قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم «ولقد أرسلنا إلى ثَمُودَ أخاهُم صالحاً أَنِ اعبدوا الله فإذا هم فريقانِ يختصِمُون. قال يا قومي لِمَ تستعجِلون بالسَّيِئةِ قبل الحسنةِ لولا تستغفرون الله لعلكم تُرحمون. قالوا أطَّيْرنا بِك وبِمن معكَ قال طائِركمْ عند اللهِ بل انتم قوم تُفتَنُون» (النمل، الآية 45 – 47).
وفي آية أخرى يقول سبحانه: «أماَّ ثمودُ فهديناهم فاستَحبُّوا العمَى على الهُدى فأخذتهم صاعقةُ العذابِ الهونِ بما كانوا يكسِبون» (فصلت، الآية 18).
فالآيات الكريمة السابقة تخبرنا عن جانب من قصة النبي صالح (ع) مع أخوته الذين أصبحوا معه فريقين: فريق صدَّقه وأطاعه وهم الموالون، وفريق كذَّبه وعصاه وهم المعارضون، ثم تنازعوا فيما بينهم.
ولم ينحصر هذا التنازع في موضوع الإيمان والكفر، أو الطاعة والعصيان، إنما تجاوز ذلك إلى حد الخصومة فباتوا فريقين متحاربين لدرجة أنه عندما تُصيب الفريق الموالي مصيبة يفرح بها الفريق الآخر، وعندما يُصيب الفريق المُعارض سوءٌ عزوا ذلك إلى إخوتهم في الفريق الآخر. وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة السابقة «قالوا اطّيرنا بك وبمن معك». بل تعدى الأمر إلى حد أن تآمَرَ المعارضون على قتل صالح وإخوته الموالين بقوله تعالى «قالوا تقاسَمُوا باللهِ لَنُبَيّتَنَهُ وأهلَهُ ثم لنَقولَنَّ لِوَلِيَّهِ ما شَهِدنا مَهْلِكَ أهلِهِ وإنا لصادِقُون» (النمل، الآية 49). فكان ذلك جانباً من حكاية إخوة صالح (ع).
هذه الحكاية لعلنا نضعها أنموذجاً للخصام بين الاخوة في الوطن هنا. بيد أننا فيما تقدم لا ننظر إلى مسألة الطاعة والعصيان، ولا إلى الموالاة أو المعارضة، فهذه أو تلك إنْ لم نحسبها مسألة فكر (صائباً كان أو خاطئاً) فهي على الأقل حرية شخصية. إنما ننظر إلى شقاق الأخوة في الوطن.. إلى انقسام وتمزق الأمة والشعب؛ إلى مساوئ ومخاطر هذا الانقسام والتمزق بعد أن تفحَّل واستمر؛ إلى استغلال هذا الانقسام والتَمَزّق من جانب قوى أو جماعات أو أفراد إما لمآرب دنيوية وإما على قاعدة «فَرِّقْ تَسُدْ».
غير أن هذه النظرة المجردة أو تلك لا تكفي، ولا الأمل وحده يكفي، ولا الصبر والاتكال يكفي، ولا العويل والسباب يكفي. ولكن دعونا نُصارح بعضنا البعض، ونَهمُس في الأذن، ونُشِير بالبنان، ونضع النقاط على الحروف لعل فيهم من يُفِيق وإنْ اكتفى بالسكوت، أو يَفِطن ويُحسِن السلوك.
حكايتنا هي أنَّ هنا شعباً انقسم إلى فريقين، وأن هذا الانقسام لم يقم على أساس اختلاف في الرأي لكان هذا خيراً، لأن الاختلاف في الرأي مطلوب وممدوح، إنما هذا الاختلاف للأسف حمل «خِصاماً» وانتهى إلى أبعد من حدوده، إلى حد أن أوغروا في الخصام.
وليت هذا «الوَغْرَ» انصَبَّ على السلوك والأخلاق وحسب، كالاتهام بالخيانة مثلاً، إنما امتد إلى الفضيلة والعقيدة والإيمان والقيم. ومثالٌ على ذلك، أن فريقاً تجاهر بوصف الفريق الآخر بالمجوس، والكفرة، وعبدة الشمس والقمر، لا من دليل سوى أنهم حسبوهم أصدقاء لإيران! بل أن فيهم من اعتبر الفريق المعارض «نغولاً» (جمع نَغِل) أي أبناء زنا، إلى غير ذلك من أوصاف القُبح والشِرك والكُفر والإلحاد.
وللأسف أن تلك الأوصاف لم تأتِ على لسان أطفالهم لقلنا للفريق الآخر لا تعْبأوا بهم، إنما جاءت على لسان أكابرهم. وهذا ما يعودنا من جديد إلى إخوة صالح، حيث يخبرنا سبحانه بقوله «وكان في المدينة تِسعةُ رَهْطٍ يُفسدون في الأرض ولا يُصلِحون» (سورة النمل، الآية 48). «والرهط» في النص السابق يعني أكابر قوم صالح (ع).
