العدل الخطباء بعدم التعليق على ما يجري في العراق.

وأوضح أن «السلطة دعت المنابر الدينية والصحف المحلية والكلّ لتجنّب التعرض لأحداث الساحة الإسلامية، والعربية في الخارج بما يثير الفتنة الطائفية ويُشعل نارها، لكن هذا الطلب منها جادٌ أو هازل؟».

وأضاف «لو فُرضت جدّيته كذّب هذا الفرض تعرّض صحيفة محلية يومية... للمرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني، الذي يرجع إليه الملايين من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) في فتاوى دينهم، الذي هو أهم أمر في حياتهم ويعطونه الثقة التامة لموقع هذه المرجعية العظمى بالغة الأهمية».

واعتبر أن «التعرّض له على جلالة علمه وتقواه، وعظيم حرصه على مصلحة الأمة ووحدتها بالساقطة من الكلام، والخسيس من الوصف، والسيئ من الفعل، وأي فعلٍ أسوأ ما نسبته الصحيفة المعنية لسماحته، وحاشاه من الخيانة العظمى للإسلام، وبيع الذمة بثمنٍ رخيص 200 مليون دولار، يستكبرها كاتبها على نفسية السيد السيستاني، ويراها يمكن أن تهزم إيمانه، على أن إيمان الرجل فوق أن يُشترى بالدنيا».

وقال قاسم: «أمعقول أن تكون دعوة السلطة وتوصيتها جدية وعلى ظاهرها، وتخالف في اليوم الثاني هذه المخالفة الفاضحة عبر هذه الصحيفة التي لا تنطق إلا عن رأيها، وقد أنشئت من أجل خدمة سياستها، وبقيت وفية لما أنشئت من أجله، وإن لم يكن نطقها باللسان الصريح للسلطة، أمعقول أن تكون دعوة السلطة هذه جادة؟ وتأتي الصحيفة في اليوم الثاني لتحرّض على ما هو خلاف هذه التوصية؟»

وأضاف «ما ذهبت إليه الصحيفة، ما ادّعته، ما اتهمت به السيد السيستاني مناقضة صريحة من الدولة نفسها لما أوصت به».

وأردف قائلاً: «اتهام الصحيفة ذاك، الظالم الشائن الباغي، ألا يثير روح الطائفية على أشدّها؟ ألا يعصف بوحدة الأمة؟ أو أن السيستاني بلا أتباع ولا أنصار؟ وأن إهانته لا تعني إهانة الملايين من أتباعه، وأن هذا الكلام غير مهين ويناسب المقام الشامخ النزيه لسماحة السيد وجلاله...؟».

وختم إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، هذا السياق من خطبته، بالقول: «نحن نعلم أن الصفحة البيضاء للسيستاني لا تملك الألسن البذيئة المأجورة أن تلوثها بشيء، ولكن يبقى التطاول على هذه المقامات المستطيلة ظلماً سبب فتنة عامة، وطريقاً لحرق وحدة الأمة وإهانة للدين، وخطراً من أخطر الخطر، والسلطة أول مسئول عنه، وهو يصدر تحت رعايتها، ومن ذاقوا طعم التقوى وقيمة الدين في النفس، ووجدوا ما يرتفع بها إليه من أفق رفيع، لابد أنهم يعلمون أن عظماء الدين وأهل تقوى الله العالية، لا يجدون في الدنيا كلّها ثمناً لأنفسهم ولا لشيء مما يتنّعمون به من نعمة الدين».

وتحت عنوان «ماذا وراء اقتتال المسلمين»، أكد قاسم أن «هناك كيدٌ وتخطيطٌ شيطانيٌ استكباريٌ من قوى عالمية متنفذة عابثة بوحدة المسلمين، مستهدفة إضعاف الأمة الإسلامية بتفتيتها، واشتغالها بالحروب الداخلية الطاحنة، ولكن ذلك لا يمثل السبب الأصل، والمردّ الأخير لهذا الواقع الخطير المدمّر الذي يهدد مصير الدين والأمة. السبب الأصل يتمثل في أمرين ولهما ثالث».

وبيّن أن الأمر الأول هو «جهلٌ بالدين من رؤوسٍ تتزعم جماعات ذات قوة وبطش، وروح تضحية وفداء عالية، ولكن على غير هدىً ونور، قد لقنتها رؤوس دينٍ لا تفقه دين الله حق فقهه، كفر أكثر المسلمين الكفر المستوجب لاستباحة دمهم، والتقرب إلى الله عز وجل بقتلهم، لا فرق في ذلك بين مسالم ومحارب، طفل صغير أو شيخ طاعن في السن، رجل أو امرأة، وأن ذلك من أقرب ما تقرب به عبدٌ متقٍ لله عز وجل ونال به الجنة والرضوان لديه - هذا هو التصوير، هذه هي القناعات الموصلة إلى رؤوس الأنفار».

وتابع «الأمر الآخر أن وجد الساسة من عبيد الدنيا والسلطات الدنيوية التي لا تقيم وزناً للدين، وجدوا في هؤلاء الزعماء الدينيين وأتباعهم ممن استرخصوا حياتهم، وحياة الآخرين مغرراً بهم في سبيل الله ما يتوهمونه إسلاماً، وهو بعيدٌ كل البعد فيما يذهب إليه من استباحة دم المسلم عن الإسلام الحقّ، وجدوا فيهم فرصة سانحة للاستغلال في ضرب من يريدون ضربه، وتشتيت من يريدون تشتيته، أو يضادّهم في السلطان ليكون القتل والتصفيات لغيرهم، ومكاسب الحروب الطاحنة بين الجماعات بعضها مع البعض، وبينها وبين كيانات حكومية مستهدفة تصبّ في جيوبهم».

