ابتهجت المرأة في العالم يوم 8 مارس بمناسبة الذكرى السنوية ليوم المرأة العالمي، وأقامت المنظمات والجمعيات بل والحكومات أحياناً، الاحتفالات والأمسيات، وكلٌّ على «ليلاه» يغني ويعدّد المكتسبات التي حققتها المرأة، ويشيد بالإنجازات المحرزة في مجال المساواة بين الجنسين.
وكنت خلال هذه المناسبة أتابع بعض الفعاليات وأقرأ ما كُتبَ هنا وهناك عن المرأة بهذه المناسبة السعيدة، حتى وقع بين يدي التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 14/2013 والموسوم بعنوان «التعليم والتعلم: تحقيق الجودة للجميع»، وأكيد أن من بين هذا «الجميع» المرأة!
لكن وقفت في هذا التقرير على حقائق مرعبة في الغرض؛ فقد استوقفتني بيانات وإحصاءات عن وضع المرأة في العالم، وخصوصاً المرأة المحرومة من الخدمات التعليمية. ولست هنا بصدد تعكير صفو احتفال العالم بالمرأة وإنما فقط أردت أن تكتمل الصورة ونلتفت إلى الوجه الآخر لمعاناة المرأة، ونحن نقيم الاحتفالات عالمياً. فكيف بدت صورة المرأة من خلال التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 14/2013؟
لعلّ آخر عبارة أنهت بها المدير العامّ لليونسكو إيرينا بوكوفا تصدير التقرير، توجز الغاية من هذا المقال دون أن تفقدك الرغبة في متابعة تفاصيله، فقد قالت: «إنّك إذا علّمت الأمّ مكّنتَ المرأة وأنقذت حياة الأطفال».
فلقد أبانت الأرقام والنسب التي كشف عنها التقرير التدنيَ الشديدَ في مستويات تعليم المرأة، وما ينجر عن ذلك من نتائج كارثية على الفرد والمجتمع، وعلى وضع المرأة في مناطق واسعة من العالم؛ إذْ يمكن أن نستشف صورة المرأة من خلال مدى التقدّم في تحقيق أهداف التعليم للجميع الستة، والتي كان من المتوقع تحقيقها قبل نهاية 2015، حيث يكشف الهدف الثاني «تعميم التعليم الابتدائي»، عن أرقام مفزعة، إذْ تمثّل الفتيات نسبة 54% من بين الأطفال غير الملتحقين بالمدارس على الصعيد العالمي، وترتفع هذه النسبة في الدول العربية إلى 60%، وهي نسبةٌ لم تتغيّر منذ العام 2000.
أمّا عن الهدف الرابع من هذه الأهداف، «محو الأمية لدى الكبار»؛ فقد كشف التقرير أنّ النساء يشكلن ثلثي العدد الإجماليّ للأميّة لدى الكبار، ولم يتمّ إحراز أيّ تقدّم باتجاه خفض نسبتهنّ منذ العام 1990. وأمّا بيت القصيد من أهداف التعليم للجميع فهو الهدف الخامس والمحدد بـ «تحقيق التكافؤ والمساواة بين الجنسين»؛ فكما لا يخفى على أحد، يمثّل تأمين تسجيل معدلات متساوية بين الفتيات والصبيان في القيد بالمدارس، الخطوة الأولى باتجاه تحقيق الهدف الخامس من أهداف التعليم للجميع. ولقد تمّ تحديد هذا الهدف في مرحلتي التعليم الابتدائيّ والتعليم الثانوي كهدفٍ ينبغي بلوغه بحلول العام 2005، إلاّ أنّ العديد من البلدان لم تتمكن حتى العام 2011 من تحقيق هذا الهدف. بل من المتوقع أن يظلّ عدم التكافؤ بين الجنسين في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي قائماً بحلول العام 2015، في 21 % من البلدان قيد الدراسة في هذا التقرير، وستعاني منه الفتيات في 70% من هذه البلدان.
