بدأ مفهوم الهوية لدى أرسطو باعتباره ابتكاراً منطقيّاً. يمكن معاينة ذلك في المنطق الشكلي (يحتوي المنطق الشكلي على القواعد التي تتعلق بصورة الأحكام والاستدلالات وترمي الى اتفاق الفكر مع نفسه). بعد عشرات القرون، صار لازمة وآية للانتماء.
في التلاعب بالهويات اليوم. في شرائها وبيعها، نحن أمام واقع يشبه الاغتصاب. لن نفاجأ إذا جاء تحت عناوين، مثل: العولمة، نقاء العرق، نقاء الدين، نقاء الطائفة، نقاء الجماعة المؤتلفة ضمن واقع وظروف تروّج إلى كل أولئك. كل تلك التقسيمات مستهدفة من خلالها، وتسعى إلى محوها. نحن إزاء هويات تنشأ وتستجد ويتم تثبيتها في بيئات مضطربة. الهويات أول حرصها على عدم انشدادها للاضطراب. وتعميق الهويات لا يتحقق إلا بتجنّب ما يسهم في اضطراب بيئات أصحابها والمنتمين إليها.
هل يبدو طرحاً عصيّاً على الإمساك بفحواه ومؤدّاه؟ حسناً، لنرجع إلى الماضي القريب. يوم أقلعت سفن نابليون بونابرت في (19 مايو/ أيار 1789) من ميناء سولون بفرنسا باتجاه مصر رفقة قوات وجيش من العلماء وأكوام من الآلات وقتها، كانت عينه على هوية مصر والمصريين. خطابه الذي بدأه بالبسملة وضمّنه أنه لا يقل إيماناً بالله منهم، لم يؤتِ ثماره بعد أن عاثت عساكره فساداً باقتحام الجامع الأزهر وممارسة النهب والتخريب.
في (23 أكتوبر/ تشرين الأول 1836)، عرضت المسلة المصرية التي تم اقتلاعها من الأقصر في مصر في عهد نابليون بونابرت في ساحة الكونكورد في باريس، وكانت تزن عشرات الأطنان. وقتها، اعترض شاعر فرنسا بيتروس بوريل، قائلاً: «ألا يمكنكم ترك كل منطقة وكل مناخ محتفظاً بمفاخره وبزخرفته؟ ليس لأي شيء قيمة إلا حينما يكون في موضعه الخاص ووسط أرضه ومسقط رأسه، فى ارتباط متبادل وتآلف حميم بين الصروح والبلاد الى أقامتها»؛ فيما قال الشاعر ديبرو: «أتذكر أن فوق الهرم تجرأ كل منا على حفر اسمه، على رغم الرياح، وعلى رغم الأرض والبحر، رأينا علمنا يرفرف فوق مهد العالم». مهد العالم «هوية» إقرار وإن بدا مجازيّاً.
نابليون نفسه حين نهب كنوز ومتاحف روما، قال بما معناه: لا توجد روما. تم سلب الذاكرة. جزء من الهوية هي!
الهويات لا تُهدّد إلا حين يتم القفز على الواقع. تدميره... تشويهه... تزويره... محاولة التلاعب به. لا يبرز سؤال الهوية بذلك القلق والاضطراب والخوف في المجتمعات المستقرة والمتماسكة، على الأقل تحت مظلة القانون الذي يدير شئون الحياة بروح من الاستقلال. تراه يبرز في البيئات النقيضة من ذلك.
اليوم يحدث مثل ذلك التلاعب، باضطراب مصطنع. خوف وقلق يشيع حالاً من التخبّط في كل شأن من شئون الحياة. في صور من العزلة تتبدّى حين تهيمن القوة، ويغيب القانون. يتم التلاعب بالهوية استيراداً وشحناً واستجلاباً، وخصوصاً حين تطغى مفاهيم الأقلية والأكثرية. لا يحدث ذلك في مجتمعات لا يعترف القانون في إجراءاته بأي منهما ساعة الفصْل. قبالة واجبات لا تسري على طرف دون آخر!
وثمة من يعمد إلى التاريخ في محاولة لاختلاقه ونفخ الروح فيه، هكذا بذلك اليسر والسهولة اللذين يبدوان عليها. كل ذلك بمثابة مدخل للتلاعب بالهويات وإرجاعها إلى حيث يُراد لها أن تصير بعيداً عن منْبتها وحقيقتها وجذورها! هل تنجح مثل تلك المحاولات؟ قد تنجح في التذويب ومحاولة الطمس لزمن؛ لكنها تظل هناك في الشواهد التي من العسير طمسها ومواراتها وإزاحتها عن العيان بشكل كلي ومطلق.
ما الهوية بعد كل ذلك؟ أن تكون بالفعل والحيوية والقدرة على الجرأة في الحياة، ولا بأس أن ترتجف بعض الوقت في سبيل أن تجد تلك الهوية مستقرها بالإنجاز على الأرض طمأنينة وقدرة على التماهي مع الجنس البشري والهويات التي تحيط بك!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ
تاريخ البحارنه
تاريخ البحارنه معروف من قبيله عبد القيس ويجب الاهتمام بهذا النسب لانه .............. صار يدعي نفسه الاصلي ويسال المواطن الاصلي يقوله انت شصلك ؟ وللاسف عندنا ناس كثار يجهلون نسبهم والقبيله البحرينيه المعروفه ويجهلون بانه انتماء البحارنه الى عبد القيس يجب القراءه عنها وزياده التوعيه عنها لانه في ناس تشتغل في اقصاء الهويه
المخمتار الثقفي
احسنت على هذا اليراع الفذ النظيف بكل ما تحمله النظافة من معنى...
أتذكر ان احدهم قال بأن شواهد القبور في مقبرة ابوعنبرة ـ التي تحكي تأريخا مجيدا ضاربا في البعد ليعبر عن اصالة شعب هذا البلد ـ تم تهريبها من احدا البلدان.. هو رأي بلا رأي (عقل) يعبر عن سخافة وضحالة قائله... الضحالة تلك ما لبثت ان طعنت وشردت وقتلت وأيتمت وأضف على ذلك من مثل هذه الاصلاحات ولم تشبع بعد من ذلك القتل او الفصل أو الطعن في اعراض هي اشرف منه بآلاف المرات.