في لفتة إنسانية أو حيوانية بالأحرى حصل «تيسٌ» محظوظٌ على نصيبه من وقت جلسة مجلس الشورى المنعقدة أمس (الاثنين)، فقد لقيت مشكلته آذاناً صاغية تحت قبة المجلس وتساءل أحد أعضاء مجلس الشورى مشكوراً عن مصير هذا «التيس» العالق على جسر البحرين والسعودية الذي نشرت مشكلته وسائل إعلام محلية ودولية.

من بين من نقل مشكلة هذا «التيس» - الذي أشفق عليه مجلس الشورى البحريني - وكالة الأنباء الألمانية التي قالت في خبرها «تواصل السلطات البحرينية منع تيس أو ماعز على اختلاف الروايات قادم من السعودية، من دخول أراضيها منذ تسعة أشهر بداعي عدم موافقة الشئون البيطرية على ذلك».

وكانت تفاصيل مأساة هذا «التيس» تشير إلى أن محامياً بحرينياً أحضر «التيس» معه قبل تسعة أشهر وتم إيقافه على جسر الملك فهد من قبل الجمارك البحرينية لإنهاء الإجراءات اللازمة للسماح له بالدخول للبحرين. ووفقاً لمالكه وهو محامٍ أنه لا يعلم أسباب عدم كشف الأطباء البيطريين عليه للإفراج عنه، مشيراً إلى أن «التيس» يتمتع بصحة جيدة وأصبح أكبر حجماً ووزناً مما كان عليه رغم ظروف «حبسه» الصعبة، حيث يتكفل بعض العاملين على الجسر، من باب فعل الخير، بإطعامه. وقال إنه حصل على أمر من المحكمة للإفراج عن «التيس» إلا أن إدارة الجمارك ترفض الإفراج عنه لأنها غير مخولة بذلك إلا بعد الحصول على الموافقة من قبل الشؤون البيطرية».

أعلمُ أن سيرة «التيس» حظيت بموقع محترم في مضبطة جلسة الشورى أمس، وأن هذا الاهتمام لم يأتِ اعتباطاً، وإنما كان ذلك في معرض مناقشة مشروع قانون الرفق بالحيوان الذي صوّت أعضاء المجلس لصالحه بالإجماع، وليت من يتكدسون على الجسر، وخصوصاً في أيام الإجازات ومواسم العمرة والحج، يحظون بشيء من الاهتمام الذي حظي به هذا «التيس» الذي كان يحصل على بوفيه يومي طوال الشهور التسعة التي قضاها عالقاً، بينما لا يحصل المنتظرون لساعات وأيام فوق الجسر حتى على كأس ماء بارد، بل إنهم يتناوبون طوابير طويلة على دورات المياه التي لا تستوعب هذه الأعداد الكبيرة التي تفترش الأرض وهو مشهد عالق في أذهان الكثيرين.

قصة «التيس» الذي حظي بشهرة واسعة في مختلف وسائل الإعلام، لا تشرد بالذهن إلى طوابير السيارات والشاحنات العالقة أمام نوافذ جمارك الجسر فحسب، بل قبل ذلك تشرد بالذهن إلى أرطال من القضايا العالقة التي تمس حقوق الإنسان مباشرة، وهي ليست عالقة لتسعة أشهر فقط كما هو حال «التيس» المحترم إلا أنها عالقة منذ سنوات ولا يزال موعد النظر فيها غير معلوم.

أقدِّر الاحترام الذي قدمه مجلس الشورى للحيوانات عموماً، ولهذا «التيس» خصوصاً؛ لأن حقوق الحيوان مُسَلَّمٌ بها عقلاً ونقلاً، حتى وإن كان هذا الحيوان «تيساً» فالتّيوس لها حق شأنها شأن إخوتها الحيوانات الأخرى، وليتنا أيضاً نشهد جلسة نيابية أو شورية تُنقِّب عن ملفات حقوق الإنسان العالقة منذ سنوات طويلة ولاتزال تنتظر صوتاً عالياً تحت قبة البرلمان.