يمتاز دوري كرة القدم لدينا بكثرة المآسي من غياب المستويات الفنية العالية إلى غياب الجماهير إلى غياب الاهتمام الحقيقي وغياب الرعاية والتمويل وغيرها من الأمور الكثير.

غير أن ما يستوقفني كثيرا عندما أتابع بعض مباريات الدوري هو دور حراس المرمى في تلك المباريات، وهو دور متوارث منذ عهد السبعينات تتوارثه الأجيال عن ظهر قلب دون تغيير أو تحديث في ظاهرة غريبة لم تعد موجودة إلا في ملاعبنا والملاعب القريبة منا.

ففي الوقت الذي نشاهد فيه الدور الكبير لحارس المرمى في الدوريات الأوروبية والدوريات العالمية إن لناحية صد الهجمات الخطرة والذود عن مرماه إلى المساعدة في بناء الهجمة وصولا إلى دعم الفريق معنويا، فإنه لدينا مازال يمتاز بمهارة أزلية متوارثة تتعلق بالتمثيل واضاعة الوقت والسقوط المتكرر مع أقل احتكاك للفت الانتباه ربما أو للتدليل على وجوده في الملعب في ظل محدودية الهجمات على مرماه وضعف مساهمته مع الفريق.

فعلاوة على بطء الدوري وكثرة توقف اللعب ووجود الكرة خارج الملعب أكثر منه داخله، فإن حراس المرمى يزيدون الطين بلة ويجبرونك على تغيير القناة التي تشاهد فيها اللقاء بإفسادهم الكامل لكل معاني كرة القدم الحديثة.

فلم يعد هناك في العالم حراس يدعون السقوط مع كل كرة إلا لدينا، ولم يعد هناك حراس في العالم يحتاجون لدخول المعالج إلا في الحالات الصعبة التي تتطلب استبدالهم أو نقلهم للمستشفى، أما لدينا فالمعالج يدخل مع كل كرة يتصدى لها الحارس ومع كل ضربة ركنية ومع أبسط احتكاك ويظل الحارس يسقط ويمثل ويواصل اللعب بأسلوب عفى عليه الزمن وتجاوزته الكرة العالمية بعقود زمنية.

ولم يعد هناك حراس يضيعون الوقت ويستهلكونه في تسديد ركلة المرمى وفي جلب الكرة من خارج الملعب وفي الطيران في الهواء من دون كرة بشكل يتفننون فيه فقط في اتعاب المشجع وارهاق أعصابه.

شخصيا لم أفهم العلاقة إلى الآن بين سقوط الحارس ودخول المعالج مع كل تصد شبه خطر لهجمة على مرماه، فهل هو يريد أن يقول أني تصديت لهذه الكرة فشاهدوني؟.

لا أظن أن حراس المرمى لدينا منفصلون عن العالم أو يعيشون في عالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه، وما كان يفعله السابقون لم يعد يتناسب مع عصرنا ولا مع كرة القدم الحديثة لأنه يثير السخرية والاشمئزاز، إلا إذا كان الزمن قد توقف لديهم منذ العام 1970!