العدد 4294 - الإثنين 09 يونيو 2014م الموافق 11 شعبان 1435هـ

العرب والقابلية للاستعباد!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

الحديث عن هذا الموضوع لا يكفيه مقال واحد ولا حتى مجموعة مقالات، والخلاف حوله يطول؛ فمن قائل إن العرب بعد دخولهم الاسلام أصبحوا عصيين على الاستعباد وهناك شواهد كثيرة على هذا القول؛ وهناك من يقول إن العرب جُبلوا على العبودية في جاهليتهم وبعد إسلامهم، وهناك أيضاً من يورد شواهد على هذا القول. ومناقشة كل تلك الأقوال أمر يطول ولا يتسع له هذا المقال، لكن واقع العرب قديمه وحديثه، يؤكد أن فيهم من يستلذ العبودية، وإن كان تاريخهم الحديث يدلّل على أن كثيراً من قادتهم هم من ساهم بشكل فعال في فرض العبودية عليهم خصوصاً للغرب تارةً، وللأميركان تارةً أخرى، وللروس تارةً ثالثة .

ساد العرب بعد إسلامهم على معظم أرجاء العالم، وانتشرت ثقافتهم في معظم أصقاع المعمورة، وتقبلتها معظم شعوب العالم آنذاك لأنها كانت تمثل قمة الحضارة البشرية. كما أقبل الغربيون على تعلم لغة العرب وثقافتهم، ودرسوا علومهم وطوّروا بها بلادهم وفي شتى الفنون والعلوم.

ودارت الأيام وانشغل كبار القوم وقادة البلاد باللهو والفجور، فاستطاع عدوهم النيل منهم، لكنه لم يتمكن منهم إلا بمساعدة بعض ضعاف النفوس من المسلمين، وهنا بدأت ظاهرة العبودية للمستعمر تبرز في المجتمع الإسلامي شيئاً فشيئاً، وزادت هذه الظاهرة بروزاً مع توسع الاحتلال في العصر الحديث للبلاد العربية. ثم رأيناها تتوسع أكثر بعد خروج المستعمر حيث حمل راية العبودية بعض الحكام والمثقفين والتجار بحيث أصبح بعض المستعمرين يحكمون عن بعد، ثم برزت أميركا بعد ذلك وحملت لواء الاستعباد بجدارة، ووجدت ترحيباً كبيراً ومن قطاعات متعددة من الشعوب ومن بعض حكامهم أيضاً، ولا تزال تمارس هذا الدور، ومايزال محبو الاستعباد يصفقون لها!

دولة قطر أقامت عدة منتديات تحت عنوان «أميركا والعالم الاسلامي»، وكان آخرها الذي عقد ما بين 9 - 11 من هذا الشهر، وتهدف هذه المؤتمرات بحسب القائمين عليها إلى «دعم الحوار السنوي وتعزيز فرص التعاون بين العالم الاسلامي والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وإبراز الوجه المشرق للإسلام والمسلمين، وتحسين الصورة المشوهة في الغرب، وتأسيس علاقة إيجابية بين العالم الإسلامي وبين الحكومات والشعوب». ويأتي السؤال هنا: هل يجهل قادة أميركا وصانعو القرار فيها الوضع الحقيقي للإسلام والمسلمين؟ أم أنهم يعرفونه جيداً ولذلك يقفون في وجه أي تقدم حقيقي للمسلمين كما يقفون في الوقت نفسه ضد الإسلام الوسطي كما جاء به الاسلام؟ وهل حروبهم الظاهرة أحياناً والخفية أحياناً أخرى على المسلمين، سببها جهلهم بالإسلام أم رغبتهم في عدم بروزه مرة أخرى خوفاً من عودة الامبراطورية الاسلامية كما يقولون؟

إن حرب الأميركان على العراق لم يكن من أجل سلاحه النووي، فهم كانوا يعرفون أن هذا السلاح غير موجود أصلاً، ولو أنه كان موجوداً لسلّمه صدام لهم دون حرب كما فعل شبيهه بشّار الأسد، لكنهم شنوا تلك الحرب كيداً للإسلام وأهله، ولا مجال للحديث المفصل عن هذا الموضوع. ومما يؤكد ذلك أنهم أنشأوا سفارتهم في العراق فكانت أكبر سفاراتهم في العالم! إنها ليست سفارة بل مدينة صغيرة كلفت أكثر من مليار دولار وينفقون عليها سنوياً مثل هذا المبلغ، ومن يفعل ذلك فلن يغادر العراق أبداً مهما قيل غير ذلك! وفي احتلالهم للعراق برزت العبودية العربية في أسوأ صورها من داخل العراق ومن خارجه أيضاً، وكما هو معروف فإن روائح العبودية وعفنها لايزال يزكم الأنوف هناك!

