«في حبّ البحرين 2» ليست قصيدة يتغنّى بها الشعراء أقوالاً دون أفعال. لا، وليست أغنية استدعتها إحدى المناسبات الوطنية المجيدة، طبعاً مع احترامنا للشعراء وتقديرنا للمغنين وعموم الفنانين.
«في حبّ البحرين 2» شعار البطولة الرياضية السنوية التي اعتادت جمعية المصريين برئاسة رؤوف عبد الرحمن فاضل أن تقيمها، منذ 2012، على أرض المحبة، وطن الإخاء والسلام، مملكة البحرين الحبيبة.
نعم لقد كان الملعب الاصطناعيّ لنادي البسيتين الرياضي قبلة العشرات بل المئات بين لاعبين ومشجعين وعائلات مساء الجمعة الماضي (14 مارس/ آذار). لقد كان مسرحاً لإحدى أجمل الفعاليات الرياضية برعاية كريمة من النائب عن الدائرة الثالثة في محافظة المحرق علي أحمد.
ولئن كانت الدورتان السابقتان مكتفيتين بشباب الجاليات العربية المقيمة في البحرين، فإنّ اللجنة المنظّمة لهذه الدورة الثالثة برئاسة المستشار محسن عمر ومساعدة كل من الأستاذ جمال حلمي والمهندس طه جمعة، قد حرصت كل الحرص على أن تجعل من هذه الفعالية الرياضية لا عرساً عربياً فقط، وإنما عرساً عالمياً وإنسانياً تحتضنه البحرين؛ ذلك أنها أشركت كلاً من الجاليتين البلوشية والهندية في هذه البطولة، ليكون عدد الجاليات المشاركة هذه المرّة عشراً. هذا الخبر، فماذا وراء الخبر؟
مرةً أخرى تؤكد جمعية المصريين قوة إرادة وحسن إدارة وخبرة اكتسبتها من الدورات السابقة على النجاح في تنظيم مثل هذه الفعاليات وبهذا الحجم، ومرةً أخرى يتأكد مع هذا اللقاء العالمي اتساع قلب البحرين في احتضان من يعيش على أرضها، ويتأكد ذلك الشعار الجميل «كبيرة يا البحرين».
وتبقى الغاية البعيدة لمثل هذه الفعاليات الرياضية هي هذا الاجتماع البشريّ الحاشد الذي ضمّ شباب الجاليات العربية وغير العربية من المقيمين في البحرين، شباباً جمعتهم الرياضة ليتعارفوا ويتنافسوا ويتعايشوا في كنف الروح الرياضية والأخوة الإنسانية.
ولم يكن حرص الهياكل الرياضية العالمية على النأي بالفعاليات الرياضية عن التجاذبات السياسية محض صدفة، ذلك أنّ ما تفسده السياسة والمصالح الضيقة تكون الرياضة كفيلةً بإصلاحه وعلاجه وترميمه ورأب الصدع الذي قد يعتريه. ولا أنسى مؤخراً كلمة رئيس الوزراء الليبي السابق علي زيدان حين انعقد في بلاده اجتماع دول المغرب العربي فنادى إلى بعث الروح في هذا الاتحاد من جديد، فإن لم يكن بالتعاون السياسي أو الاقتصادي، فبالتعاون الثقافي والرياضي... وذلك أفضل من لا شيء.
نعم، الرياضة بلسم للشعوب وفسحة أمل للتحابب والتعايش، ودرس حقيقي في تعلم المواطنة والديمقراطية والعيش المشترك. نعم، في المهرجانات الرياضية، كالتي سهرنا معها مساء الجمعة الماضي، الكثير من المنافسة بما فيها من قبولٍ للهزيمة ومن ثمّة قبول الآخر. إذ الميثاق الرياضيّ يعلمنا أشياء عديدة لعل من أهمّها الرضا بالنتيجة ومباركة انتصار المنافس، ومن ثمّة التعايش بين المتنافسين بعد انتهاء المباراة. وانظر إلى أعتى البطولات الأوروبية تجد مصداق ما نقوله حيث يتطاحن اللاعبون على مدار اللقاء حباً في الانتصار، وما إن تنتهي المباراة حتى ترى اللاعبين، هازمين أو مهزومين، مبتسمين متصافحين.
