يمكن التعرف على موقف علماء البحرين من قيام الدولة الصفوية من خلال موقفهم العملي من هذه الدولة ومستوى التعامل معها. كثير من علماء البحرين هاجروا إليها وتقلّدوا فيها مناصب رسمية كمشيخة الإسلام أو القضاء، أو ساهموا في بنائها المعرفي من خلال التدريس والتأليف والترجمة والفتيا، وإقامة صلاة الجمعة والجماعة والمساهمة في نشر المذهب الإسلامي الشيعي.
في المقابل، فإن الكثير من علماء البحرين أيضاً قد هاجروا للاستفادة منها ثم العودة إلى البحرين لكونها قد أصبحت إحدى مراكز العلم الديني، خصوصاً بعد استقطابها لبعض كبار العلماء من أمثال الشيخ الكركي والشيخ حسين بن عبد الصمد والشيخ البهائي والشيخ المجلسي وغيرهم. هناك إذاً استفادة متبادلة بين الطرفين، إذ أفاد علماء البحرين الدولة الصفوية كما استفادوا منها.
منذ قيام الدولة الصفوية وإعلانها التشيع، ارتبطت هذه الدولة بعلماء الشيعة، ومنهم علماء البحرين. وامتد عمر الدولة الصفوية منذ العام 1501 حتى 1736م. وقد حكم الصفويون البحرين مابين 1602 الى 1700 و1717 (ابتدأ في عهد الشاه عباس الأول، مع انقطاع لفترة نحو 20 سنة في النصف الثاني من القرن السابع عشر، انهار في البحرين العام 1700 م بداية بسبب عدة غزوات خارجية تسبت في خراب البحرين، وثم انتهى بصورة كاملة من البحرين في 1717 وذلك قبل ان ينهار في ايران في 1736).
أما من الناحية العلمية والثقافية فيمكن أن يكون تاريخ قيام الدولة الصفوية وإعلانها للتشيع مذهباً، هو بداية العلاقة بين البلدين على مستوى علماء الدين. وإذا كانت الدولة الصفوية قد سقطت بصورة نهائية في 1736، فهذا لا يعني أن الارتباط العلمي والثقافي قد انتهى في ذلك التاريخ. سقطت الدولة وبقي التشيع لمذهب أهل البيت قائماً حتى يومنا هذا.
لإيضاح طبيعة ارتباط علماء البحرين بالدولة الصفوية آنذاك، يمكن إيراد بعض الأسماء كنماذج ممثلة لمجموعات أخرى، مع التركيز على جانب العلاقة بالدولة الصفوية تحديداً وباختصار شديد...
أولاً: الشيخ يحيى بن حسين البحراني (المتوفى بعد 970هـ بقليل - 1562م): يبدو أنه يرجع في أصوله إلى قرية سلماباد في البحرين، ويعتبر أحد التلامذة المعروفين للمحقق الكركي (شيخ الإسلام في الدولة الصفوية)، حصل على الإجازة من الشيخ الكركي العام 932هـ (1525م) وكان نائباً عنه في يزد والمفتي هناك. عاش الشيخ يحيى في عهد الشاه طهماسب.
وممن حصل على الإجازة من الشيخ الكركي أيضاً الفقيه الشيخ حسين بن مفلح الصيمري البحراني المتوفى عام 933هـ (1526م)، والمدفون في سلماباد. وممن أجازهم الكركي أيضاً ودرسوا على يديه الفقيه الشيخ حسن بن علي بن أبي سردال البحراني.
ثانياً: السيد ماجد بن السيد هاشم الصادقي البحراني (المتوفى 1028هـ 1618م): وُلد في البحرين العام 976 هـ (1568م)، في جدحفص. سافر إلى الحجاز والعراق واستقر بعد ذلك في شيراز. يعد أول من نشر الحديث في شيراز كما مارس إمامة الصلاة والخطابة والتدريس والإفتاء فيها. حصل على إجازته من الشيخ البهائي، شيخ الإسلام في أصفهان. توفي في شيراز ودفن بجوار ابن الإمام الكاظم (ع) المعروف باسم (شاه چراغ).
