العدد 4200 - الجمعة 07 مارس 2014م الموافق 06 جمادى الأولى 1435هـ

مناصبكم... لا تستحقونها!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

ولو عن طريق الخطأ، لنسأل: «ترى، لماذا لا تتم إقالة المسئولين المفسدين في حكومات العالم العربي والإسلامي مضافاً إليها بالطبع، دول العالم النامي؟ ولماذا لا نسمع أو نرى أو نشاهد إقالة وزراء أو مسئولين كبار متورطين في قضايا الفساد على مستوى دول الخليج العربي؟».

ولماذا يتحسر المواطن العربي حين يتابع في نشرة أخبار أو يقرأ في صحيفة عن رئيس وزراء أو وزير أو محافظ أو رئيس حزب، استقال من تلقاء نفسه لخطأ جسيم وقع في فترة إدارته، ويغمغم وهو يتابع: «اييييه... تعال شوف اللي عندنا.. وزارة أبوهم».

قبل أيام، تناقلت بعض وكالات الأنباء خبر استقالة أحد كبار المسئولين في حكومة رئيس الوزراء الإيطاني ماتيو رانتسي لاتهام ذلك المسئول، وهو أنطونيو غينيتل، بأنه مارس ضغوطاً على صحيفة محلية (حتى لا تنشر مقالاً يتعلق بابنه).

حسناً، البروفيسور السوداني عباس محجوب محمود، تناول بالبحث عنوان «أدب الاستقالة»، فمن بين ما كتبه هذا النص: «ذكر لي أحد الإخوة عن واقعة في بريطانيا في ستينيات القرن الماضي وفي أقصى شمال بريطانيا حيث تراكمت نفايات الفحم الحجري في منطقة ما نتيجة خطأ أو إهمال من جانب المسئولين من تلك المنطقة – مثلما يحدث عندنا دائماً- ما أدى لتراكم النفايات لعوامل مناخية مختلفة، وزحفت النفايات على مدرسة للأطفال فنجم عن ذلك خسارة كبيرة ما دفع رئيس مجلس إدارة الفحم أن يقدّم استقالته وهو في لندن باعتباره المسئول الأول عن هذا الحدث الذي وقع في مكان بعيد عنه وفي إحدى إداراته. ومع أن رئيس الوزراء لم يقبل استقالته إلا أنه أصرّ عليها، ولعل هذا ما دفع وزير الصناعة في السودان عبد الوهاب عثمان للاستقالة من الوزارة حيث أعطى درساً في تحمل مسئولية الإخفاق مع شهادة الجميع بأنه لا يتحمل مسئولية ما حدث في غير ولايته، والكثير ممن يستحقون الإقالة لإخفاقاتهم المتكررة وفشلهم يجازون بالنقل إلى موقعٍ ناجحٍ لممارسة هواية الفشل والإخفاق وتحطيم ما بني، بل تدعيم عدم المعرفة لما هو مطلوب منه أو مطلوب أن يتعلمه بقاعدة التكرار وسيلة من وسائل التعلم للشطار (...)، وبالمناسبة «الشاطر» في اللّغة العربية هو «من أعيا أهله خبثاً».(انتهى الاقتباس).

أليس في ذلك كلام عجيب جميل موجز؟ حسناً، إذا تجاوزنا المعادلة التي أفرزتها الأزمة، وتشظياتها وتبعاتها بين السلطة والموالاة والمعارضة، وصرفنا النظر عن الآثار السلبية التي نتجت عن الممارسة برمتها، والتصنيف برمته، سيبقى أمامنا تصنيفٌ آخر على المستوى الشعبي، أي بين عامة الناس في البلد لتصنيف بعضهم البعض أيضاً بين مواطن شريف «مع الحكومة» وآخر عميل «ضد الحكومة»! تصنيفٌ تبدو معادلته في قمة السخف.

والأكثر من ذلك، بل الأصعب والأشد تأثيراً، أن هناك بقعةً سوداء للغاية... يفضل من يحسب نفسه على الموالاة الحديث عنها إلا من وراء «جدار»! فيما هي متكررة بوضوح وجرأة وصدق وحماس على لسان أتباع المعارضة، وهي أن هناك مسئولين لا يستحقون البقاء في مناصبهم... أبداً! فلا هم متمكنون من إدارة أعمالهم وخدمة الوطن والمواطن بالشكل الذي يخلصون فيها للثقة، ولا هم يستطيعون حتى الوفاء بأبسط تصريح أو كلمة تصدر عنهم، ولا هم بقادرين على تغيير السلبيات المتراكمة في قطاعاتهم، إلى تحولات إيجابية.

إن المشكلة كبيرة، وكل الدول التي تحترم مسئولية صيانة الوطن وحماية حقوق المواطن، تبحث عن الأكفاء والمخلصين من ذوي التاريخ الوطني المشرف والناصع البياض، لتنصبهم في مواقع إدارة الدولة، وإن وجدت فيهم من ليس بكفؤ لتحمل المسئولية أزاحته، لا سيما أولئك من طراز (الوزارة وزارة أبوه)، فيحوّلها إلى (جهد جبار) من الإنجازات بتحكم أهله وحمولته ومن يعز عليه.