ومن غريب الصدفة أن هذا «الرهط» المُفسد بيننا عدده عدد الرهط الأول الذي ابتُلي به صالح (ع) وهم تسعة، إذا ما أضفنا إليهم، وكأن التاريخ أعاد نفسه فينا فأصبحنا نعيش مع أحفاد ذلك «الرهط» الأول.
وقد يتهمنا البعض بالخطأ في هذا التشخيص، فدفاعنا هو دعوتنا لمن أوغروا في الخصام من هذا «الرهط» أن يجيبوننا على ما يلي: هل البحرين كانت يوماً مجوسية؟ وهل قطنها «المجوس» منذ قيام الدولة الإسلامية؟ فإن قلتم (لا) فكيف إذاً نسبتم الفريق الآخر إلى المجوسية طالما أن نسلهم ليس فيه عِرْقٌ منها.
وإن زعمتم أن «مجوسيتهم» جاءت حديثاً لاحتسابكم إياهم كأصدقاء لإيران، فهل إيران اليوم مجوسية؟ فإن قلتم: كانت من قبل مجوسية (كما سمعنا من بعضكم، وهو قول افتراء) فهذا يوصلنا إلى استنتاج يجب أن تدينوا أنفسكم به، وهو أن كل من كان أصله إيرانياً أمثالكم هو مجوسي بالعِرقِ وليس أصدقاء إيران اليوم هم المجوس.
إننا لا نعجب من «وَغْر» هذا الرهط، لأن من ركب الهوى استحب العمى. ولا نعجب من صغارهم فهم بالطبع لا يفقهون. ولا نعجب من معمريهم فهم كأعجاز نخل خاوية لا لُب فيها. ولا نعجب من خدمهم وتابعيهم فهم كمثل الأجساد في الأجداث لا حياة لهم. ولا نعجب من سكوت السلطة الحاكمة عنهم فهي قد لا تضيرها الفتنة، أو لا يؤذيها محاضر المفسدين، أو ربما تكون المستفيد من الفرقة.
إنما نعجب من أعلامٍ كنا نعدهم واعظةً وعِظَة قد بَهُتتْ واستَرْختْ، ونخشى أن تكون قد فَضَّلت السكوت تقيةً أو نفاقاً. إنما يبقى توّسُلَنا لمن في قلبه تقوى، وفي بصيرته هُدى، ولمن يملك المروءة والجرأة (أياً يكن بين هذا الفريق أو ذاك) ألاَّ يكونوا كأخوة صالح عليه السلام، وألاَّ يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحهم.
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ
لو صحت او ناديت
ولكن لا حياة لمن تنادى هل هم ما يعرفون اصلهم او هم من جاءوا من السماء ولكن دائما الماعز ماتنظر الى ديله تنظر الى ديل غيرها وهاهم الأن مجتمعين لحرف البوصله بكلام بغيض لا اساس له لأنك طلبت حقوقك والإ اين التعاليم والأداب والاخلاق التى يتحلى بها المسلم والعربى كما يزعمون .
لا فض فوك
مقال بوزن الذهب ويجب ان يعاد مرات ومرات لقوته وفصاحته وجرأته وبساطتته الغير ممتنعة . شكرا للكاتب القدير .
عندك سالفة
الحين انت محام وهذا موضوعك، اترك عنك الحديث في الطائفية يا علي محسن، مرة عن وزارة التربية والتعليم ومرة وصفت نصف الشعب أكابر مجرمي قوم سيدنا صالح، وكفى. ملحوظة، قولك (أصبحنا نعيش مع أحفاد ذلك الرهط الأول من مجرمي قوم سيدنا صالح) مردود عليه بأنه الله أهلكهم فما بقى منهم أحد، ونصيحتي لك أقرأ القرآن بتدبر لعل الله....
هو ضرب مثلا لمن يعقل والامثال لا تعارض ولكن للعقال واصحاب اللبّ
الاستاذ محام كبير ويهمه كل ما يحصل لبني وطنه من تعدي على الحقوق وموقفه هذا موقفا مشرفا اشكره انا ومن معي عليه بل واهديه قبلة على جبهته واما عنكم انتم ممن يقف ضد حقوق الشعب فاتركونا نناضل من اجل حقوقنا واذهبوا الى حيث تجدون انفسكم
اما شرف النضال فاتركوه لغيركم
قبيلة بني عبد قيس عربية مؤمنة موحّدة من قبل الاسلام
قبل الاسلام كانت قبيلة بني عبد قيس هي من يسكن البحرين وكانت تدين بالمسيحية الموحّدة لذلك قبل اهل البحرين الاسلام برسالة فقط وأما من يعيب على الفرس بالمجوسية فهذان حديثان للنبي للتذكير فقط
حديث روي عن النبي معناه (لو كان العلم بالثريا لتناوله أناس من أبناء فارس ) وايضا روي ( وَقَالَ هَذَا وَأَصْحَابُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ.