اتفاقية التعاون بين حكومة مملكة البحرين وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) لدراسة تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في البحرين، حدث بيئي مهم له دلالته الاستراتيجية في تمكين البحرين من إنجاز خططها البيئية الطموحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الاتفاقية تركز في منظومة خطة عملها على تنفيذ دراسة الجدوى لإقامة مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة تقنيات الطاقة المتجددة، وتحديداً الطاقة الشمسية، وتتمحور أهداف الدراسة في العمل على معرفة مدى إمكانية وجدوى إقامة تلك المحطات في مملكة البحرين.
وتشكل الاتفاقية تنفيذاً لما جرى الاتفاق بشأنه في اللجنة العليا المشتركة بين مملكة البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة في 18 ديسمبر 2013 في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وما جرى الاتفاق عليه بين المجلس الأعلى للبيئة وشركة «مصدر» للتعاون في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في البحرين.
ويشكل التوقيع على الاتفاقية خطوةً عمليةً لتنفيذ برنامج خطة عمل الحكومة في البحرين لتنويع مصادر الطاقة والاستثمار في الطاقات المتجددة والبديلة والمساهمة في خفض انبعاث الملوثات في الهواء الجوي، وعلى الأخص غازات الاحتباس الحراري التي تؤثر في زيادة ظاهرة التغيرات المناخية، والمساهمة في دعم التوجيهات والجهود العالمية للتنمية المستدامة، ودعم الاقتصاد الوطني في توفير الطاقة للاستخدامات التنموية المتنوعة.
وفي سياق تقييمه للبعد الاستراتيجي للاتفاقية يشير الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة عادل الزياني إلى أهمية الاتفاقية في «دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في جميع المجالات وتوثيق الروابط بين شعوب دول المجلس من خلال إقامة مشاريع مشتركة وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيما بين هذه الدول في شتى المجالات بما فيها التنمية المستدامة»، ويؤكد على أن الاتفاقية «تعد ترجمةً حقيقيةً لتوجهات الحكومة التي تضمنها برنامجها 2011 - 2014، وخصوصاً فيما يتعلق بتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجدّدة والبديلة من أجل خفض التأثير البيئي لتوليد الطاقة وتحقيق فوائد عديدة من حيث توفير البيئة الصحية والمستدامة وتحقيق اكتفاء ذاتي وأمن الطاقة».
الاتفاقية تعد أيضاً تجسيداً فعلياً لمبادئ استراتيجية المشروع الدولي البيئي في شأن تعزيز التعاون العلمي والتقني بين الدول الذي يجري التأكيد عليه في مبادئ المواثيق الدولية المعنية بالشأن البيئي، ويمكن تبين ذلك في المبدأ (20) من وثيقة ستوكهولم لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية للعام 1972، الذي يؤكّد على أنه «يتعين دعم وتعزيز التدفق الحر للمعلومات العلمية المستكملة، ونقل الخبرة، لتسهيل حل المشاكل البيئية». وفي السياق ذاته يجري التأكيد في المبدأ (9) من إعلان ريو لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية للعام 1992 على أنه «ينبغي أن تتعاون الدول في تعزيز بناء القدرة الذاتية على التنمية المستدامة بتحسين التفاهم العلمي عن طريق تبادل المعارف العلمية والتكنولوجية، وبتعزيز تطوير التكنولوجيات وتكييفها ونشرها ونقلها، بما في ذلك التكنولوجيات الجديدة والابتكارية».
وتشكل معالجة مشكلة نقص الطاقة مسألة محورية في الاتفاق البحريني الإماراتي، وهي من القضايا البيئية المهمة في المشروع الدولي البيئي، وذلك ما يجري التشديد عليه في المبدأ (43) في وثيقة مؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة للعام 2002 الذي يؤكد على أن عناصر المجتمع الدولي «ملتزمون بمعالجة مشكلة نقص الطاقة التي تؤثر على البلدان النامية».
وينبغي التأكيد على حقيقة مهمة، بأن الاتفاق البحريني الإماراتي يعزّز من قدرات التحوّل الممنهج في استخدام الطاقة البديلة والنظيفة في عملية التنمية التي يجري التأكيد عليها في وثيقة مبادئ ريو+20، في المبدأ (127) على أن الدول تجدّد تأييدها «لتنفيذ سياسات واستراتيجيات على الصعيدين الوطني ودون الوطني تنطلق من الظروف الوطنية والطموحات الإنمائية التي ينفرد بها كل بلد، وذلك عن طريق استخدام مزيج من أصناف الطاقة المناسبة لتلبية الاحتياجات الإنمائية، بما في ذلك من خلال زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة وغيرها من التكنولوجيات المنخفضة الانبعاثات». ويحث المبدأ ذاته الحكومات على «تهيئة بيئات مواتية تيسر الاستثمارات العامة واستثمارات القطاع الخاص في تكنولوجيات الطاقة الأنظف المفيدة والمطلوبة».
كما أن الوثيقة سابقة الذكر في المبدأ (128) تؤكد على أن الدول تسلم «بأن تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وزيادة حصة تكنولوجيا الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الأنظف والفعالة من حيث الطاقة، أمورٌ مهمةٌ لتحقيق التنمية المستدامة، بما في ذلك معالجة ظاهرة تغيّر المناخ». كما تؤكد على «ضرورة اتخاذ تدابير تضمن كفاءة استخدام الطاقة في التخطيط الحضري والمباني والنقل، وفي إنتاج السلع والخدمات، وفي تصميم المنتجات»، و»أهمية تعزيز الحوافز المشجعة للكفاءة في استخدام الطاقة وإزالة مثبطاتها، وتنويع مصادر الطاقة المتعددة، بما في ذلك تشجيع البحث والتطوير في جميع البلدان، ولاسيما البلدان النامية».
يمكن القول إن الاتفاق إضافةٌ مهمةٌ للعمل البيئي الخليجي، وخطوة استراتيجية تسهم بشكل عملي في تعضيد اتجاهات استراتيجية العمل البيئي للتحوّل الممنهج لاستخدام الطاقة النظيفة، ويعزّز من جهود دول المجلس في إنجاز أهداف التنمية المستدامة.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4185 - الخميس 20 فبراير 2014م الموافق 20 ربيع الثاني 1435هـ