حظي رؤساء تحرير الصحف المحلية بلقاء أريحي مع عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك في آخر يوم لزيارته للعاصمة الكازاخستانية (أستانا) في (14 أبريل/ نيسان 2014)، وتحدث جلالته عن قضايا الساحة البحرينية بانفتاح وتفاؤل على المستقبل.
وكان لابد من التطرق إلى عدد من القضايا التي تشغل بال المواطن البحريني، وكان الباب متاحاً لرؤساء التحرير لتناول أطراف الحديث، وسألت جلالته عن واقع الأمر بالنسبة إلى الحوار الوطني، الذي يمكن اعتباره مغلقاً من الناحية العملية بعد التفاؤل الذي ساد مطلع العام عندما أعاد سمو ولي العهد الروح إليه. غير أن جلالته أشار إلى أن الحوار تحرك وأن ولي العهد يتولى هذه المهمة، وأن الأمور تبشر بالخير، والمشاورات مستمرة، وأن هناك جهوداً لتقريب وجهات النظر، وأن الجميع يثق بولي العهد في هذا التواصل المستمر.
وفي هذا الجانب، ذكرت لجلالته أن هناك من يطمح إلى تكرار الإجماع الذي حدث في العام 2001 بسبب الريادة المباشرة لجلالة الملك، وكيف أن الآمال معقودة على أسلوبه لإحداث الإصلاحات والتطويرات المطلوبة، ولاسيما أن هناك من المواطنين من أصبحوا خارج العملية السياسية، وذلك بسبب ما يعتقدونه من أن التمييز يمارس عليهم، وهو ما أدى الى حدوث فجوات ملحوظة.
وتعليقاً على ذلك، أكد جلالته احترامه للشيخ عيسى قاسم، وأنه يدعوه دائماً، كما كان يدعو (المرحوم) الشيخ عبدالأمير الجمري؛ مؤكداً «إننا نحترم القيادات الوطنية الفاعلة في المجتمع، ونعتز بها وهي كانت ومازالت لها مكانة، ونحن نحترمهم ونحترم لهم مكانتهم، ومثل هؤلاء يستطيعون القيام بدورهم الوطني المسئول في توجيه الناس والتوافق على كل ما فيه الخير للوطن والمواطن، ونطمح إلى أن تكون جهودهم لتقريب وجهات النظر، ونطلب من الجميع أن يكونوا معنا في ذلك. كما على القيادات الوطنية السعي نحو تصحيح الأمور، والمساهمة في إنجاح حوار التوافق الوطني...».
أما فيما يتعلق برؤية جلالته بشأن الترتيب لانتخابات 2014، ولاسيما أن هناك مقاطعين، والوقت يمضي حاليّاً من دون التوصل إلى حلٍّ سياسي يفسح المجال لعودة المقاطعين، أشار جلالته إلى أنه يسمع من الجميع، وأنه خلال الفترة الماضية تمت الاستجابة لمطالب إجراء تعديلات دستورية، وتم تعديل المواد التي طرحت، وأن دور القيادة هو توفيق الآراء.
جلالته أيضاً علق على العديد من القضايا، مشيراً الى أن البحرينيين أثبتوا ولاءهم دائماً وأبداً للبحرين، وحتى عندما جاءت لجنة تقصي حقائق (في العام 1970) فإن الجميع صوت لصالح استقلال البحرين، وتكرر الإجماع الوطني في التصويت لصالح الميثاق في 2001، وأنه لا يوجد أحد من البحرين ممن غلَّب مصالح محددة أو ايديولوجية معينة على حساب البحرين، وفي كل المحطات أثبت البحرينيون أنهم على قلب واحد، مؤكداً جلالته أن «الاختلاف شيء طبيعي، ونقبل هذا فيما بيننا، لكن الواحد يزعل إذا كان هناك فيه حرق أو عمل إرهابي»... وأكد أن المرء يجب أن ينظر الى الأمام، وألا يكون هناك خلاف دائم.
