هي مرة أخرى قطعاً، ولن تكون الأخيرة، فعبارة «كل شيء تمام يافندم»، لن تنقلنا أبداً إلى الحقيقة، ولن تخدم المواطن في شيء، وما عادت أصلاً تلك البهرجة الطويلة العريضة في الصحف وفي وسائل الإعلام تؤثر في الشريحة الأكبر من المواطنين الذين أصبح لديهم «براحة» كبيرة للتنفيس عن أنفسهم في شبكات التواصل الاجتماعي.
إن الحديث عن الملفات المعيشية الثقيلة من غلاء الأسعار إلى تدني مستوى الرواتب إلى الإسكان إلى الخدمات الاجتماعية على اختلافها، يُعتبر لدى البعض من المواضيع الخطيرة جداً جداً، لاسيما خلال السنوات الثلاث الماضية والأزمة السياسية تعصف بالبلد. فأي انتقاد لأي مسار خاطيء يجعلك في خانة الخيانة والتواطؤ والتآمر، حتى أن البعض من شدة وضاعة تفكيره وضحالة إلمامه بالأوضاع وسوء فهمه للوطنية، يجزم على أن أي مواطن لا يجد ما يأمله من أي جهاز حكومي ثم يتذمر أو يشكو، فإن ذلك المواطن لا يستحق أن يعيش في البلد! «خف علينا يا حامي الديار».
سأعيد عليكم قصةً جميلةً طرحتها ذات مرة فأعجبت الكثير من الناس، ولكنها لم ولن تعجب بعض المسئولين الذي يرون في أنفسهم الملاك لوزاراتهم أو إداراتهم، يفعلون فيها ما يشاءون ويوظفون من ذويهم من يشاءون. يرقّون من يشاءون وينكلون بمن يشاءون. ولا أعتقد أصلاً أن مسئولين من هذا القبيل لديهم ذرة ضمير أو إحساس، وهم من الأصل لا يستحقون مناصبهم.
إليكم القصة: يحكى أن أحد السلاطين وهو مسافر في قافلته، سمع أحد خدمه يقول لصديقه: «كيف لهذا السلطان أن يعيّن له وزيراً طاعناً في السن لا يقوى على القتال، ولا يبدو أنه يفقه من أمور السياسة شيئاً وأنا خير منه». فسمع السلطان هذا الكلام وعاد إلى خيمته، ونادى على هذا الخادم فجاءه. قال له السلطان وهو يسمع صوت نباح في جهة بعيدة عن خيمته: «إذهب لترى ما هنالك».
ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «إني رأيت جراءً حديثة الولادة هي التي تنبح».
- سأله السلطان: كم عددها؟.
- قال الخادم : لا أعلم!.
- قال له السلطان: إذهب لتخبرني بعددها.
ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «عددها سبعة». قال له السلطان: «ما ألوانها؟»، قال الخادم: لا أعلم! قال له السلطان: «إذهب لتخبرني بألوانها».
ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «منها ما يغلب عليه الأسود، ومنها ما يغلب عليه الأبيض»، قال السلطان: «ما عدد التي يغلب عليها اللون الأسود؟» قال الخادم: «لا أعلم!»، قال له السلطان: «إذهب لتخبرني بأعداد السود منها».
ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان:»أربع منها سود»، قال له السلطان: «كم عدد البيض منها؟»، أجاب الخادم، بعد أن صمت برهة يفكر: «ثلاثة منها من البيض»، فنادى السلطان على وزيره وقال له: «اذهب لترى ما هنالك (يقصد جهة النباح)، فذهب الوزير وعاد إلى السلطان وقال: «إنها جراء حديثة الولادة عددها سبعة، أربعة منها يغلب عليها السواد والثلاثة الباقيات يغلب عليها البياض، ويبدو أن سبب نباحهم الجوع». فنظر السلطان إلى الخادم وقال: «هل عرفت لماذا اخترته وزيراً لي؟».
انتهت القصة التي لا أعرف حقيقة مصدرها ومدى صدقها ولكن المضمون رائع دون شك. تعالوا إلى المواطن البحريني الذي نجده في تصريحات المسئولين وكأنه «منتهى المنى»، فحينما يتوجه المواطن إلى مكاتب «بعض» الوزراء أو كبار المسئولين، فإنه يقف بين أمرين: فإما هو في ضيافة مضياف كريم يملأ جيوبه بالكلام والوعود وبالقليل من الصدق في الإنجاز، أو هو مقصوف مطرود تحل عليه اللعنات!
بالطبع، لا يجب عليه أن يتذمر أو يغضب أو يصدح بصوته في صحافة أمينة أو إذاعة صادقة، وإلا فالأوصاف جاهزة بقائمتها الطويلة العريضة، أدناها أنه ناكر للنعمة والجميل. أما المنافق والطبّال فهو في الغالب من أفضل المواطنين مكانةً، فالأهم أن (تدهنون سيره بكم دينار).
يا سادة يا مسئولين... هل هذه حالة؟
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 4263 - الجمعة 09 مايو 2014م الموافق 10 رجب 1435هـ
لا تتعجب فأنت في البحرين، بلد العجائب!
والله حاله والله طرطره!!
وماذا فعلت المعارضة من اجل هذه القضايا؟!
كلام جميل .......... ومعالجة هذه القضية عبر الشراكة الحقيقية في السلطة والحصول على المزيد من الصلاحيات في القرار والرقابة أيضاً فعل جميل ، ولكن ما ينقصه لدرجة تقبيحه هو الركون لهذا الفعل دون حراك موازٍ بما لمطالبة بحل أزمات كأزمة الإسكان ، اذكر ان اكبر مسيرة لهذا النوع من الاحتجاجات كان بسبب "قانون الاسرة"ولم ولن يكون يوما بسبب أي أزمة أخرى مع انها أكثر إلحاحا !!