ثالثاً: الشيخ صالح بن عبد الكريم الكرزكاني البحراني (توفي 1098هـ 1686م): كان شيخ الإسلام في شيراز، وقد تحدث عنه الشيخ يوسف العصفور (البحراني) في كتابه «لؤلؤة البحرين»، ومما قال عنه: «المتوطن في بلاد شيراز وبها توفي وقبره معروف هناك بجوار السيد علاء الدين حسين. وكان هذا الشيخ فاضلاً ورعاً فقيهاً شديداً في ذات الله، انتهت إليه رياسة البلاد المذكورة وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها أحسن قيام، وانقادت إليه حكامها فضلاً عن رعيتها لورعه وتقواه، ونشر العلوم والتدريس فيها ولا يكاد يوجد كتابٌ في جميع الفنون في شيراز إلا وعليه تبليغه بالمقابلة عليه. تولى القضاء بأمر الشاه سليمان، ولما أتته خلعة القضاء من السلطان المزبور ورقم القضاء امتنع من لبس الخلعة المذكورة، وبعد الالتماس والتخويف من سطوة السلطان وغضبه لبسها كما يلبس العباءة على ظهره».
رابعاً: الشيخ سليمان ابن الشيخ عبدالله البحراني (1121هـ 1709م): أصله من جزيرة سترة ولكنه وُلد وسكن في الماحوز، ثم انتقل إلى قرية البلاد القديم وبها توفي ودفن في الماحوز. عاصر الدولة الصفوية وساهم في مجال التأليف، حيث ألف كتاباً عن الإمامة وأهداه للشاه حسين الصفوي، كما مارس الترجمة من الفارسية إلى العربية، حيث قام بترجمة بعض الرسائل العلمية. عاصر الشاه حسين الصفوي.
خامساً: الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي البحراني (المتوفى 1135هـ 1722م): كان فقيهاً ومن كبار علماء الأخبارية. وُلد في سماهيج ودرس في الماحوز ثم سكن في أبو صيبع. بعد هجوم العمانيين على البحرين مطلع القرن الثامن عشر الميلادي هاجر إلى إيران واستقر في بهبهان، وقد تولى الأمور الحسبية فيها. توفي في بهبهان.
سادساً: السيد ماجد ابن السيد محمد البحراني: تولى القضاء في شيراز ثم تولى نيابة الصدارة (منصب الصدر من مناصب المؤسسة الدينية) بالإضافة إلى القضاء في أصفهان. له بعض المصنّفات باللغة الفارسية، مثل كتابه في شرح دعاء «يا من أظهر الجميل»، كما عمل في مجال الترجمة الفارسية حيث ترجم إلى الفارسية عهد الإمام علي (ع) لمالك الأشتر حين ولاه مصر. يبدو أنه كان معاصراً لعهد الشاه سليمان الصفوي.
سابعاً: الشيخ يوسف العصفور البحراني (المتوفى 1186هـ 1772م): وُلد في البحرين العام 1107هـ (1695م)، وينتسب لقرية الدراز. نتيجة للأحداث المضطربة التي عاشتها البحرين في عهده سافر إلى إيران وسكن منطقة كرمان في البداية، ثم انتقل إلى شيراز، وقد أكرمه حاكمها في ذلك الوقت. يقول الشيخ يوسف: «بقيت مدة في ظل دولته مشغولاً بالتدريس في مدرسته وإقامة الجمعة والجماعة في تلك البلاد، وصنّفت في تلك المدة جملة من الرسائل وشطراً من أجوبة المسائل».
هذه الأسماء عينةٌ بسيطةٌ من العلماء البحرينيين الذين ساهموا في خدمة المؤسسة الدينية في عهد الدولة الصفوية خارج البحرين. في المقابل، كان هناك بعض علماء البحرين ممن تولى بعض المسئوليات الدينية داخل البحرين نفسها في فترة الدولة الصفوية كالسيد هاشم التوبلاني وغيره. إطلالة على هؤلاء العلماء وموقفهم من الحكم السياسي وتأثير الدولة الصفوية على الجانب العلمي والثقافي.
إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"العدد 4299 - السبت 14 يونيو 2014م الموافق 16 شعبان 1435هـ
هل كانت البحرين قويه؟
اي كانت في تلك الفتره من عهدها الذهبي عندما كانت متبادله الخبرات
التميز العلمي
تبدو البحرين في تلك الفترة مميزة علميا وهذا ما سيتضح في المقالات القادمة ان شاء الله ،،
الشيخ الكركي
سوال هل الشيخ الكركي قبره في عالي ّّّّ
عن وفاة الكركي
توفي الشيخ الكركي في النجف الأشرف.
التأريخ المغيب
يعني التشيع انتقل من البحرين إلى إيران
نعم نعم
نعم نعم
احسنت
وفقك الله على هذا التبيان