كما تحدث جلالته عن الخطط المستقبلية لتطوير الجسر الذي يربط البحرين بالسعودية، والتعويل على القطار الخليجي، وخطط توسعة المطار بالإضافة إلى تصور لمطار جديد في شمال البحرين، مؤكداً أن البحرين عرف عنها جذب الآخرين، والواقع أن البحريني لديه كفاءة وتعليم وخبرة، وهناك مثلاً من الطيارين البحرينيين الذين يعملون في سنغافورة؛ لأن لديهم خبرة ومهارة في قيادة الطيارات الكبيرة، منوهاً جلالته إلى أن تاريخ البحرين لا يوجد فيه قتل شخص لأنه شيعي أو سني، وهذا بسبب طيبة البحرينيين، مؤملاً إبعاد تأثيرات ما يجري في بلدان أخرى عن البحرين.
أستانا (كازاخستان) - بنا
وصف عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة زيارته التاريخية لكازاخستان بأنها زيارة موفقة. مؤكداً أن النتائج إيجابية ومثمرة وناجحة، مشيراً إلى أن مباحثاته مع الرئيس الكازاخستاني نزار باييف تناولت مجالات التعاون الثنائي المختلفة، وخاصة الاستثمار المتبادل بين البلدين، منوهاً جلالته بما تمتاز به كازاخستان من ثروات مختلفة وأبرزها النفط والغاز والمساحات الزراعية الشاسعة.
وأكد جلالة الملك المفدى، في حديث شامل من القلب إلى القلب مع رؤساء تحرير الصحف المحلية ووكالة أنباء البحرين، ضرورة أن تستعد البحرين للمشاريع والانفتاح على آسيا الوسطى ومناطقها الاستثمارية الجديدة، وتطوير البنية التحتية. لافتاً إلى أنَّ البحرين تُعدُّ بوابة أساسية للمنطقة، مشيراً في هذا الصدد إلى زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي إلى مملكة البحرين، والمشاريع المرتقبة بين البلدين.
وأشاد جلالته بعمق العلاقات البحرينية السعودية، والمصالح المشتركة القائمة، وهي امتداد للمنظومة الخليجية. وتحدث عن جسر الملك فهد الذي سيشهد تطويراً قريباً يواكب الحركة التجارية والاستثمارية بين البلدين، معرباً عن تطلعاته إلى مستقبل واعد لقطاع الطيران بعد مشروع تطوير المطار، وتحديد أرض لمطار جديد مستقبلاً. وقال: «إن التفكير في المستقبل القريب على مشروع السكك الحديدية».
وأكد جلالة الملك المفدى أن أي شيء يجمع الناس يسعدنا كثيراً، متفائلاً بالمستقبل، وقال: «نحن نساعد الجميع بالرؤى والكلام الطيب، وأهل البحرين معروفون بطيبتهم، ولا يريدون إلا الكلمة الطيبة، وعدم الإساءة للآخرين، وهذه الميزة تخص البحرينيين».
وأضاف جلالته «نحن نحاول في كل المناسبات أن نجتمع بالناس، وأهل البحرين تجاوزوا الكثير من التحديات، فالمنطقة مرّت بمشاكل عديدة، لكن أهل البحرين بحكمتهم وعقلانيتهم استطاعوا تجاوزها».
وأشاد جلالة الملك المفدى بدور الصحافة البحرينية، وقال: «إن الصحافة تقوم بدور مهم لمساعدتنا بالكلمة الطيبة، وتثقيف وتقريب الناس، وأي شيء يقرب بين الناس فنحن معه». مشيراً إلى أن واجبنا نحن كمسئولين هو دور الأب الذي يجمع أبناءه المتفرقين ويلم شملهم. مؤكداً جلالته أن سمعة أهل البحرين طيبة في كل مكان، والبحرين طوال تاريخها كانت، ولاتزال، ذات سمعة طيبة بشهادة الجميع في الخارج، والبحرين وأهلها هم الأساس منذ القدم، ولا نكاد نعرف غيرها بهذه القيم والهوية الثابتة.
