لفهم العلاقة التي جمعت البحرين بالدولة الصفوية من المهم التعرف على بعض ملامح هذه الدولة منذ قيامها كحركة صوفية العام 1301 م وحتى سقوطها العام 1736 م. فرغم أن الدولة الصفوية لم تقم إلا في العام 1501 م، إلا أن بداياتها، كحركة وطريقة صوفية، كانت قبل ذلك بقرنين على يد الشيخ صفي الدين الأردبيلي الذي أسس الحركة العام 1301. لم تكن الحركة الصفوية، في بداياتها، فارسية ولم تكن تدين بمذهب أهل البيت (ع). قامت الحركة بجهود الأتراك العلويين وبعض السنة الذين تأثروا بالحركة الصفوية الصوفية وأخلصوا لها وكانوا جنودها الأوائل وأصحاب النفوذ القوي حتى بعد قيام الدولة الصفوية.
استقطبت الحركة الصوفية الصفوية الفتية الأتراك العلويين، وبدت لهم كملاذ آمن بعد معاناتهم في ظل الدولة العثمانية حيث اضطروا للهجرة نحو أذربيجان وأردبيل. هناك، في تلك الفترة، كان الشيخ صفي الدين ينشر طريقته الصوفية التي تلتقي مع العلويين في حب الإمام علي (ع). لم تكن الحركة حينها تسعى لبناء الدولة. كانت مجرد دعوة أو طريقة صوفية تلتف حولها مجموعة ممن تأثروا بالشيخ صفي الدين. بعد وفاته العام 1334م أصبح قبره مزاراً وحل ابنه صدر الدين موسى مكانه في رئاسة الحركة. صار كل أب يورث رئاسة الحركة لابنه حتى وصلت الرئاسة للشيخ جنيد (المتوفى العام 1460م) لتبدأ الحركة الصوفية الصفوية مرحلة جديدة.
في عهد جنيد انتقلت الحركة لمرحلة حمل السلاح وخوض المعارك والسعي للرئاسة السياسية. لم تعد الحركة الصوفية الصفوية مجرد دعوة دينية وإنما تحولت إلى حركة دينية وسياسية. يمكن القول هنا أن الحركة الصوفية خدمت الشيخ جنيد في تنفيذ أهدافه السياسية في مجالين. تمثل المجال الأول في المكانة المقدسة التي تمنحها الحركة الصوفية لشيخ الطريقة ما يعني أن أوامر القائد بالنسبة لمن يؤمنون به لم تكن أوامر سياسية فحسب وإنما أوامر دينية أيضاً. أما المجال الآخر فيكمن في الاستفادة من التنظيم المحكم الذي كان يتميز به المنتسبون للطريقة الصوفية الصفوية. حيث كان أعضاء الطريقة منظمون وفق هيكلية يتربع على رأسها المرشد الكامل، الشيخ جنيد، الذي يعاونه ما كان يعرف بخليفة الخلفاء، ثم يتوزع مجموعة من القادة ممن يعرفون بالخلفاء في مختلف المناطق التي يتواجدون فيها. هذا التنظيم المتماسك كان السبيل لإيصال الإرشادات الدينية في بداية الأمر ولكنه صار مكمن قوة لتحقيق أهداف الشيخ جنيد السياسية. بعد وفاة جنيد في إحدى المعارك، تولى رئاسة الحركة ابنه حيدر، ثم علي بن حيدر، إلى أن وصلت رئاسة الحركة إلى إسماعيل الصفوي الذي أسس الدولة الصفوية.
في العام 1501 م استطاع إسماعيل الصفوي السيطرة على تبريز وإعلان الدولة الصفوية ليكون بذلك الشاه إسماعيل الصفوي. بالإضافة إلى إعلان الدولة، قام الشاه إسماعيل بإعلان التشيع الإثني عشري المذهب الرسمي للدولة. كما استمر في خوض المعارك حيث نجح في غضون ما يقرب من عشر سنوات في السيطرة على الكثير من الأراضي الممتدة من خراسان إلى العراق. غير أن آماله الكبيرة تحطمت بعد معركة تشالديران التي خاضعها مع العثمانيين حيث مني بهزيمة ثقيلة أجبرته على التراجع وأثرت في نفسيته كثيراً. هذه المعركة التي تعتبر بداية الصراع بين الصفويين والعثمانيين والذي استمر لسنوات عديدة. بعد وفاة الشاه إسماعيل العام 1524م تولى السلطة ابنه الشاه طهماسب الذي حكم منذ 1524م ولغاية 1576م وكان على علاقة مميزة مع الشيخ علي بن حسين بن علي بن محمد بن عبد العالي الكركي العاملي. بعد وفاة الشاه طهماسب دبت الخلافات بين الأمراء وعاشت الدولة الصفوية فترات عصيبة إلى أن جاء الشاه عباس الأول (1587-1629م) الذي تعتبر فترة حكمه من الفترات المزدهرة للدولة الصفوية. بعد وفاة الشاه عباس بدأت الدولة الصفوية في التراجع شيئاً فشئاً حتى سقطت نهائياً في العام 1736م.