على أي حال، لن نفتأ نتحدث عن حقيقة الوضع الذين يعيشه المواطنون في البلد، فمن الصعب مراضاة الحكومة بالتطبيل والتصفيق الدائم، لأن في ذلك خيانة للوطن! من جهة أخرى، لا يعني أن انتقاد الحكومة، لابد وأن يأخذ الشكل العنيف القاسي الذي يربك الأوراق ويؤثر حتى على المنهج الوطني السلمي، فوضع اليد على مواطن الخلل والتقصير والتجاوز والفساد هو أمر مطلوب مع أنه لم يجدِ نفعاً طوال السنوات الماضية! وهذه حقيقة مرّة، لكن لا يجب أن يبقى الحال بلا (ديناميكا) تخرجنا من ذات المنهج والأسلوب والصدام والخلاف والتأجيج والطائفية ودعوات القتل والاحتراب وإشعال العلاقات، ثم يظهر من يتباكى على النسيج الوطني والسلم والوحدة الوطنية.

ولنبق في حدود رأي الشارع البحريني، فالغالبية العظمى من المواطنين أصابهم اليأس، ونقصد هنا يأسهم من أن تتبدل الأحوال إلى الأفضل. والسؤال الأصعب هو: من الذي لديه القدرة على تغيير ذلك اليأس والتحوّل إلى الأفضل مترجماً على أرض الواقع؟

والجواب البديهي: هي السلطة قطعاً! أليست هي من تستطيع فتح وإغلاق باب الرياح كما تريد؟.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4200 - الجمعة 07 مارس 2014م الموافق 06 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:42 ص

      نرفض هذا الأسلوب

      أسلوب التحكم في الوزارات على كيف وهوى المسؤولين مرفوض..... عل االسلطة إعادة النظر في هذه القضية الخطيرة

    • زائر 11 | 4:26 ص

      معارضة وموالاة !!

      حتي مصطلحاتكم عفا عليها الزمن ، يعني معرضة في البحرين تعتبر موالاة في ايران وسوريا مثلا .. والموالاة في البحرين تعتبر معارضة في ايران !! اين الفرق ومن هو الحكم على صحة هذا او ذاك ؟؟

    • زائر 13 زائر 11 | 6:19 ص

      يالله خذ

      عفا عليها الزمن.... ههههههه.... يالشيخ بسيطة... افهمها... الفاتح وربعها موالاة... الوفاق وربعها معارضة.... بس بعبعكم إيران الكن تقدرون تسحبون سفراء من مكان غير.... مو من إيران..... استخفوا الجماعة يا أستاذ سعيد الله يعينكم على هلعقليات

    • زائر 10 | 3:39 ص

      يعيشون

      انهم يعيشون ويقناتون على اكتاف المظلومين ااذين يستحقون هذه المناصب

    • زائر 9 | 3:17 ص

      احسنت

      جزاك الله الف خير في ميزان حسناتك الله يجمع الجميع على ذالك ولهم رحمة الوالدين

    • زائر 8 | 12:20 ص

      الكفاءة

      عندما يمنح المنصب بسبب الولاء و ليس الكفاءة، تكون الاستقالة اهانة لمانح المنصب. اما عندما يتبوأ الفرد منصبا بسبب كفائته و احترامه لقدراته يكون اقصر طريق لإعادة احترامه لنفسه قبل منصبه و بقية عباده الله، الاستقالة.

    • زائر 7 | 11:57 م

      ما هو المعيار

      انت تتكلم عندما يكون المعيار هو المصلحة العامه ولكن عندما تتدخل معايير اخرى فلا يهم ان يكون المسؤول مخلص في عمله او ذو كفاءه او مناسب ام لا ؟ وعلى جميع المستويات بدء من كبار المسؤولين وحتى وظيفه مراسل وإلا بماذا تفسر توظيف من تبرع بالعمل ايام إلازمه وفي وظائف حساسه ونوعيه وتثبيته في وظيفته لحد الان المعيار بعيد عن الموضوعية والمهنية

    • زائر 6 | 11:40 م

      نحن ثقتنا بالله الذي لا يرضى بالظلم وشهدنا كثيراً من نماذج زوال الظلم وذل الظالمين..

      ولنبق في حدود رأي الشارع البحريني، فالغالبية العظمى من المواطنين أصابهم اليأس، ونقصد هنا يأسهم من أن تتبدل الأحوال إلى الأفضل. والسؤال الأصعب هو: من الذي لديه القدرة على تغيير ذلك اليأس والتحوّل إلى الأفضل مترجماً على أرض الواقع؟
      والجواب البديهي: هي السلطة قطعاً!

    • زائر 5 | 11:36 م

      ليست السلطة فقط

      لكل مواطن دوره في أي موقع كان، ولو أن الكل عمل بكل إمكانياته من موقع عمله لما بقي مسؤول غير كفؤ في مكانه، ولكن للأسف الناس تتقاعس عن عملها في خدمة هذا الوطن كل بحجة تخصه، فهذا يقول هذا ما تريده الحكومة، واخر يقوم نحن نبني وهو يهدم ما الفائدة، واخر يقول اربط الحمار وين ما يعوز صاحبه، هذا فضلا عن المطبلين والمتسلقين، الدور يقع علينا جميعا في بناء المجتمع ويجب أن نبذل أقصى جهدنا لبنائه وان لا ننتظر التغيير من السلطة أو غيرها.
      ومقالك من هذا النوع.
      إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

    • زائر 4 | 11:28 م

      في التربيه والتعليم

      تعبنا تعبنا تعبنا منه .. تمييز واضح في التوظيف وسوء العمل فيهت والادارة لكن لا حياة لمن تنادي ولو كتبت مئات المقالات لن يحركوا ساكنا ولن تتغيير سياستهم

    • زائر 2 | 9:41 م

      الكرسي جاه ووجاهة لدينا فكيف تستقيل

      لك بكرسي الوزارة لدينا هل سمعت إقالة او محاكمة وزير للمحاكم من يقدم هم الصغار اما الكبار فمحال تمر العقود وتقاعده يكون القبر

اقرأ ايضاً