وتحدث جلالته عن التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم حاليّاً، وقال: «يجب على الناس أن تتعلم كيف تتجاوز التحديات»، لافتاً إلى أن قلوب أهل البحرين على وطنهم أكثر من أي شيء آخر. موضحاً جلالته أنه إذا قامت مجموعة صغيرة هنا وهناك بأعمال إرهابية وحرق وتخريب، وتم تسليط الضوء عليها من الإعلام، فإنه لا يعني أنها تشمل جميع أفراد البحرين، وواقع الأمر مختلف تماماً.
وأكد على ما يتميّز به شعب البحرين من تواصل وتكاتف مستمر، وما يقوم به من زيارات ومشاركات في المناسبات الاجتماعية دائماً، وهو ما يعكس طبيعتهم السمحة، وأخلاقهم العالية. مشيداً بفعاليات المجتمع التي يهمها التواصل مع بعضها بعضاً، مرجعاً جلالته ذلك إلى ما يتميز به شعب البحرين من مستوى تعليم متقدم.
واستطرد قائلاً: «ما نشاهده من أحداث في بعض المجتمعات في المنطقة سببها الجهل وتدني مستوى التعليم». مؤكداً جلالته أن مسألة حرية التعبير عن الرأي لا مشكلة فيها، حيث سمح بها الدستور والقوانين الوطنية، ولا نختلف على ذلك. متطلعاً جلالته إلى التقريب بين الحقيقة والواقع.
وأشاد جلالة الملك المفدى بالمركز الفكري الذي تتمتع به البحرين، وقال: «لست منحازاً، لكن لا يوجد ما هو أفضل من أخلاق أهل البحرين، فالصورة الطيبة هي شخصيتنا ورمزنا». واصفاً الأحداث التي تقع من وقت لآخر، مثل الحرائق والتفجيرات، بأنها ليست من طباع وقيم أهل البحرين؛ لأنهم أهل خير، وغالبية الناس تدين هذه الأحداث. مشيداً بحرص المواطنين على المساعدة في أية مشكلة، فهي من القيم والمواقف المشهودة لشعب البحرين.
وفيما يتعلق باستكمال الحوار الوطني، قال جلالته: إن هناك وجهات نظر ورؤى متعددة، ونحن نساعد الجميع قبل استكمال الحوار، كما أننا متفائلون بالخير. مشيراً جلالته إلى دور وجهود صاحب السمو الملكي ولي العهد في المساعدة والمتابعة لمجريات الأمور بالنسبة إلى الحوار، وهو على صلة بالجميع من خلال مجلسه المفتوح. ولا يمكن أن يتأخر أي شيء إذا أرادت الناس إنهاءه، مشيراً إلى أن سمو ولي العهد أطلع جلالته، قبل أسبوع، على مستجدات الخطوات المؤدية الى الحوار الناجح بتفاؤل بإذن الله.
وأكد جلالته أنه لا يوجد أحد يقف في وجه التطور، مشيراً في هذا الصدد إلى الحوار الوطني الأول الذي أسفر عنه 11 تعديلاً دستوريّاً لم نقف أمامها ولم نرفض أي تعديل.
وأوضح أنه لا يعاقب الإنسان على رأي أو حرية تعبير أو عمل يمارسه إلا من خلال القانون الذي ينظم مثل هذه المسائل. ومن ميزتنا نحن أننا لا نسير كحزب سياسي واحد، فنحن للجميع. والهدف هو الحفاظ على الكفاءات الوطنية التي تخدم البحرين. مشيداً بالسلطة الرابعة التي وصفها بأنها صاحبة الجلالة وستبقى السلطةَ الرابعةَ وصاحبةَ الجلالة لدينا، وقال: «من واجبها العمل على تنوير المجتمع وتهيئة الأجواء وترطيب النفوس للتوافق بين مختلف الآراء للوصول الى موقف يخدم الجميع»، مقدراً جهود الصحافيين وكتاب الرأي قائلاً: «ليس هناك أطيب ولا أكثر كفاءة منكم ومن زملائكم العاملين في الصحافة البحرينية، فجميعكم تتمتعون بالثقة وبالكفاءة وبالمصداقية».