ويؤكد التقرير أنّ التعليم يغيّر مجرى الحياة؛ فالتعليم بما هو حقٌّ من حقوق الإنسان، استناداً إلى المعاهدات والقوانين في مختلف أنحاء العالم، يزوّد الإنسان بالمعارف والمهارات التي تمكنه من تفعيل كل الطاقات الكامنة فيه، ما يجعل التعليم عاملاً حافزاً ييسّر بلوغ الأهداف الإنمائية الأخرى، والتي من بينها ترويج أنماط الحياة الصحية وتغيير السلوكيات باتجاه حماية البيئة وتمكين المرأة، وكذلك الحدّ من الفقر. بل ويعزّز فرص العمل والنموّ للرجل كما للمرأة. وعلى سبيل المثال فإنه في باكستان ثبت أن النساء اللائي يتمتعن بمهارات جيّدة في مجال القراءة والكتابة، يفوق دخلهنّ بنسبة 95% دخل النساء الأقرب إلى الأمية.
كما أكّد التقرير أنّ تعليم المرأة خصوصاً، يُحسِّن فرص تمتع الأفراد بأنماط حياة أفضل صحياً؛ فالتعليم، وبحسب التقرير دائماً، ينقذ أرواح الملايين من الأمهات والأطفال؛ إذ تشير التقديرات إلى النجاح في إنقاذ 2.1 مليون طفل دون الخامسة من العمر في الفترة ما بين عامي 1990 و2009 بفضل تحسين مستوى تعليم النساء في سن الإنجاب. ومن خلال دراسة أجريت في 57 بلداً من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ثبت أنّ عدد الأمهات المتعلمات اللائي يستعِنّ بممرضةٍ مؤهلةٍ أثناء الولادة يفوق بنسبة 23% عدد الأمهات الأميات اللائي يستعن بهذه الخدمات. ومن ثمّة فإنّ تعليم الأمهات يكتسي أهميةً حيوية؛ فلو أنّ كل النساء استكملن تعليمهن الابتدائي لانخفض معدل الوفيات بين الأمهات بنسبة 66%، ولَتَمّ إنقاذ 189000 من الأرواح سنوياً.
وانتهى التقرير إلى أن التعليم المبكر يمثل حصانةً للمرأة؛ فلو تحصل جميع الفتيات في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب وغرب آسيا على فرصة إتمام التعليم الثانوي لتقلّص الزواج المبكر بنسبة 64%، ولَتَراجعت معه نسبة الحمل المبكر بنسبة 59%.
إن هذه الصورة القاتمة لوضع المرأة في الدول التي تمت دراستها في هذا التقرير، تبعث برسالةٍ مستعجلةٍ ومضمونة الوصول إلى المحتفلين بعيد المرأة العالمي مفادها: مازال أمامكم الكثير كي تعمَّ فرحة الاحتفال جميع نساء العالم، وبحكم قدرته على تحويل حياة الناس نحو الأفضل، لابدّ أن يحظى التعليم بأهميةٍ مركزيةٍ في الخطة الخاصة بمرحلة ما بعد العام 2015.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4203 - الإثنين 10 مارس 2014م الموافق 09 جمادى الأولى 1435هـ
إلى زائر 4
الله بيعين
هل تعلم أيها الكاتب المحترم :
أن المرأة البحرينية من حملة الدكتوراة والشهادات العليا تم شتمها والبصاق في فمها وإرغامها على تنظيف دورات المياه بيدها العاريتين.
هل تعلم ان المرأة البحرينية من حملة الدكتوراة تم إرغامها على الرقص وتقليد أصوات الحيوانات .. وما خفية كان أعظم.
الله يعين المرأة البحرينية ، حسبنا الله ونعم الوكيل.
شكرا أستاذ
وفي لعاداتك مقال ثري بالمعلومات غني بالأبعاد المهمة
ما هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يكشف الهدف الثاني «تعميم التعليم الابتدائي»، عن أرقام مفزعة، إذْ تمثّل الفتيات نسبة 54% من بين الأطفال غير الملتحقين بالمدارس على الصعيد العالمي، وترتفع هذه النسبة في الدول العربية إلى 60%، وهي نسبةٌ لم تتغيّر منذ العام 2000.