مرت ذكرى النكبة دون ضجيج، ومازال السؤال الذي طالما أردده باستغراب يطاردني وهو: هل يمتلك الجيل الحالي نفس الشعور والحس العالي تجاه القضية الفلسطينية الذي يدفعنا ويأخذنا عالياً في تبني القضية والتمسك بها كقضية أولى، فما أن يطلب منا معلم التربية الفنية رسماً حراً حتى تأخذنا الريشة إلى حيث الساحة الفلسطينية بتلاوينها التي نعرفها من الشهادة والدم والعلم الفلسطيني؛ وما أن يطلق لنا معلم اللغة العربية العنان للتعبير عن قضية حتى نكتب إنشاءً مطولاً مشحوناً بالهم والاندفاع معنوناً بعنوان «القدس لنا»، وتأخذنا القصائد العربية يمنى ويسرى. ترى هل الجيل الحديث من شبابنا مازال يمتلك الصورة في ذهنه عالقة محفورة بأن العجوز الفلسطيني مازال ماسكاً في يده مفتاح بيته بعد مرور 66 عاماً على النكبة؟
في الخامس عشر من مايو/ أيار، يتذكّر فيها العرب المسلمون ما حلّ بالفلسطيني من معاناة مريرة من تهجير وقتل على الهوية وسلب الأرض والتهجير القسري، النكبة التي تعني الكارثة معنيين بها جميعاً، فهي من أعظم المصائب في تاريخنا العربي الإسلامي، حيث دُمّرت أكثر من 531 قرية وبلدة، وهاجرت أكثر من 1737 ألف عائلة من منازلهم. في كل عام وفي مثل هذا التاريخ الذي لا ينساه الفلسطينيون طوال تاريخ حياتهم اعتادوا على إحياء النكبة في كل بقاع العالم، هذه الاحتفالية يركز عليها الناشطون في القضية الفلسطينية كإجراء طبيعي من أجل بقاء القضية حيّةً في نفوس الأجيال التي لم تعش المأساة.
هذا العام يراها عضو مكتب الحركة الإسلامية توفيق محمد إنها «من الطبيعي أن يزداد التذكير بالمناسبة في ذكرى حدوثها بشكل أكبر، لتكون حيةً في وجدان الأجيال التي لم تعاصر النكبة وجاءت بعدها بعقود».
في هذه السنة شارك نحو عشرة آلاف من عرب «إسرائيل» في مسيرة أطلق عليها مسيرة العودة، وفي هذا الصدد أشاد عضو الكنيست جمال زحالق «أن هذه المسيرة تعتبر من أضخم المسيرات، بحضور عشرة آلاف مشارك معظمهم من الشباب، ما يدل على أن الجيل الشاب لا يقل تمسكاً بالحق، لا بل هو أكثر إصراراً على تصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني».
«حتما سنعود» حملةٌ دشّنها الجيل الفلسطيني عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، واتخذت شعارها صورةً لامرأة عجوز تمسك بيدٍ عصاها، وباليد الأخرى مفتاح بيتها القديم. الصورة بقدر ما تبث الحزن والألم وعظم المأساة، بقدر ما تبث اليأس من العودة. المؤمل على الشباب الفلسطيني أن يسد الفراغ ويقود العملية النضالية برؤية جدية مخلصة، فهل سيخرج من هذا الهدير الهائج جيلٌ شبابي يعود على أيديهم اللاجئون الفلسطينيون من الشتات قريباً؟
مما لاشك فيه أن القضية الفلسطينية قضية إنسانية عادلة ومحقة، ولكن هل الزمن أثر في صيرورة أحقيتها؟ وإلى أي مدى هي قادرة على التوهج والصمود في نفوس أجيالنا العربية؟ لم لا يعدون ممن يحملون همها ولا يشاركون بفعاليةٍ في قضيتها، فمع الربيع العربي وأحداثه المتعاقبة والمتغيّرة، وما رافقها من أزمات انشغل الكثير من شبابنا العربي بقضاياه المحلية، والتصدّي للحراك السياسي، والهمّ المعيشي، إضافةً إلى ذلك كله لم تبرز قيادات فلسطينية داخل وخارج فلسطين بالقدر الذي تستطيع معه إبراز القضية الفلسطينية وإحيائها من جديد بروح مغايرة عن النمطية السابقة وفيه من تحمل المسئولية وروح المبادرة متلبسة بالثوب الشبابي الذي بالإمكان أن يعود بالقضية إلى حيث كانت وبشكل مؤثر وأقوى.
الشباب العربي لايزال بخير ولازالت القضية الفلسطينية تحتل مكانها في قلبه وتفكيره وهمه، لكن غبار أزماته السياسية هي ما غطّى على هذه الروح التي لابد أن تصحو يوماً وتنتفض من جديد.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4273 - الإثنين 19 مايو 2014م الموافق 20 رجب 1435هـ
قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين. نشكر الاخت رملة علي كتابة هذا المقال حتي نحن من جيل الستينات نسينا تاريخ النكبة واذكر انه في تلك الايام كانت تنشط وسائل الاعلام وكذلك المدارس في إحياء ذكري النكبة بالاناشيد والانشطة الصفية المختلفة اما الان فحتي الجيل القديم نسي كل ما يتعلق بفلسطين ان لم يكن القضية الفلسطينية برمتها. الشي المؤسف انه لم يكن هناك تعليق واحد علي هذا الموضوع من القراء مما يؤكد كلام الكاتبة هل يمتلك الجيل الحالي نفس الشعور والحس العالي تجاه القضية الفلسطينية ؟ وشكرا للكاتبة رملة