وأشاد جلالته بتعاضد المجتمع البحريني وتكاتفه. وقال جلالته مخاطباً رؤساء التحرير: «إنني أتطلع إلى مساعيكم، وإلى دعوتكم، من خلال كتاباتكم وكتابات زملائكم، إلى لمِّ الشمل وبناء المستقبل، وهذا ما يستحقه أهل البحرين».
وقال جلالته: «إننا نحترم القيادات الوطنية الفاعلة في المجتمع، ونعتز بها وهي كانت ومازالت لها مكانة، ونحن نحترمهم ونحترم لهم مكانتهم، ومثل هؤلاء يستطيعون القيام بدورهم الوطني المسئول في توجيه الناس والتوافق على كل ما فيه الخير للوطن والمواطن، ونطمح إلى أن تكون جهودهم لتقريب وجهات النظر، ونطلب من الجميع أن يكونوا معنا في ذلك. كما على القيادات الوطنية السعي نحو تصحيح الأمور، والمساهمة في إنجاح حوار التوافق الوطني، وما يفرحني كثيراً هو التوجه بثقة ومسئولية من الجميع لتكثيف الجهود في هذا الشأن، وسيسعدنا أكثر أن تكون القيادات والفعاليات الوطنية المجتمعية تسير معنا بنفس الروح، ونسير كرجل واحد؛ لنصل إلى ما نطمح إليه في البناء الوطني».
وعن الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال جلالته: «نحن نسمع من الجميع، ونستجيب إذا كانت هناك مطالب مقنعة، ومتفق عليها وفي وقتها وظروفها مناسبة.
وأوضح جلالته أن البحرين تستقطب الآخرين حتى يعيشوا فيها، وهناك من يقول إن بعض الأشخاص ذهبوا إلى الخارج، والواقع أن البحريني لديه كفاءة وهو مرغوب، فهناك طيارون بحرينيون يعملون في الخطوط الجوية السنغافورية والهندية؛ لأن لديهم خبرة ومهارة فائقة في قيادة الطائرات الكبيرة وهم مفخرة للجميع».
وقال: «إن تاريخ البحرين لا يوجد فيه حادثة قتل شخص لشخص آخر؛ لأنه من جنس آخر أو عرق أو دين آخر ، ولا يوجد لدينا اقتتال على مر التاريخ، وهذا بسبب طيبة أهل البحرين ومستوى تعليمهم. ولا يوجد أحد من البحرين منحازاً إلى أيديولوجية معينة على حساب البحرين ومصلحة أهل البحرين، ففي كل المحطات أثبت البحرينيون أنهم على قلب واحد سواءً في لجنة تقصي الحقائق العام 1970 عندما أرسلت الأمم المتحدة بعثتها الشهيرة، أو حتى في العام 2001 عندما توافق البحرينيون على ميثاق العمل الوطني».
وقال: «نحن نسعى إلى الأفضل في البحرين، وخاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية، وعملنا على فصل السلطات الثلاث بشكل حقيقي، فهناك السلطة التشريعية التي تشرع القوانين دون أن تشاغب من الحكومة، وهذا يعني أن الشعب هو مصدر السلطات».
وأضاف أن «الهدف من فصل السلطات هو تعزيز الديمقراطية أكثر وأكثر. مشيداً بجهود وأعضاء مجلسي النواب والشورى الذين يقومون بواجبهم الوطني».
العدد 4240 - الأربعاء 16 أبريل 2014م الموافق 16 جمادى الآخرة 1435هـ