فيما يخص تركيا، نحن نعمل، وهذا هو الأهم، مع أنقرة على طائفة متنوّعة من قضايا مكافحة الإرهاب بغية التصدي للخطر المتزايد الذي يشكله الإرهابيون المقيمون في سورية ضد تركيا، وكذلك لمعالجة التحدي الذي يشكله المقاتلون الأجانب. بالإضافة إلى ذلك، تستضيف تركيا أكثر من 641 ألف لاجئ مسجّل رسمياً من سورية، بالإضافة إلى شخصيات مهمة من قيادات المعارضة. ونحن نعمل على التخفيف من امتداد تأثير النزاع السوري على أمن تركيا وسيادتها، من خلال نشر بطاريتين أميركيتين من طراز باتريوت في جنوب تركيا، فضلاً عن أربع بطاريات من الحلفاء الآخرين في حلف (الناتو).
وتساعد المساهمات التي قدمتها الولايات المتحدة إلى جهود الاستجابة الإنسانية الدولية في توفير الدعم الحاسم للاجئين في المخيمات والمجتمعات التركية. ودعماً لجهود الأمم المتحدة، تلعب تركيا دوراً مهماً في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية عب ر الحدود في شمال سوريا.
ويستضيف العراق أكثر من 225 ألف لاجئ من سورية، معظمهم في إقليم كردستان العراقي. ومنذ 2012، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 90 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية من أجل اللاجئين السوريين بالعراق. ونعمل أيضاً مع الأمم المتحدة والحكومة العراقية لضمان حصول العراقيين النازحين بسبب النزاع في الأنبار (والمقدر عددهم بحوالى 350 ألف شخص) على المساعدة اللازمة، ويكون بمقدورهم التصويت في الانتخابات القادمة التي يسعى تنظيم (داعش) لتعطيلها.
وفي الوقت نفسه، نحن على اتصال وثيق مع الزعماء السياسيين والقادة الأمنيين في العراق لوضع وتنفيذ حملة شاملة جامعة لعزل تنظيم (داعش) عن الأهالي، بما فيها تكثيف تبادل المعلومات والمساعدات الأمنية.
وفي مصر، التي تستضيف أكثر من 135 ألف لاجئ سوري، ساهم عدم الاستقرار والاستقطاب السياسي في خلق بيئة صعبة، وأدى إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية للاجئين. وإن كنا نقر بحجم العبء الذي يمكن أن تشكله مجتمعات اللاجئين على البلدان المضيفة، إلا أننا مستمرون في دعم الشركاء في المساعدة الإنسانية في مصر، وفي إشراك الحكومة لضمان حصول اللاجئين على الدعم اللازم.
ولم تنجُ إسرائيل من آثار الصراع، وحكومتانا تنسقان عن كثب لرصد التهديدات المتطرفة العنيفة في سورية، ونحن نؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من الآثار الممتدة أو غير المباشرة للعنف. ونحيي الجهود الإسرائيلية لتقديم الرعاية الطبية للجرحى السوريين الذين يطلبون المساعدة. كما نشعر أيضاً بالقلق من أن يؤدي عدم الاستقرار في سورية إلى الاستمرار في تهديد الجولان.
الإجراءات الإنسانية العاجلة
إننا ننسق بشكل وثيق مع المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة التي تسببها هذه الأزمة. وقد شاركت حكومة الكويت في استضافة مؤتمر للمانحين مع الأمين العام للأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني الذي تمخض عنه تقديم تعهدات جديدة بقيمة 2.6 بليون دولار. وقد ساهمت الولايات المتحدة بأكثر من 1.7 بليون دولار استجابة للأزمة السورية، وبذلك تكون أكبر دولة مانحة بمفردها لهذه المساعدات الإنسانية. وهذه المساعدات التي نقدمها تدعم المنظمات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والمنظمات غير الحكومية التي تساعد المنكوبين داخل سورية ومختلف أنحاء المنطقة.
إننا نخصص بعض الأموال لتخفيف الضغط المتزايد على المجتمعات المضيفة، والبنية التحتية والخدمات العامة في البلدان المجاورة. أما داخل سورية فالمساعدات التي نقدمها توفر المواد الغذائية والرعاية الصحية الأساسية والمياه والصرف الصحي وغيرها من إمدادات الإغاثة الماسة. ولا يزال نظام حكم الأسد يواصل تعمد عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، مستشهداً بالوضع الأمني غير المستقر. ففي الأسبوع الماضي، وصلت أول قافلة تابعة للأمم المتحدة إلى سكان القامشلي شمال شرق سورية عبر المعبر الحدودي مع تركيا في نصيبين. وعلى الرغم من أن بعض الإمدادات سوف تصل في النهاية إلى هؤلاء الناس الذين هم في حاجة ماسة إليها، إلا أن عبور قافلة واحدة من قوافل مساعدات الأمم المتحدة من نقطة حدودية واحدة في يوم واحد لا يكفي. إذ تبرهن هذه القوافل أن الجيش السوري يمكنه السماح بوصول المساعدات الإنسانية عندما يختار ذلك. يتحتم على نظام الأسد الموافقة على جميع طلبات الأمم المتحدة للوصول إلى المناطق المحتاجة فوراً بموجب طلب مجلس الأمن.
المفاوضات حول حكومة تمثيلية
إن الانتقال إلى حكومة تمثيلية تستجيب لاحتياجات ومطالب الشعب السوري هو السبيل الوحيد للحد من العنف وتخفيف معاناة الشعب السوري. بينما يصر المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا، على أن الصراع يجب أن يضع أوزاره عبر اتفاق سياسي تفاوضي تمشياً مع بيان جنيف للعام 2012، إلا أن النظام بدّد كل فرصة سانحة للتوصل إلى تسوية سلمية؛ حيث أهان المفاوض باسم النظام في محادثات جنيف 2، كلا من المعارضة والأخضر الإبراهيمي، الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بأسره، بينما لم يسهم بأي شيء يذكر في المناقشات.
إن لدى الولايات المتحدة وروسيا مصلحة مشتركة في إجراء مفاوضات ناجحة يتم بموجبها تنفيذ بيان جنيف بحذافيره ومنع انتشار عدم الاستقرار والتطرف العنيف إلى خارج الحدود السورية. وحتى الآن، حملت هذه المصالح المشتركة روسيا على مواصلة تقديم الدعم إلى بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بيد أنها لم تفعل شيئاً لدفع حلفائها السوريين قدماً في مفاوضات جنيف2. وعلاوة على ذلك، شهدنا زيادةً في كمية ونوعية الأسلحة التي قدمتها للنظام السوري في الأشهر الأخيرة. والاستقرار الذي تسعى إليه روسيا في سورية لن يتحقق بتزويد النظام بالطائرات والدبابات والقنابل والمدافع لاستخدامها ضد أبناء الشعب السوري.
إننا نواصل استعراض كافة الخيارات لتغيير حسابات الرئيس بوتين وإبعاد روسيا عن تأييد نظام الأسد. لقد أبلغ السفير الإبراهيمي مجلس الأمن في 13 مارس/ آذار، أنه يوصي بعدم القيام بجولة ثالثة من المحادثات ما لم يتعهد النظام بإجراء مناقشة جميع عناصر بيان جنيف بموضوعية. وستواصل الولايات المتحدة وشركاؤها توسيع نطاق دعمنا للمعارضة السورية وتصعيد الضغط على النظام. من جهة أخرى، أعرف أن سلامة الأقليات في سورية هي أحد الشواغل الرئيسية لدى أعضاء هذه اللجنة، وهي كذلك بالنسبة لنا أيضاً. ونحن نشعر بالقلق البالغ إزاء محنة المدنيين كافة في سورية، بمن في ذلك المسيحيون وغيرهم من الأقليات الدينية.
إن حماية الحقوق الأمنية والدينية لهذه المجتمعات المحلية، فضلاً عن حقوق المرأة، هو عنصر مهم في سياستنا، وسيكون من الضروري لأي تسوية سياسية في المستقبل. وقد سعينا وتلقينا تأكيدات من القيادة السورية المعارضة وزعماء المتمردين المعتدلين بأنهم سوف يصونون حقوق المرأة والأقليات، ويشركونهم في خطط بناء المستقبل في سورية.
الخطوات التالية
إننا منخرطون بنشاط في المساعي الرامية لإنهاء الأزمة في سورية، ونعمل مع الحلفاء والشركاء على مكافحة التهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون العنيفون؛ ونبذل كل جهد ممكن للحيلولة دون وقوع انهيار كارثي للمدن السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة؛ ونقدّم الدعم غير الفتاك للمعارضة المسلحة؛ كما نعمل مع المجتمع الدولي لوضع حد للتهديد الذي تشكله الأسلحة الكيميائية في سورية؛ ونقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية ودعم أصدقائنا وحلفائنا الإقليميين؛ ونتبرع بسخاء في جهود الاستجابة الإنسانية سواءً داخل سورية أو في الدول المجاورة لها؛ ونقدم الدعم للمعارضة السورية بشكل مباشر وعن طريق مجموعة لندن 11. وفي الوقت الذي نتابع فيه جميع هذه الخطوات، فإننا نواصل دراسة الإجراءات الإضافية التي يمكننا القيام بها للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في سورية والتوصل إلى تسوية سياسية. إننا نقدر الدعم الذي تقدمه لجنتكم الموقرة وسنواصل العمل جنباً إلى جنب مع الكونغرس ونحن نمضي قدماً.
إن أبناء الشعب السوري يرفضون التطرف العنيف. وهم يريدون العودة إلى ديارهم وإعادة بناء بلدهم، وسوف نساعدهم على القيام بذلك. (انتهى).
إقرأ أيضا لـ "آنّ باترسون"العدد 4229 - السبت 05 أبريل 2014م الموافق 05 جمادى الآخرة 1435هـ