عُرفت البحرين بوفرة المتعلمين والمثقفين في مختلف التخصصات، ومن يتصفح الدورة التاريخية التي تحمل عنوان البحرين خلال أربعة عشر قرناً للمؤرخ سالم النويدري، تتضح له حقيقة أبناء البلد العلمية التي تمتد إلى ما قبل التاريخ الإسلامي، حيث كانت زاخرة بالعلماء والشعراء والأدباء الأفذاذ، وكانت مأوى لكل طالب علم ومعرفة دون أن تنظر إلى هويته الدينية أو المذهبية أو العرقية.
وكانت قرى ومدن البحرين تحتضن علماء في مختلف الفنون الفقهية والأدبية والفكرية، ناهيك عن أنها سبقت جميع دول المنطقة في التعليم النظامي، حيث بدأ العام 1919 للبنين، و1927 للبنات، وكان للأهالي أيضاً نصيب رائد في تأسيس التعليم في البحرين، حيث قاموا بتأسيس مدرستين، الأولى «مدرسة المباركة العلوية» في الخميس (1928)، والثانية «المدرسة الجعفرية» (أبو بكر الصديق حالياً) في المنامة (1929).
ما نقصده أن عمر التعليم النظامي وصل بحلول العام 2014 إلى 95 عاماً، والمؤسف أنه بعد هذا العمر المديد للتعليم مازالت وزارة التربية والتعليم تستعين، رغم وجود مئات الكوادر الوطنية المؤهلة العاطلة، بمدرسين ومدرسات أجانب للتدريس في مختلف المراحل الدراسية كما قال وزير التربية والتعليم، في التخصصات التالية: نظام فصل، اللغة الإنجليزية، اللغة العربية، اللغة الفرنسية، العلوم، تربية أسرية، تربية خاصة، بطيئو التعلم، صعوبات التعلم، تفوق وموهبة، ملابس جاهزة وأنسجة، مجالات عملية أخرى، أعمال صحية، اقتصاد منزلي، التربية الفنية، موسيقى، التصميم، التقانة، الحاسب الآلي، الرياضيات، الزراعة، السيارات، إلكترونيات صناعية، اللحام، الفبركة، النجارة والأثاث، إنشاءات صناعية، مواد صناعية عامة، تشغيل معادن، تكييف وتبريد، حساب مقايسات، رسم صناعي، كهرباء، مواد تجارية، ميكانيكا، هندسة إلكترونية... وكأن البحرين التي كانت رائدةً بين دول المنطقة في التعليم عقمت ولا تستطيع إنجاب كوادر تعليمية وتربوية وطنية، يحملون على عواتقهم مسئولية تعليم الأجيال الحاضرة والقادمة.
إن عجز وزارة التربية والتعليم بعد 95 عاماً من بدء التعليم في البحرين، عن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في السلك التربوي والتعليمي في مختلف التخصصات، يعتبره التربويون طامةً كبرى بكل المقاييس، ولو رجعنا إلى الحسابات الواقعية من المفترض أنها حققت الاكتفاء الذاتي تربوياً وتعليمياً منذ زمن بعيد. والآن تبعث الفائض من المعلمين المؤهلين إلى الدول المجاورة الشقيقة ليقوموا بدورهم التربوي والتعليمي، وليس كما هو الحال المؤلم الآن.
