تشهد الساحة المغاربية في هذه الفترة حرارة استثنائية ناجمة عن التسابق الأوروبي - الأميركي في جميع الجوانب تقريبا. فبعد الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس الفرنسي جاك شيراك للمغرب، والجولة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشئون الشرق الأوسط ومنطقة شمال إفريقيا ويليام بيرنز لكل من الجزائر وتونس والمغرب، والاعلان من هناك عن سلسلة خطوات تشمل المساعدات المالية والعسكرية لبعضها والتأكيد بأن واشنطن ستفتح في تونس مكتبا لتنفيذ برامج الشراكة في منطقة المغرب العربي، جاء دور وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي ليحط رحاله في الجزائر موقعا سلسلة اتفاقات في مجال التنسيق الأمني وبحث مسألة الهجرة. في هذا السياق يبدو أن تونس ستكون من الآن وحتى نهاية العام الجاري محور النشاطات المتعلقة بالعلاقات اليورو - متوسطية، بحيث يعقد اجتماع لوزراء خارجية دول (5+5) الأوروبية والعربية المتوسطية فيها، يومي 6 و7 نوفمبر/ تشرين الثاني برئاسة وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان لوضع جدول اعمال القمة الرئاسية المقررة في بداية ديسمبر/ كانون الاول. ولقد سبق اللقاء الاول اجتماع لوزراء خارجية الدول المغاربية في الجزائر 29 و30 اكتوبر/ تشرين الاول الماضي لتنسيق المواقف قبل اللقاء بنظرائهم الأوروبيين.
وعلمت «الوسط» من وزير خارجية المغرب محمد بن عيسى انها للمرة الأولى ستحاول دول اتحاد المغرب العربي، بما فيها تلك التي لم توقع بعد على اتفاقات شراكة مع الاتحاد الأوروبي مثل: ليبيا وموريتانيا، ايجاد أرضية مشتركة يتم بموجبها التفاوض لاحقا مع الاوروبيين. بمعنى ان الدول المغاربية ستتخذ موقفا موحدا حيال جملة من الملفات المطروحة للبحث والتي تشكل حتى الآن نقاط خلاف وتباين مع الاتحاد الأوروبي، في طليعتها: انتقال البضائع والاشخاص - الملف الزراعي والصيد البحري، التأشيرات، نقل التكنولوجيا، محاربة الهجرة السرية والتنسيق الأمني، وزيادة الاستثمارات. واذا كان المراقبون يصفون هذه الملفات بالشائكة. الا انهم يتوقعون حلحلة بعضها في اطار مقايضة بملف بآخر وتأجيل ما تبقى لاجتماعات لاحقة.
فالاوروبيون المتوسطيون الذين يدركون خطورة الاختراق الاميركي لمنطقة شمال افريقيا وتصميم ادارة بوش على السير قدما في هذا التوجه - من مؤشراته الابرز توقيع اتفاق التبادل التجاري الحر مع المغرب قبل نهاية العام، والاعلان عن فتح مكتب لتنفيذ برامج الشراكة في المنطقة، انطلاقا من تونس التي اعلن فيها منذ سنوات «مبادرة ايزنستات» نسبة إلى وزير التجارة الاميركي السابق - مضطرون إلى تقديم بعض التنازلات فيما لو ارادوا فعلا «قطع الطريق» وعلى الاقل مواجهة المشروع الاميركي الذي من المتوقع ان تتضح معالمه اكثر فأكثر في الاشهر المقبلة، وتستفيد الدول الأوروبية في طليعتها فرنسا من التورط الاميركي الحالي في العراق لتسجيل النقاط في منطقة شمال افريقيا
العدد 421 - الجمعة 31 أكتوبر 2003م الموافق 05 رمضان 1424هـ