مجموعة ليست قليلة من مدّعي الثقافة في عالمنا العربي يمثلون تلك العبودية بامتياز، فهم لم يكتفوا بعبوديتهم بل يقاتلون من أجل نشرها في مجتمعاتهم.

الحوار مع أميركا ومع الغرب والشرق أمر في غاية الأهمية، ولكن هذا الحوار ينبغي أن يكون مع الشعوب وباستمرار أيضاً، لأن تلك الشعوب لا تعرف كثيراً عن الإسلام، بل أن قادتها وإعلامها يقدمون لها الإسلام في صورة مشوهة كاذبة، وقد رأينا نماذج كثيرة من هذا النوع وفي أكثر من بلد غربي، وللحقيقة فإن أميركا من أقلها تشويهاً للإسلام في أجهزة إعلامها، لكنها الأكثر حرصاً على كبت أي تطلع للمسلمين للاستقلال عن عبوديتها وطاعتها وتنفيذ أجندتها.

الشعب الأميركي من الشعوب الطيبة، وهو شعبٌ قابلٌ للحوار والتفاهم بل والتعاطف مع القضايا الاسلامية في كثير من الأحوال، خصوصاً إذا عرف الحقيقة بدون غبش أو زيف، ولهذا فإن توجيه الاهتمام له هو الذي سيؤتي بثمار جيدة، وحبذا لو يدرك القائمون على الحوار الذي تشرف عليه قطر أو الحوارات الأخرى التي تهتم بها دول أخرى خصوصاً المملكة العربية السعودية، هذه الناحية ليتم التركيز عليها بدلاً من محاورة المسئولين الحكوميين ومن في حكمهم. وليت الحوارات تتم في أجواء صحية بعيدة عن المجاملات التي تضر بأهداف أي حوار جاد، كي تتحقق الفوائد المتوخاة من تلك الحوارات.

وما دمنا نتحاور مع أميركا فليت المتحاورين يستطيعون إقناعها أن لا تتهم عمل المسلمين الخيري بالإرهاب، وأيضاً تبتعد عن اتهام دعاتهم وجمعياتهم بالإرهاب، كما وتترك المسلمين يبنون بلادهم كما يشاءون فهم أعرف بأنفسهم منها.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4294 - الإثنين 09 يونيو 2014م الموافق 11 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:28 ص

      مقال عجيب يخفي الحقائق

      من لم تتكلم عنهم هم من شوه الاسلام،ومن استعبد الشعب هو من تخفى خلف عباءة الاسلام....هؤلاء طبا لم ولن تنتقدهم.....اما المقارنة بما يحصل في العراق بمن لم تتطرق لهم ،واللذين حولوا العراق مرتعا للقتل والدمار فهو أمر يمكنك ان تتجاهله لأنه لا يصب فيما تصبو اليه من قلب الحقائق،اما سوريا فهي حامض لمن لا يعجبه....ستبقى العبودية لمن يكتب بغير الحق.

    • زائر 8 زائر 7 | 2:21 م

      احسنت

      بوركت

    • زائر 6 | 4:14 ص

      الخلل معروف والدولة المصدرة للارهاب معروفة

      من نشر الفكر المتطرف الاقصائي بمساعدة امريكيا لمحاربة الروس معروفون هم من غدى طالبان وصنع المقاتلين القوقاز وبوكو حرام وكل التشدد مرجعيته واحدة المطلوب من الدولة الحاضنة له المتخلفة ديمقراطيا رافعة رايته أن تهتم بهم وتقلم أظافرهم لأن امريكا لن تنسى مافعله مواطنيهم في غزوة منهاتن والله من وراء القصد

    • زائر 4 | 12:35 ص

      عبيد

      عندنا عبيد واجد ومطبلين بس عطهم جم ربيه وشوف ينقلبون على امهم وابوهم..عبيد مايتغيرون

    • زائر 3 | 11:49 م

      مستعبد !!

      الجماعات الأسلاميه المتطرفه كالقاعده والنصره وغيرها الكثير هي من أعطت الفكره السيئه للأسلام والمسلمين فأسلامهم قائم علي التكفير والقتل والنحر وتفجير المدنيين !! فهل تتوقعون منهم بناء دوله ذات حريه أنسانيه !؟؟؟

    • زائر 2 | 11:36 م

      تصحيح

      من السهل جدا السيطرة علي اللاوعي البشري. خاصة في ظروف اليوم. حيث الفرد مشغول بعمله و يستمر امام اجهزة الاعلام عند ساعات الاستراحة. لذلك إلصاق صفة العبودية للعرب و المسلمين غير صحيح. الفرد الغربي اكثر عبودية من الأفريقي الاسود المسمي بالغلط بالعبد. الحكام و منذ تاسيس كيان الدولة تعلموا كيفية السيطرة علي العقول و استعباد البشر. كل العلوم ام تغير هذا الواقع.

اقرأ ايضاً