طالعتنا الصحف قبل أيام، بتفاصيل ما دار بين رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز سالم الكواري أثناء لقائه عدداً من المحامين على خلفية الشكوى التي رفعها نحو تسعين محامياً بشأن المعاملة غير اللائقة من قبل بعض القضاة وأفراد من الشرطة بالمحاكم، حيث أكّد سعي المجلس الأعلى للقضاء في تقديم عمل قضائي نقي بعيد عن السياسة والقبلية والطائفية حسب ما نُشر في الصحف.
ونقتبس من اللقاء التصريح التالي: «بعض القضاة نزعوا عنهم رداء القاضي، وأصبحوا كموظفين عموميين»، مؤكداً أنه يسعى إلى أن تكون السلطة القضائية «نقية» وبعيدة عن السياسة والقبلية والطائفية، مشيراً إلى أن بعض القضاة حالياً تأثروا بالأوضاع الأمنية، وأصبحوا يفكّرون بطريقةٍ أمنية، وأضاف: «كان هناك خلط من بعض القضاة بين الأمن والعدالة، ويجب أن لا يفكّر القاضي بطريقة أمنية».
الكواري آكد أن منهج مجلس القضاء الأعلى هو تحقيق كرامة المواطن وحفظ حقوقه بدءاً من وصوله إلى مقر وزارة العدل، حيث يجب أن يعامل باحترام من قبل الجميع، كما شدّد على احترام مكانة القاضي، وكذلك المحامي بصفته القضاء الواقف، وبصفتهما جناحي العدالة... ولفت الى أن أي خلل يصيب العلاقة بينهما ينعكس سلباً على العدالة، معرباً عن رفضه لعدم استقلال السلطة القضائية، موضحاً أن الاستقلال لا يجزأ، وأنه يسعى لخلق قضاء نقي.
المحامون من جانبهم أكدوا احترامهم للقضاء ولمجلس الأعلى للقضاء وثقتهم في المجلس ومعرفتهم بأعضائه وصدق نواياهم، ولذا فهم تقدموا بشكواهم من أجل حفظ مكانة القضاء والمحامين والمتهمين والمواطنين، وطالبوا بتفعيل جهاز التفتيش القضائي، ما أكد الكواري أنه ستتم إعادة تشكيل جهاز التفتيش القضائي بطريقة تحفظ للقضاء مكانته.
وحول الشكاوى بشأن التعامل الأمني غير اللائق مع بعض المحامين، أوضح الكواري أنه استدعى رئيس الشرطة وناقشه بشأن الشكاوى المقدمة منهم، فيما أشار إلى أن الظروف الأمنية قد تقتضي في حالات منها اتخاذ إجراءات معينة لكن مع التعامل بلياقة وأدب، وأكد في الوقت ذاته على أن باب المجلس الأعلى للقضاء مفتوح لكل المحامين والمواطنين، وأنه ينتظر من المحامين التواصل مع المجلس بشكل مستمر.
واشتكى المحامون من رفض بعض القضاة تسجيل طلباتهم في محضر الجلسة، مؤكدين أنهم بينوا ذلك بالأمثلة في شكواهم، بينما اشتكت إحدى المحاميات من تصرفات رجال الأمن الشخصية داخل وخارج المحكمة وفي أروقة المحاكم، وطالبت بضرورة تقديم محاضرات لهم في السلوكيات الواجبة عند التعامل مع المواطنين والمحامين.
إن تصريحات الكواري تعد خطوةً في الاتجاه الصحيح، فمنذ العام 2011 لم نسمع من أي مسئول في السلطة انتقاده صراحةً ما يُمارس في أروقة ومفاصل وزارات ومؤسسات الدولة. فهناك الكثيرون ممن مارسوا نوعاً من التضليل عبر الدفاع المستميت دون أن يكون لذلك علاقة بكون ما يُرد عليه حقيقة أم تجنياً، فالعقلية التي تُحكم المؤسسات الرسمية ما تزال تنظر للشكاوى على أنها عداء، في حين ينظر إليها العاقل على أنها تقييم مستمر لمستوى الأداء يستوجب الشكر لا التجاهل أو التجاسر.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 4196 - الإثنين 03 مارس 2014م الموافق 02 جمادى الأولى 1435هـ