إن عجز وزارة التربية عن تلبية احتياجات التعليم الأساسية ناتج من أسباب كثيرة ومتعددة، وكل من يعيش في هذه البلاد يعرفها جيداً، وعلى رأسها الطائفية البغيضة التي تقف حائلاً سميكاً بين حاجة التعليم الأساسية ومنهجية الوزارة وممارساتها غير التربوية. فالمراقبون يرون التعليم في البحرين في تراجع بصورة مخيفة، ما يطرح علامات استفهام كبيرة جداً، فلماذا يصاب التعليم بمثل هذه النكسات المؤلمة التي تجبره على التراجع والتدني المخيف، مع وجود وفرة في الإمكانيات والطاقات الوطنية المتميزة؟ أليس من المعيب أن تجعل الوزارة التعليم ضحية للمصالح الشخصية والفئوية والنوازع النفسية البغيضة؟ أليس ما يعمل بالتعليم والمعلمين يستحق من عقلاء البلد أن يتدخلوا سريعاً لإعادته إلى سكته الصحيحة؟
إن المس الذي أصاب التعليم وجعله ضعيفاً غير قادر على مواكبة متطلبات سوق العمل، سينعكس ضرره حاضراً ومستقبلاً على كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والاجتماعية، شئنا أم لم نشأ، والإفراط في شغل الطلبة والطالبات في أمور غير مفيدة وإلحاق غير المؤهلين تربوياً وتعليمياً بمهنة التعليم تحت مسمى «المتطوعين»، وإيصالهم إلى مواقع متقدمة والتضييق على التربويين المؤهلين الذين ينتمون إلى طائفة معينة، يسهم بصورة مباشرة في ضياع التعليم ويضعه في مهب الريح. وكل ما يطالب عقلاء الوطن وقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية هو أن تحترم الوزارة تاريخ التعليم الطويل الذي يقترب من القرن، وأن تتعامل بوطنية وتجرد مع التربويين من كل المؤثرات السلبية التي تؤذيه، والالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص وتطبيق مفهوم المواطنة الحقيقية، وإعطاء كل ذي حق حقه، والالتزام بالمساواة والعدالة الوطنية في التعيينات والتوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت والبعثات، وعدم بخس حقوق التربويين من إداريين ومعلمين واختصاصيين ومرشدين اجتماعيين وفنيين ومهنيين وغيرهم من التخصصات لدوافع الانتماء المذهبي.
وفي اعتقادنا أن هؤلاء لا يطالبون بأكثر من الحد الأدنى من الواجب الوطني الواجب على الوزارة القيام به تجاه التعليم، ولو التزمت الوزارة بهذه المبادئ والقيم والأخلاقيات الوطنية والتربوية، لما وصل التعليم إلى هذا المستوى المأساوي حيث لا يستطيع الاستغناء عن الموظفين الأجانب الذين يكلفون اقتصاد البلاد الشيء الكثير. فهل سيجد التعليم أذناً صاغية لتنقذه من السقوط في الهاوية؟
نأمل أن نرى التعليم في المستقبل القريب قد تحسن حاله، ويكون قادراً على القيام بدوره التربوي والتعليمي والوطني على أفضل وجه.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4191 - الأربعاء 26 فبراير 2014م الموافق 26 ربيع الثاني 1435هـ
اليس المفروض تغيير وزير التربية ؟
صدق الحاج سالم وكانت تسمى النويدرات باسم وزارة التربية والتعليم وذلك بسبب العدد الكبير من ابنائها وبناتها يعملون في التعليم اما الآن فهي اكثر منطقة ابنائها في السجون ومن خيرة الابناء وبالفعل فنحن كمعلمين ومعلمات نعاني فجهدنا ضائع اما ع اجتماعات واوراق واستمارات وورش والتلاميذ لا احد لهم الله يكون في العون والثقافة العددية الي تحتاج الى اعادة دراسة فنحن كنظام فصل ليس تخصصنا علمي فمعظمنا كان تخصصنا ادبي والآن مطالبين بشرح دروس نحن اساسًا لا نعرفها نحتاج الى احد يشرحها لنا ومن ثم نشرحها للتلاميذ
مقال قمة في الأهمية
اليوم سيجن جنون من يطلقون على انفسهم ( تربويون ) بعد قراءة هذا المقال... وستطبع التربية عنانها للنازحين أمثال ......
قرن من الزمن
نعم استاذنا الفاضل 5 سنوات تفصلنا عن اكمال قرن من الزمن ولا زلنا نستورد مدرسين من الخارج رغم وجود الالاف من الكوادر المؤهلة . ولكن قدرنا في هذا الوطن ان نبتلى ويكون نصيبنا التهميش لاننا اخترنا موقف الكرامه والحق وعبرنا عن راينا الذي لا يليق لوزارة كان من المفروض ان تكون تربويه وليس عسكريه
من اردى لي اردى
دام الطائفية اساس التقييم .. والتوظيف والترقيات والتطوير .. عجل ابشروا بمستوى اخس من الي قاعد يصير بعد
مفصولوا كلية المعلمين من افضل الطلاب واحسنهم تحصيلاً .. رفضتم توظيف بعضهم وارجاع الاخر لإكمال الدراسة والاسباب ايضاً طائفية ..