العدد 4195 - الأحد 02 مارس 2014م الموافق 01 جمادى الأولى 1435هـ

زيارة الدول الآسيوية... نحو أساس متين لشراكات اقتصادية جديدة

عبدالرحمن جواهري

رئيس شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك)

للمرة الرابعة، وخلال أقل من عامين، ارتأى عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، توجيه الجهود، وشدّ الرحال إلى بلد جديد في القارة الآسيوية، إلى الدولة الأكثر نمواً في الألفية الجديدة، والتي تبشر أسواقها بفرص واعدة على العديد من المستويات، إلى جمهورية الهند الصديقة التي يمكن النظر إليها كواحدة من أهم الشركاء الاقتصاديين بالمنطقة.

وقد كان لي أن تشرفت بأن أكون، كما في المرات السابقة، عضواً بالوفد الاقتصادي المرافق لجلالته حفظه الله، حيث سعدت لأن أكون من جديد، شاهداً على النجاح الذي تحققه تلك الزيارات الملكيّة الساميّة والتي شكلت فرصة للبحرين لبناء تحالف آسيوي قوي.

وبترحاب كبير، استقبل الرئيس الهندي براناب موخرجي، جلالة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والوفد المرافق حيث جرى استعراض العلاقات الثنائية وبحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما قام رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في مقر الحكومة الهندية في نيودلهي، باستقبال جلالته حفظه الله ورعاه في اجتماع سادته أجواء حميمية عكست عمق العلاقات بين البلدين، والتي تمتد جذورها إلى سنوات طويلة جداً، وتكتسي بعداً تاريخياً يجمع بين البلدين والشعبين.

وبحضور رئيس الوزراء الهندي وعاهل البلاد المفدى، جرى التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، منها مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الشبابية والرياضية، وأخرى لإنشاء لجنة عليا مشتركة للتعاون الثنائي بين حكومتي البلدين، ومذكرة تفاهم بين معهد الخدمة الخارجية بوزارة الشئون الخارجية الهندية والأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية البحرينية.

لقد شكلت هذه الزيارة فرصة جديدة للتعبير عن متانة العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية الهند الصديقة، كما سنحت للوفد البحريني المرافق الذي ضم العديد من أصحاب السعادة الوزراء ورموز الإقتصاد والمال والتجارة والأعمال، الإطلاع على التقدم الذي تعيشه جمهورية الهند على كافة المستويات، فكما هو معلوم للجميع، تتميز الهند بثقلها السياسي والاقتصادي على المستوى الآسيوي والعالمي، ومن المتوقع لنتائج هذه الزيارة أن تسهم في إحداث العديد من الانعكاسات الإيجابية على صعيد التعاون الثنائي سياسياً واقتصادياً.

لقد حققت زيارة الهند، والزيارات الآسيوية السابقة لجلالة الملك، مكاسب اقتصادية وسياسية لا حصر لها، فقد ساهمت في وضع البحرين مجدداً في مكانها اللائق، إذ أن المملكة وعلى الرغم من صغر مساحتها، إلا أنها تظلّ قبلة أنظار العالم أجمع، ومحلّ احترام الشعوب وتقديرها، فالدول لا تقاس بمساحتها ولا بالجغرافيا، إنما تُقاس الأوطان وتقدّر بالأعمال والانجازات الكبيرة، وهو ما نجح جلالة الملك في تأكيده خلال جولاته الأخيرة التي أسهمت في وصول العلاقة بين مملكة البحرين وتلك الدول لمستوى استراتيجي متميز.

ولعلّ اللافت خلال زيارات الملك المفدى للدول الآسيوية الصديقة التي شملت بالإضافة إلى الهند كلا من الصين واليابان ومملكة تايلند، هو ما يجده جلالته من ترحاب وحفاوة تفوق الوصف، وتعكس حجم الاحترام الكبير الذي يكنه قادة تلك الدول لمملكة البحرين، ممثلة بقائد مسيرتها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفه حفظه الله ورعاه.

لقد أدرك جلالته حفظه الله، برؤيته الثاقبة، وبحسه الوطني، الأهمية الكبيرة التي تشكلها بلدان الشرق الآسيوية ليس فقط على المستوى السياسي فحسب، بل كذلك على المستوى الاقتصادي، حيث يمكن لهذه الدول أن تشارك بنشاط في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التنويع الصناعي للملكة، كما يمكنها من جانب آخر الإسهام في تعزيز المصالح المشتركة وتلبية تطلعات الشعوب. وقد ساعدت هذه الجولة الآسيوية في تهيئة أساس متين لتنمية العلاقات الراسخة بين مملكة البحرين وتلك الدول الصديقة، كما أنه من المتوقع أن تسهم مذكرات التفاهم التي تم توقيعها مع تلك الأطراف بتلك الدول، في زيادة التعاون وتوطيد العلاقات على جميع المستويات.