تلك هي واحدة من العِبر التي يجب حقا أن تكتب بالإبر على آماق البصر، نعم الرياضة وسيلة للتعايش مع الآخر وقبوله والتأقلم مع النتائج التي تسفر عنها المباريات، وتلك لعمري أولى الخطوات الجادّة نحو فهم الديمقراطية وتطبيقها؛ أليست الانتخابات مباريات بين فرسان السياسة تنتهي بوصول الأفضل إلى الحكم وخروج الآخر من السباق؟ فكيف نقبل بنتائج الكرة ولا نقبل بنتائج الديمقراطية، أو نشكك فيها؟
لماذا يقول الواحد منّا للآخر «خلي عندك روح رياضية»؟ عندما يغضب لأمرٍ ما فيه منافسة أيّاً كان مجالها، أو يقول له «خليك رياضيّ»؟ طبعاً لأن المنافسات الرياضية مدرسة للديمقراطية فيها دروس لا تنسى في قبول الهزيمة ومباركة انتصار الآخر والتعايش مع ذلك الواقع الذي فرضته نتيجة المباراة. وكذلك الأمر في عموم مجالات الحياة نحتاج إلى روح رياضية، نحتاج إلى التعايش في سلام، كل مع الآخر، أخ له في الإنسانية بغض النظر عن دينه ومذهبه ولونه وعرقه وجنسيته، طالما تسعنا البحرين وطناً باتساع المدى.
تلك هي رسالة من الرسائل الجميلة التي فهمتها من تلك السهرة الرياضية وأنا أتابع من مدارج ملعب البسيتين سعة الدنيا، سعة قلب البحرين؛ فلقد كان المشهد أمامي حلماً يتحقق: وجوهاً شتى وألواناً مختلفة من مشرق الأرض إلى مغربها، رأيتها لوحةً حيّةً تحاكي جمال البحرين وتنتشي بالرياضة في حب البحرين.
لكن حب البحرين لا يجب أن يقتصر على إقامة الفعاليات وبث روح من الفرح في قلوب المواطنين والمقيمين، وإنّما حب البحرين أيضاً له مؤشرات لعل من بينها: الإخلاص في العمل والإنتاجية بمعدلاتها القصوى، والانخراط في الأعمال الخيرية، والتبرعات لصالح أهل البلد والمقيمين، من ذلك التبرع بالدم إضافةً إلى حضور الفعاليات الاجتماعية والمناسبات الدينية والنأي بالنفس عن التورط في الأنشطة التي تبث الكراهية وتتنافى مع مبادئ المواطنة والعيش المشترك.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4210 - الإثنين 17 مارس 2014م الموافق 16 جمادى الأولى 1435هـ
رائع بودبوس
مرةً أخرى تؤكد جمعية المصريين قوة إرادة وحسن إدارة وخبرة اكتسبتها من الدورات السابقة على النجاح في تنظيم مثل هذه الفعاليات وبهذا الحجم، ومرةً أخرى يتأكد مع هذا اللقاء العالمي اتساع قلب البحرين في احتضان من يعيش على أرضها، ويتأكد ذلك الشعار الجميل «كبيرة يا البحرين».
الله ع الشعر
وجوهاً شتى وألواناً مختلفة من مشرق الأرض إلى مغربها، رأيتها لوحةً حيّةً تحاكي جمال البحرين وتنتشي بالرياضة في حب البحرين.
«خلي عندك روح رياضية»؟
كم نحتاج إلى مثل هذه الروح كي نتعايش بسلام
كبيرة يا البحرين
كلمات طيبة من قلب طيب
«في حبّ البحرين 2»
حب البحرين لا يجب أن يقتصر على إقامة الفعاليات وبث روح من الفرح في قلوب المواطنين والمقيمين، وإنّما حب البحرين أيضاً له مؤشرات لعل من بينها: الإخلاص في العمل والإنتاجية بمعدلاتها القصوى، والانخراط في الأعمال الخيرية، والتبرعات لصالح أهل البلد والمقيمين، من ذلك التبرع بالدم إضافةً إلى حضور الفعاليات الاجتماعية والمناسبات الدينية والنأي بالنفس عن التورط في الأنشطة التي تبث الكراهية وتتنافى مع مبادئ المواطنة والعيش المشترك.
شكرا أستاذ
فعلا كلمات طيبة من قلب طيب طالما خبرناه