قال تقرير سياسي حصلت «الوسط» على نسخة منه إن الرئيس الأميركي جورج بوش رفض اقتراحا قدمه له تيار «المحافظين الجدد» الذي يضم المتشددين في الإدارة الأميركية ويقضي بالعمل على تشكيل «حكومة إيرانية في المنفى» كجزء من خطة أميركية لزعزعة وإضعاف النظام الإيراني الحالي وتسهيل سقوطه.
ويؤكد التقرير «أن تيار المحافظين يبذل حاليا جهودا مكثفة داخل الإدارة الأميركية وفي الكونغرس لإقناع الرئيس بوش باعتماد استراتيجية المواجهة مع القيادة الإيرانية من منطلق أن إيران ستمتلك السلاح النووي خلال عامين أو ثلاثة أعوام إذا لم يحدث تغيير جوهري وجذري في تركيبة الحكم في طهران».
إلى ذلك لفت التقرير إلى «أن المنتمين إلى تيار المحافظين الجدد الموالي لـ «إسرائيل» أخذوا في تعزيز اتصالاتهم مع كبار المسئولين الأميركيين وعدد من زعماء الكونغرس على أن التحديات التي تواجهها أميركا في إيران اليوم مشابهة لتلك التي كانت تواجهها في العراق في عهد صدام حسين». ويرى التقرير أنه كما «كان ضروريا تغيير نظام صدام حسين لإزالة خطر امتلاك العراق أسلحة دمار شامل فمن الضروري، وفقا للمحافظين الجدد، تغيير النظام الإيراني الحالي لضمان وقف جهود إيران لإنتاج وامتلاك السلاح النووي في مستقبل غير بعيد».
وأوضحت تقارير اعلامية أميركية أن تيار «المحافظين الجدد» لم يقترح على بوش استخدام الخيار العسكري أو المواجهة المباشرة لتغيير النظام الإيراني بل اقترح العمل من وراء الستار وتبني خطة تدفع باتجاه تشجيع شخصيات إيرانية معارضة من داخل إيران وخارجها على تشكيل «حكومة في المنفى» يكون مقرها في واشنطن أو في عاصمة أوروبية وتكون بمثابة القيادة البديلة لهذا البلد بعد رحيل القيادة الإيرانية الحالية بشكل أو بآخر. كذلك يتم تشجيع إيرانيين معارضين للنظام مقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا، بوسائل مختلفة، على بث برامج تلفزيونية وإذاعية موجهة إلى الشعب الإيراني على نطاق واسع تسلط الأضواء على «الأداء الخاطئ والسيئ» للقيادة الحالية وعلى المصاعب الكبيرة التي يواجهها الإيرانيون حاليا في مجالات مختلفة، بحيث تلعب هذه البرامج التي يمكن أن تكون مدعومة بحملة إعلامية واسعة عبر الإنترنت «دورا تحريضيا» ضد النظام الحالي في طهران.
وكشف التقرير للمرة الأولى عن سيناريوهات وصفتها الخطة الأميركية بدعم من «المحافظين الجدد» الذين يعملون على استغلال وجود معارضة واسعة في صفوف الإيرانيين لتوجهات النظام الحالي لتحريك تظاهرات شعبية كبيرة في مختلف المدن والمناطق وتحويل هذه التظاهرات تدريجيا وفي الوقت الملائم حين تصبح الظروف ناضجة، إلى انتفاضة شعبية واسعة بما يؤدي إلى سقوط هذا النظام على أيدي الإيرانيين أنفسهم.
ويبدو ان الصقور الأميركيين استغلوا الحركة التي قام بها حفيد مؤسس الثورة الايرانية آية الله الخميني ودفع هؤلاء لأن يلعب حفيد الخميني حسين الخميني دورا رئيسا في خطة إسقاط النظام الإيراني من دون أن يعني ذلك ترشيحه لرئاسة حكومة المنفى المقترحة التي يفضل هؤلاء أن يرأسها معارض مدني معروف وفي تقدير «المحافظين الجدد» فإن حسين الخميني شخصية مهمة وملائمة لتنفيذ مخطط تغيير النظام في طهران، لأنه من جهة حفيد الخميني ويؤيد صراحة وعلنا تغيير النظام الحالي وإقامة «نظام ديمقراطي إسلامي» ويدعو من جهة أخرى إلى عدم الاعتماد على الرئيس محمد خاتمي لتحقيق تغييرات جذرية في هذا البلد لأنه غير قادر على ذلك.
وتقول التقارير الأميركية: «إن حسين الخميني مستعد للتعاون مع الأميركيين في أي من الأشكال لتحقيق هذه المهمة وإحداث التغيير الكبير في إيران». وضمن هذا الإطار عقد عدد من المسئولين الأميركيين المنتمين إلى تيار «المحافظين الجدد» اجتماعات سرية مع حسين الخميني في واشنطن أخيرا واستمعوا إلى وجهة نظره واقتراحاته بشأن كيفية تغيير النظام الإيراني، لكنهم امتنعوا عن تقديم أية وعود أو التزامات محددة له بشأن مشروع التغيير هذا ودوره المحتمل فيه.
في المقابل تصدى وزير الخارجية الأميركي كولن باول لحملة «المحافظين الجدد» هذه، وأعرب عن معارضته الشديدة لخطتهم واصفا إياها بأنها «خطرة وغير واقعية وغير قابلة للتنفيذ»، قائلا إنها ستجر الولايات المتحدة إلى «ورطة كبيرة» في حال اعتمدت.
وركز باول على «أن هذه الخطة ليست هي الملائمة للتعامل مع إيران وتحدياتها ومشكلاتها في هذه المرحلة». ورأى أن حسين الخميني «ليس مؤهلا أو قادرا على أن يلعب أي دور رئيسي في إيران». وشدد على «أن الإيرانيين عموما بمن فيهم المعارضون لسياسات النظام سيرفضون التعامل مع أية حكومة منفى تفرض عليهم فرضا من الخارج». وأوضحت المصادر «أن موقف باول هذا لقي دعما قويا من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جورج تينيت وكذلك من مستشارة الرئيس لشئون الأمن القومي كونداليزا رايس وهو ما دفع الرئيس بوش إلى رفض خطة «المحافظين الجدد» هذه بجوانبها المختلفة وطلب التخلي عن أية جهود لتشكيل حكومة إيرانية في المنفى»
العدد 431 - الإثنين 10 نوفمبر 2003م الموافق 15 رمضان 1424هـ