أطلقت المقاومة العراقية في الاشهر الماضية صواريخ ارض جو مرتين أو ثلاث مرات على المروحيات والطائرات الأميركية غير ان هذه الطائرات والمروحيات المزودة بمعدات مضادة تمنع تعرضها لأسلحة معادية مكنتها من تجنب الصواريخ.
غير ان التطور الذي حدث في الاسبوع الاخير من الشهر الماضي، عندما استطاعت المقاومة اصابة مروحية عسكرية من طراز «بلاك هوك» بقذيفة آر بي جي أثناء هبوطها غرب مدينة تكريت، واصابة خمسة الجنود الذين كانوا على متنها، شكل حافزا على تصعيد استهدافها للمروحيات.
وعلى رغم ان القوات الأميركية تقصت امر تحطم المروحية، فانها اعتبرت تحطم هذا النوع من المروحيات ليس دليلا على تصاعد خطورة المقاومة، ولاسيما ان هذا النوع من المروحيات يمكن اسقاطه بواسطة الرشاشات الثقيلة والقذائف . ومثل تلك الاسلحة سبق ان تسببت في سقوط مروحيتي بلاك هوك في الصومال في العام 1993. لكن الفاجعة الحقيقية التي شكلت بحق صدمة للدوائر العسكرية هو سقوط مروحية من طراز «تشينوك سي اتش 47» ومقتل 15 من العسكريين واصابة 20 اخرين كانوا على متنها بواسطة صاروخ «ستريلا». اضافة إلى اسقاط مروحية من نوع «بلاك هوك» قرب تكريت أمس الجمعة ومقتل 6 من طاقمها زاد من نوعية العمليات الخاصة من تحليق الطيران العسكري الاميركي.
وعلى رغم انه حتى هذه اللحظة لا يعرف الارتفاع الذي كانت تحلق فيه المروحية أو سرعتها عندما أصيبت، فإن الاشكال الذي طرحه تداعي هذا الحادث لا ينبع من انه يعزز القناعة بتنامي كفاءة المقاومة، وانما ايضا من الخطورة التي تواجهها القوات الأميركية بوجود اكثر من 500 طائرة سمتيه، تستخدم للتنقل بشكل متواصل على مدار الساعة وفي مختلف مناطق العراق. فإذا كانت صواريخ «استريلا» اسقطت مروحية مزودة بأجهزة حماية من الصواريخ الحرارية ، فكيف سيكون الحال عليه بالنسبة إلى الأنواع الاخرى من المروحيات التي لا تتوافر فيها مثل هذه التقنيات .
وتبدو فرضية اسقاط مروحية اخرى مسألة قابلة للتكرار برأي ضابط برتبة عميد في القوة الجوية العراقية، الذي يعتبر «ان كل ما اثير من احتمالات حماية هذه التنقلات باستخدام أقراص حرارية تطلق لتمويه الهدف على الصاروخ المنطلق، او طيران أنواع أخرى من السمتيات لحماية الشينوك، مجرد وهم عسكري، غير قابل للتطبيق». ويضيف الضابط العراقي السابق الذي طلب عدم ذكر اسمه «فالأقراص الحرارية التي يجرى الحديث عن استخدامها لحماية مسار تنقلات هذه المروحيات يمكن ان تسقط على مناطق مأهولة بالسكان وتحدث أضرارا كبيرة ، فضلا عن عدم جدوى طيران طائرات حماية مع «الشينوك» من أنواع أخرى ، لان هذه الطائرة تمتلك إمكانات حماية لا تقدمها طائرات «الكوبرا» أو «البلاك هوك» او «الاباتشي»، فكل واحدة من هذه الأنواع لها واجبات قتالية محددة ، لا يندرج ضمنها واجب حماية طائرات سمتيه أخرى».
ويبدو ان المسئولين العسكريين الاميركيين باتوا يركزون على محاولة تقليص امكانات حصول المقاومة على هذه الصواريخ لتبديد المخاطر المتزايدة التي أضحت متفاقمة مع بروز انضمام كفاءات مدربة الى المقاومة العراقية. فإسقاط «الشينوك» يعني ان عملية الرصد لحركة الطائرات والمروحيات تجري بشكل محترف، فضلا عن اطلاق صاروخين على مروحيتين لاصابة واحدة منها جرت من قبل مجموعة على درجة عالية من الكفاءة .
ولكن المسئولين العسكريين الاميركيين يعترفون بأن تقليص امداد المقاومة بهذه الصواريخ لا يمكن التعويل عليه لأنها متوافرة لدى المقاومة أصلا . وبحسب القادة العسكريين فإن حوالي مليون طن من الأسلحة والذخيرة مازالت موزعة في آلاف المواقع في مختلف أنحاء العراق، ويعترفون بأن حوالي مئة موقع فقط من المواقع الحساسة تم تأمينها وتخضع للحراسة على مدار الساعة، ويؤكد هؤلاء القادة «أن قوات صدام حسين خزنت على الأقل5000 من الصواريخ التي تطلق من الكتف، وان أقل من ثلث هذه الكمية تمت مصادرته».
ويوضح الضابط العراقي ان الصاروخ الذي اسقط «الشينوك» هو من النوع المحمول على الكتف . ويقول انه من النوع المعروف باسم ( ايغلا)، وكان هذا الطراز متوافرا بكثرة في وحدات الحرس الجمهوري الخاص وأفواج الحماية للرئيس السابق.
ويستدرك العميد في القوة الجوية العراقية السابقة ، فيقول: «انه لا يستطيع ان يحدد على نحو موثوق عدد صواريخ ايغلا التي بحوزة المقاومة»، ويؤكد «ان العراق امتلك قبل الحرب الأخيرة حوالي 4500 - 5000 صاروخ من أنواع متعددة من الصواريخ التي تحمل على الكتف، وهي من نوع سيتريلا -2، وسيتريلا ام-2، وسيتريلا -3، وايغلا».
ويذكر ان قوات الاحتلال على 1300 من هذه الصواريخ، واحتمال تدمير 50 في المئة من الكمية المتبقية، وهي نسبة كبيرة من وجهة نظر الضابط فان ما تبقى منها يزيد على 1800 صاروخ بيد المعنيين بموضوع المقاومة.
ويرجح الضابط العراقي ان أعداد صواريخ ايغلا على «ما يبدو محدودة قياسا بالانواع الاخرى». ويستند في ترجيحه الى معلومات تفيد بمسعى بعض فصائل لشراء أعداد أخرى من هذه الصواريخ ، من إحدى دول أوروبا الشرقية. وسعت هذه الفصائل للحصول على تبرعات من كبار التجار العراقيين بمبلغ 500 دولار للصاروخ الواحد، ويمكن تهريب هذه الصواريخ عبر الحدود وخصوصا ان وزن الواحد منها لا يزيد على 14 كيلوغراما تقريبا وطوله اقل من 6 اقدام
العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