لقد أسست تلك الزيارات الملكيّة الساميّة للعديد من برامج العمل المشتركة التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تنمية العلاقات عبر تبادل الخبرات والزيارات، حيث كان جلالته حفظه الله قد أعرب في أكثر من مناسبة، خلال تلك الزيارات التي تشرفت فيها بمرافقة جلالته، عن شعوره بالسعادة الغامرة والرضا وهو يرى علاقات الصداقة بين البحرين وتلك الدول الآسيوية تنطلق نحو آفاقٍ رحبةٍ من التعاون والشراكة في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية تحقيقاً لمصلحة الشعوب.

إن الزخم الذي أضفاه الوجود الشخصي لصاحب الجلالة الملك المفدى، قد أسهم إلى حدٍ كبير في تحقيق النجاح الكبير لهذه الزيارات، فإن كل من تشرف بمرافقة جلالته، قد أدرك بحق، حجم المجهود الكبير الذي يبذله جلالته رعاه الله، خلال تلك الزيارات، فلم تكن المهمّة سهلة أبداً بأي شكل من الأشكال.

فإن كان ثمة كلمة شكر، فهي بعد الله موجهة إلى مقام سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، لسعيه وإصراره على إنجاح المهمة، إذ آلى على نفسه الاضطلاع بمهام الترويج لبلاده والتسويق لها، ونقل الصورة الناصعة لهذه الجزيرة الواعدة بما تتيحه من فرصٍ للشراكة البناءة، علاوة على سعيه لإطلاع قادة هذه الدول الآسيوية على حقيقة الدور الإستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه البحرين في نصرة قضايا الأمن والسلام حول العالم.

ولاشك أن الشكر موصول كذلك للحكومة الموقرة التي وفرت من خلال وزاراتها كافّة التسهيلات التي أسهمت في إنجاح هذه الزيارات، ولعلّ الأدوار والمهام الصعبّة التي اضطلع بها كل من معالي وزير المالية الوزير المشرف على شئون النفط والغاز، وسعادة وزير التجارة والصناعة وسعادة وزير المواصلات القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، خلال هذه الجولات المكوكيّة، قد أسهمت على نحوٍ كبير في تسويق فرص الاستثمار المتوفرة في البحرين، إضافة بالطبع إلى جهود رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين في المجال نفسه.

ولعل من أبرز ما تميزت به زيارات جلالة الملك المفدى الأخيرة، هو مرافقة العديد من سيدات البحرين وخصوصاً مشاركة مجموعة من سيدات الأعمال البحرينيات، اللاتي عكسن عبر تواجدهن الفاعل مع الوفد، الصورة المتطورة للمرأة في البحرين والإمكانيات التي تتيحها لها المملكة للنجاح دون قيود ومحظورات.

وقد أضافت مشاركة التجار ورؤساء الشركات زخماً كبيراً خلال تلك الزيارات الملكيّة، سواء جاءت مشاركتهم ضمن الوفد الرسمي أو كوفود مستقلة أرادت الإسهام بجهودها للترويج للبحرين، كما لا يمكننا إغفال الدور الرائع الذي قام به مجلس التنمية الاقتصادية سواء في مجال الترتيب والتنظيم والإعداد لجدول زيارة الوفد الاقتصادي، أو في إسهامه المثمر في الاجتماعات التي عُقدت خلال الزيارة.

وأخيراً... يبقى حمد بن عيسى، القائد الناجح الذي حلّق بالمملكة عبر رؤيته الثاقبة إلى حيث تستحق، فقد شهدت عن قرب حجم جهوده الاستثنائية، وسعيه المخلص لوضع البحرين على خريطة العالم، فلم تكن الزيارات أبداً مجرد زيارات اعتيادية، بل كانت تسويقاً ناجحاً لوطن يتمتع بالقدرات والموقع الجغرافي والطاقات البشريّة التي تعشق العمل والعطاء والإبداع، وطن استطاع قادته تحويله وفي غضون سنوات قليلة إلى رقم صعب، لم تتمكن الأزمات من النيل منه، لتثبت البحرين للجميع أنها وإن كانت صغيرة بمساحتها، إلا أنها تبقى كبيرة بسعّة قلوب قيادتها ومواطنيها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالرحمن جواهري"

العدد 4195 - الأحد 02 مارس 2014م الموافق 01 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً