يمكن للمجتمع أن يتقبل الكثير من الأمور إن لم تكن هناك قرائن على أرض الواقع تثبت العكس، وهذا الأمر الذي ينطبق بشكل تام على موضوع تبرير وزير التربية والتعليم عدم توظيف البحرينيين في السلك التعليمي بحجة أنهم غير مؤهلين، كما صرح بذلك وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي في جلسة مجلس النواب يوم الثلثاء (18 مارس/ آذار 2014).

ونحن هنا نناقش أداء وموضوعاً ليس له علاقة بشخص الوزير أو مسئولي الوزارة، بل له علاقة بالمنصب الذي لابد من مراقبة أداء من يشغله، لذلك فإن القرائن والأفعال توضّح تماماً أن عدم توظيف البحرينيين من الخريجين الجامعيين في وظائف وزارة التربية والتعليم، وتوظيف الأجانب مكانهم، إنّما يأتي لأسباب لا علاقة لها في الكثير من الحالات بالكفاءة أو غياب الخريج البحريني، ولو كان ذلك هو السبب لكان من الواجب على الوزارة إعداد الخريجين البحرينيين ليتم إحلالهم في الوظائف التي يشغلها الأجانب، وأن التقصير في هذا الجانب يجب أن يتم محاسبة المسئولين عنه، ولكن مثلما الجميع يعلم، أن المحاسبة في البحرين غائبة.

يا سعادة الوزير، هل يمكن أن يتقبل العقل أن خريجي التربية الإسلامية من طائفة معينة يظلون عاطلين عن العمل لسنوات، بينما يتم توظيف آخرين حديثي التخرج؟ وإذا كان هذا غير صحيح، فإننا بانتظار نشر الأرقام الواقعية بصدق وشفافية.

ثم كيف نفسّر أن اختيار التربية الإسلامية يأتي للخريج بأن عليه كتابة سورة قرآنية طويلة كحفظ، ولا ندري ما دخل العملية التعليمية بحفظ السورة الطويلة؟ هل هذا مقياس الكفاءة والتأهل لشغل وظيفة معلم؟

يا سعادة الوزير، ما دخل الكفاءة بسؤال الخريجين في المقابلات الشفهية عن تاريخ تغيير الإجازة الأسبوعية في البحرين من يومي الخميس والجمعة، إلى الجمعة والسبت؟ وما دخل ذلك بالكفاءة في التخصص أو التربية أو حتى المواطنة؟ إنها أسئلة المراد منها إخراج الشخص من الكفاءة «المزعومة».

يا سعادة الوزير، إن أردت أن نتحدث عن الكفاءة فهي لدى الاختصاصيين الذين تم نقلهم إلى وظائف في المدارس كمدرسين ومدرسات، أو في المرشدات الاجتماعيات اللاتي تم نقلهن للعمل في تعليم مواد العلوم الإنسانية وهن لم يدرسن منها إلا مقرراً واحداً في دراستهم الأكاديمية، مع وجود مئات الخريجات والخريجين في تخصص العلوم الإنسانية منذ سنوات والوزارة تدّعي عدم الحاجة إليهم.

يا سعادة الوزير، ما جرى ويجري في معهد البحرين للتدريب دليل واضح ساطع على سياسة يراد منها تهميش فئة مجتمعية معينة، كانت نتيجتها استبعاد جميع المسئولين في المعهد، بل وإهانتهم وإهانة الموظفين، وقد اتضح موضوع «الكفاءة» تماماً من خلال تراجع مستوى المعهد بعد تطبيق هذه السياسة.

يا سعادة الوزير، إن من أكبر القرائن بأن الموضوع ليس له علاقة بالكفاءة، موضوع مدرسي التربية الرياضية العرب الذين تم جلبهم كخبراء، بينما يجلس الخريجون البحرينيون على دكّة الاحتياط وبذلك يمكن تكوين منتخب وطني ولكن كله احتياط.

يا سعادة الوزير، الكفاءة التي تتغنّون بها هي في شكاوى العديد من الطلاب والطالبات بعدم فهمهم للمدرسين الجدد بسبب اللهجة غير المفهومة بالنسبة إليهم، خصوصاً في المدارس الابتدائية، ويبدو أنكم تريدون رفع كفاءة الطلبة ليتعلموا اللهجات.

يا سعادة الوزير، من يتحدّث عن الكفاءة لا ينسى فصولاً مدرسية بدون مدرسين حتى منتصف الفصل الدراسي، فالعاطلون ليسوا مؤهلين، وهو أمرٌ يعود أصلاً إلى التشكيك في أن مسئولي الوزارة غير مؤهلين أيضاً.

يا سعادة الوزير، مدرسون أجانب احتياط، وآخرون تجري محاولة تأهيلهم، وآخرون نصابهم التعليمي أقل من البحريني، وهذا كله يعني الكفاءة في الاختيار!

ألا يمكن للبحريني أن يكون مدرس احتياط أم أن المطلوب مدرس، وأهم صفة فيه عدم الانتماء لفئة معينة!