واستطرد قاسم في حديثه، معتبراً أن «هكذا يتذابح المسلمون، وتتعاظم الخسائر البشرية، وتتلف الثروات، وتتساقط آلاف الضحايا وتحصد الأرواح، وتخسر الأمة وحدتها، ويُهدد منها أصل البقاء لفهمٍ أعمىً بالدين، وجهلٍ ببديهيات من بديهات الإسلام، ولكيد حكومات دنيوية ركبت كل مركب سوء، وترتكب كل فظيعة من أجل كرسيّها الظالم والحكم وبسط النفوذ وتوسّع رقعته».

وأشار إلى أن «انقسام المسلمين في إسلامهم إلى مذاهب، فأرضيةٌ ممكنٌ أن يُقال عنها بأنها أرضية يمكن استغلالها في الفرقة الطائفية التي لا تُبقي حرمة للمسلم من الطائفة الأخرى في نفس أخيه المسلم الذي شاركه في التوحيد والاعتقاد بخاتمية النبي محمد (ص)، وفي قبلته وصلاته وصومه وحجّه وزكاته، وفي المساحة الأكبر من الأحكام الفرعية في الدين العام الواحد المشترك الذي يحتّم على الجميع وجوب احترام الدماء والأعراض والأموال من كل طرفٍ للطرف الآخر.

واستدرك بقوله: «لكن هذا الانقسام في المذاهب مع كل هذه المشتركات ومع ما ينص عليه الإسلام المشترك بين كل المذاهب، التي يمكن نسبتها للإسلام من حرمة دم المسلم وعرضه وماله على أخيه المسلم لا يمكن - أي أعني ذلك الانقسام - أن يدعو إلى هذا الاقتتال والتذابح الجاهلي بين المسلمين».

ورأى أن «المسلمين اليوم أمام أكبر خطر تواجهه الأمة، حيث هذه الحروب التي تهدم الإسلام وتنسف وحدة الأمة، وتأتي على أمنها، في حين تُرتكب باسم الإسلام وتُعدّ حروباً مقدسةً لا يخوضها مسلم إلا وأحرز دخول الجنة. وهي حروبٌ أقنعت الجميع من شعوب وحكومات، كما أقنعت كيانات سياسية دنيوية زرعت بيدها بذور هذه الفتنة والحروب وغذّت جماعاتها بالمال والسلاح، واستثمرتها لأغراضها السياسية الدنيئة، أقنعت الجميع من هؤلاء وأولائك بأنها تهدد الجميع ولا ترحم طرفاً من الأطراف، ولا تراعي إلاًّ ولا ذمة، وأقنعتهم بشرّها المستطير، وإن كان البعض مازال يتوّهم بأنه مازالت أمامه فرصةٌ لاستغلال هذه الحروب في صالحه وأنه مازالت عنده فرصة للتدراك وتجيير هذه الحروب في صالحه لو بدأت تنقلب عليه وكادت نارها أن تطاله.

وأضاف «لو أفاق هذا البعض من سكرته لأدرك أنه واهم، وأن الخطر بات يدق كل الأبواب ويهدد كل التحصينات والسدود، وأن لابد من تدارك الأمر قبل فوات الأوان إن بقيت في الوقت شيءٌ يسير يسمح بذلك».

وشدد قاسم على ضرورة «إيقاف وإطفاء النار القائمة والحفاظ على دماء كل المسلمين ورعاية الحرمات التي أوجب الله عليهم رعايتها. ومن السبب الأصل في إشعال نار الفتن داخل الأمة، وتمزيق شملها، وتهيئة الأرضية الخصبة لنمو حركات الإرهاب والالتفاف حولها، ما تعانيه شعوب أمتنا من ظلم الكثير من الأنظمة القائمة، والتفريق بين مكوناتها، وكذلك معاداة هذه الأنظمة لدين الأمة ومناقضتها له فضلاً عن التخلي عن أحكامه وتشريعاته، إلا ما تجد نفسها قادرةً على استغلاله وحرفه عن وظيفته حسب تقديرها، على أن يمس شيء من ذلك رضا القوى الاستكبارية العالمية عنها».

وأفاد بأن «الظلم للشعوب، وهذا التفريق، يخلق أرضية خصبة لاستغلالها من قبل الفئات التكفيرية المُحارِبة.

العدد 4312 - الجمعة 27 يونيو 2014م الموافق 28 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 12:17 م

      كلام جميل

      اطال الله عمرك الشيخ عيسى قاسم

    • زائر 9 | 8:40 ص

      هل وضعت الخطبة

      هل الخطبة وضعت ليبحث عيسى قاسم كل جمعه في الوضع السياسي هل هو رجل دين ام رجل سياسي !!

    • زائر 8 | 7:38 ص

      على فكرة

      هالمبلغ قليل لو أرادااه المرجعية وليس السيد السيستاني فقط .. أموال الخمس الزكاة و الصدقات اكثر من هذا بكثير ولكن المرجعيات لا تستأثر بها وتوزعها .. و المبلغ المذكور تافه قدام هالمبالغ

    • زائر 5 | 4:13 ص

      رامسفيلد

      دفع مائتي مليون دولار للمرجع السيستاني في مذكرات رامسفيلد الشهيرة ولم يفندها أحد بعد.

    • زائر 4 | 3:45 ص

      مع الحق

      كلام يوزن بالذهب

اقرأ ايضاً