كان لإعلان التشيع كمذهب رسمي في الدولة الصفوية منطلقاته وتداعياته. في البدء، يمكن اعتبار هذا الإعلان كنتيجة طبيعية للمعتقدات الصوفية والعلوية التي كانت الحركة الصوفية الصفوية تؤمن بها والتي تختلف عن معتقدات الدول الإسلامية القائمة آنذاك كالدولة العثمانية والمملوكية والأوزبكية. من جهة أخرى، كانت الدولة الفتية بحاجة للشرعية الدينية التي تسمح لها بالحكم وفي نفس الوقت لا تفرض عليها الانضواء تحت راية دولة إسلامية أخرى فكان إعلان التشيع مذهباً السبيل لتحقيق ذلك. يضاف إلى ذلك، أن الدولة الصفوية كانت تضم جنسيات أو أعراق مختلفة ولذلك مثل المذهب المشترك حاجة ضرورية لوحدة الدولة والمنتمين إليها. في المقابل، كان لإعلان التشيع وفرضه تداعياته السلبية. لقد تم إلزام غير الشيعة بمذهب لا يؤمنون به ما دفع بعضهم إما للهجرة أو لدفع ثمن تمسكهم بمذهبهم ومعاقبتهم على ذلك. كما أن إعلان التشيع ساهم في تصاعد الخطاب والصراع الطائفي بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية وقد نتج عن ذلك الكثير من المعارك وسفك الدماء بين الدولتين.
من الملاحظ في الدولة الصفوية أن فرضها للتشيع كمذهب رسمي صاحبه تسامح في استقبال جنسيات وأعراق متعددة. فرغم اعتبارها دولة فارسية في الوقت الراهن، إلا أنها قامت على أيدي الأتراك في بدايتها وقد شكلوا عمد الدولة حينها المتمثل في المؤسسة العسكرية كما تقلدوا المناصب الهامة في الدولة. وفي عهد الشاه طهماسب فتح الباب أمام العرب الذي وفدوا على الدولة الصفوية من العراق وجبل عامل والبحرين ليشكلوا عماد المؤسسة الدينية. أما الشاه عباس الأول ونظراً لعلاقته المضطربة مع المؤسسة العسكرية فقد أسس له جيشا من الأرمن والجورجيين والشركس. هذا التنوع العرقي يشير إلى أن الهوية العرقية الفارسية لم تكن طاغية بشدة وخصوصاً في بدايات تأسيس الدولة. كما يشير أيضاً، في المقابل، إلى أن الهوية المذهبية كانت هي الطاغية في الدولة الصفوية. ومن اللافت هنا، أن الجيش الصفوي المؤلف من الأتراك كان يخوض الحروب ضد الأتراك العثمانيين.
في هذه الفترة التي سادت فيها الهويات المذهبية، وفي فترة حكم الشاه عباس الأول، استولى الصفويون على البحرين ما بين 1601 م حتى 1700 م. (للحديث بقية)
إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"العدد 4271 - السبت 17 مايو 2014م الموافق 18 رجب 1435هـ
رد على زائر 6
الناس يتكلمون في وادي و انته في وادي ... ؟! شدخل حياة كريمه و راتب ههههه
سوري يعني بس لفت انتباهي
دس السم بالعسل !
و هل تناسيت سفك دماء سنه ايران لتحقيق الدوله الشيعيه ؟! الذي كان و لا زال و سيبقى ! و هل تناسيت اصل ايران اصلا ؟ التي كان اهلها سنه .
و من ثم المقالات التاريخيه لا تسرد سردا دون مراجع أو لم تدرس المقال التاريخي قبل أن تكتب في التاريخ ؟
وهل نسيت ياخي
وهل نسيت يا اخي حقوق الجميع في العيش الكريم مابين قوسين لا تاخد الامور بشراسه ففكر في حقوق ابناك فيالسكن الكريم في دولة تنعم بخيرات .... والي اليوم يسفك دم الشيعي والسني بطريقة غيريبه وانتم لا تعلمون هل لديك منزل هل لديك عمل هل لديك راتب جيد هل انت تعيش بكرم ام انك في منتصف الشهر تتدين من الغرباء . لو كان لكل شخص حقوقة لما طالب بشي .تفكر يا اخي
لا حول ولا قوة الا بالله
حتى التاريخ مفبرك الصفويون هم من قتلوا في المسلمون السنه ان ذاك وشردوهم الذي افهمه من خلال كلامك تريد ان تنسب البحرين الى الصفويين والفرس اصحاب العمائم حاليا
أحسنت ..
أحسنت وبارك الله فيك أستاذي العزيز .. معلومات تاريخية قيّمة نحن بأمس الحاجة لها لمعرفة تاريخنا وتاريخ المنطقة.